بيزنس التأهيل للكليات العسكرية في مصر

بيزنس التأهيل للكليات العسكرية في مصر

17 يوليو 2019
تستغل المراكز آمال الشباب (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

تلعب مراكز، تطلق على نفسها اسم "أكاديميات عسكرية" على أمل تلاميذ الثانوية العامة في مصر، في الدخول إلى الكليات العسكرية، فتجني المال منهم بذريعة تدريبهم وتأهيلهم

مع الإعلان عن قبول دفعات جديدة في الكليات العسكرية (الحربية والشرطة) في مصر، بالتزامن مع إعلان نتائج الثانوية العامة والأزهرية، تنتشر بشكل كبير إعلانات أكاديميات التأهيل العسكري بشوارع المحافظات، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل النقل المختلفة خصوصاً في القاهرة، كونها مقر تلك الكليات، فتصور نفسها كأنّها جهات رسمية، من دون أيّ تدخل من جانب الحكومة لمنعها. وتتقاضى الأكاديميات مبالغ تبدأ من 5 آلاف جنيه (300 دولار أميركي) لدورة لا تتجاوز أسبوعين.




وكانت عضو مجلس النواب المصري آمال رزق الله، تقدمت بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء بشأن انتشار مراكز تأهيل الطلاب للكليات، إذ يجري الترويج لها بكثرة بين تلاميذ الثانوية العامة، من دون أي رقابة من الحكومة والجهات المعنية، مطالبة بملاحقة سماسرة مراكز تأهيل المتقدمين للكليات العسكرية، وتطبيق الرقابة الكاملة عليها، وضبطها على الفور قبل وقوع المزيد من الضحايا، بعد انتشارها بشكل يخلق منها شبحاً أكبر من شبح الدروس الخصوصية.

تلك الأكاديميات تضع التلاميذ في اختبار شبيه بالاختبارات العسكرية، ومنها الكشف الطبي واللياقة البدنية، وقد ادعت أنّها تستطيع التوسط لإلحاق التلاميذ بتلك الكليات، كما أكد القائمون عليها من خلال منشورات يجري توزيعها أمام المتقدمين وأولياء الأمور بالتزامن مع سحب استمارات الكليات العسكرية، بأنّ المدربين العاملين فيها أكاديميون وعسكريون من داخل الكليات العسكرية، وهو ما يشير إلى وجود نوع من الرشاوى والتوصيات بين المتقدمين وتلك الكليات. ويعتبر البعض أنّ تلك الأكاديميات تستغل رغبة تلاميذ الثانوية العامة والأسر المصرية بالالتحاق بالكليات العسكرية، ويجنون من ورائهم الملايين من الجنيهات.

من أبرز الأكاديميات والمراكز المتخصصة التي تعلن قدرتها على التأهيل للكليات العسكرية داخل مصر "أكاديمية الديب" التي تعد من أقدم تلك الأكاديميات، والتي بات لديها أكثر من فرع داخل القاهرة وعدد من المحافظات المصرية، وتنشر إعلانات مذيلة برقم هاتفها المخصص للحجز والاستعلام. وهناك أكاديمية "الروبي" التي تقدم نفسها من خلال الإعلانات في الشوارع، على أنّها من أبرز الأكاديميات المتخصصة في التأهيل للكليات العسكرية، وتغطي فروع لها عدداً كبيراً من المحافظات، ولديها في القاهرة عدة فروع تستقبل المتدربين يومياً من الساعة السابعة صباحاً. وصل الأمر بأكاديمية "الروبي" إلى التأكيد أنّ 95 في المائة من المقبولين سنوياً بالكليات العسكرية هم من خريجيها. وهناك أكاديمية "البطل" للتأهيل العسكري، وغيرها عشرات من الأكاديميات التي تؤكد كلّ واحدة منها أنّها الأجدر في التأهيل لدخول الكليات العسكرية.

يكشف أحد العاملين بتلك الأكاديميات، أنّ الطلب الذي يملأه التلميذ، ويصل سعره حالياً إلى 200 جنيه (12 دولاراً)، يتم فيه تدوين الاسم ووظيفة الأب والأم، وبعد سداد المبلغ، يقدم التلميذ صورة من البطاقة الشخصية، وصورة شخصية وإذا لم تكن هناك صورة فلا مانع. يتابع أنّ كلّ التدريبات العسكرية الأخرى لها مبالغ مالية مختلفة، مثل التدريب على الجري والغطس في الماء والتأهيل النفسي، التي تبلغ ما بين 500 (30 دولاراً) و700 جنيه (42 دولاراً)، لافتاً إلى أنّ التلميذ يدفع يومياً مبالغ مالية تصل في النهاية إلى أكثر من 5 آلاف جنيه (300 دولار) خلال خمسة عشر يوماً. وقد وصل التبجح بأصحاب تلك الأكاديميات إلى التأكيد للتلاميذ أنّهم يضمنون دخولهم إلى الكلية العسكرية من دون خوف أو خشية. يتابع أنّ هناك أشخاصاً داخل تلك الأكاديميات مهمتهم دفع التلاميذ إلى إقناع أولياء أمورهم، خصوصاً الأغنياء منهم، لدفع "المعلوم" مقابل الالتحاق بالكليات العسكرية، علماً أنّ معظم هذه المحاولات فاشلة، وربما تنتهي إلى ضياع تلك الأموال وعدم قدرة أصحابها على المطالبة بها، خوفاً من الفضيحة. يعتبر أنّ عمل تلك المراكز التي تطلق على نفسها لقب "أكاديمية عسكرية" ليس أكثر من عملية نصب على المواطنين.




من جهته، يقول أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الدكتور إمام السيد، إنّ الفساد وأوضاعاً اجتماعية ساءت بشكل كبير داخل البلاد أخيراً. يشير إلى أنّ انتشار الأكاديميات العسكرية من دون ترخيص، والرشاوى من أجل الالتحاق بتلك الكليات، بهدف استغلال حاجة الناس، يؤكد عدم المساواة والعدالة الاجتماعية بين المواطنين، مطالباً بضرورة تقنين أوضاع تلك المراكز وترخيصها وتحصيل ضرائب عليها. أما كونها تعمل في الظلام فهو ما يمثل تهديداً مجتمعياً، وعندما يدفع الشاب أموالاً من دون حصوله على البرنامج التأهيلي للكليات العسكرية والجامعية ذات القدرات والاختبارات الخاصة، يشعر بأنّه تعرض لعملية خداع، كما يضيف. ويطالب بضرورة وجود منظومة علمية متكاملة داخل الكليات العسكرية، حتى يجري تخريج طلاب قادرين على تحمل المسؤولية.

المساهمون