الحرب على الإرهاب

الحرب على الإرهاب

17 يوليو 2019
هيا بنت الحسين ومحمد بن راشد (مارك كوثيرت/ Getty)
+ الخط -
حين انتشرت صورة مريم المنصوري، قائدة الطائرة الحربية الإماراتية عام 2014، كانت الإمارات العربية المتحدة تسعى من خلالها إلى إضفاء طابع "حضاري" ومتقدم على الحرب ضد "الإرهاب". حينها، استغلّوا مكانة ومهنة مريم لتغذية بروباغاندا سياسية وإعلامية لا تخدم سوى مصالحهم الذكورية. ربما انطلت الحيلة على الكثيرين، ولا سيما أولئك الذين انتفض فيهم الحسّ الذكوري، وأقاموا الدنيا على ضرورة عدم مشاركة النساء في مهن "رجالية". وهكذا، أكملت الإمارات (أو ربما بدأت) مسار استغلال حقوق الإنسان والنساء لمصالحها السياسية، ولإعطاء صورة "حضارية" عن البلد وعن احتفاله "بالتنوع" و"بقبول الآخر" وحتى بالتحرر الجندري.

أن يتضمن الدستور في الإمارات حقوقاً متساوية للنساء والرجال في ما خصّ الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهو حبر على ورق. وأن تكون الإمارات العربية المتحدة على رأس الدول العربية في تقرير الفجوة الجندرية لعام 2018 هو أيضاً، فهو أمر يكمل مسار الصورة "الإعلامية" الزائفة التي يريد لها النظام أن تظهر عن تلك البلاد.

ممارسات النظام الذكورية والكارهة للنساء ضاربة في العمق. واليوم بدأت هذه الصورة "الحضارية" عن البلد بالتفكك، بفضل قوة وإصرار النساء، ليظهر من خلفها حقيقة الغول الذكوري المتوحش. النساء والشابات اللواتي بتن يجيّرين مواقع التواصل الاجتماعي لمحاربة ذكورية مجتمعاتهن في السعودية والإمارات وغيرهما، وبتن يواجهن ويقاومن ويضعن خططاً للنجاة من القمع، هؤلاء هن البطلات.

الأميرة هيا هربت من زوجها، حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم. وقبلها هربت ابنته الشيخة لطيفة (التي تشارك اسمها، بالمناسبة، مع اثنتين من أخواتها!)، كما هربت قبلهما الشيخة شمسة. أن يتم اعتقال النساء في الإمارات، وتعذيبهن، وتقييد حريتهن، ومحاكمتهن وربما قتلهن لأنهن طالبن بحقوقهن بالحرية، وبالحق باتخاذ القرار في ما يخص حياتهن ما هو إلا انعكاس لثقافة السيطرة الذكورية التي تخشى النساء وتحررهن. من شاهدت فيديو الشيخة لطيفة الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قبل هربها، لا تستطيع سوى أن تشعر بتسارع دقات القلب، وبالقلق، والخوف المجبول بالغضب والاحتقان، والمتضارب مع شعور الفخر والأمل. لا نعرف لحد الآن مصير الشيخة لطيفة بعد أن تم اعتقالها منذ أوائل هذا العام، ولا مصير أختها شمسة. أما الأميرة هيا، التي كان لدافع هربها جذر في هرب سابقاتها، فمعركتها الإنسانية وتلك القانونية في الحضانة وفي الوصاية لم تعد خلف أبواب مغلقة.




قبل أن تسعى بعض الدول، مثل الإمارات وغيرها، للتصدي للإرهاب ووضع خطط للقضاء عليه، يجدر بها أولاً النظر إلى جملة قوانينها وممارساتها وبناها الاجتماعية والاقتصادية، لتعرف أنه ليس عليها البحث عن الإرهاب في أي مكان آخر.

*ناشطة نسوية

المساهمون