الجبهة المصرية: السلطات القضائية تُهدر حقوق المحبوسين احتياطياً

الجبهة المصرية: السلطات القضائية تُهدر حقوق المحبوسين احتياطياً

15 يوليو 2019
أوضاع معتقلي الأمل نموذج لتعسف السلطة القضائية المصرية (تويتر)
+ الخط -
دانت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" ما تبديه السلطة القضائية في مصر من استخفاف بالغ إزاء حريات المتهمين المحبوسين احتياطياً، لا سيما في القضايا على خلفية سياسية بحجة الظروف الاستثنائية؛ وذلك من خلال المد التلقائي لمدد حبسهم، وعدم تمكينهم من حضور محاميهم جلسات تجديد حبسهم، أو تجديد حبسهم بذريعة الظروف الأمنية.

واستنكرت الجبهة في تقرير، عدم تمكين المعتقلين سياسياً من الطعن على قرارات حبسهم منذ أكثر من ستة أشهر، ما يمثل حرماناً تعسفياً، وانتهاكاً صريحاً لمبدأ افتراض براءة المتهم، وكشفاً لرؤية السلطة القضائية الحالية، وخصوصا نيابة أمن الدولة، تجاه هؤلاء المتهمين باعتبارهم أشخاص لا يجب الإفراج عنهم.
ومنذ نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018، تمنع نيابة أمن الدولة المتهمين ومحاميهم من تقديم طلبات الاستئناف على قرارات حبسهم، بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية، والذي يتيح للمتهمين الطعن على أوامر حبسهم، بمجرد إيداع تقرير في قلم الكتاب بعد أيام من أمر الحبس، ويجب وقتها النظر في الاستئناف المقدم من المحكمة المختصة.
وأشار التقرير إلى أن نيابة أمن الدولة أوقفت جلسات تجديد حبس المتهمين في القضايا المنظورة أمامها منذ 21 يونيو/حزيران الماضي، بسبب انعقاد مباريات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم في مصر، ما أسفر عن منع نقل المتهمين من السجون المحبوسين فيها احتياطياً إلى مقر النيابة في ضواحي القاهرة، وتجديد حبسهم بدلاً من ذلك في السجون المحبوسين فيها على مدار الأسابيع القليلة الماضية.
وأضافت الجبهة أن تلك الإجراءات شملت العشرات من المتهمين، وعلى رأسهم المدرجون في القضية المعروفة إعلامياً بـ"تنظيم الأمل"، والقضية المحبوس على ذمتها الناشطان هيثم محمدين، ومصطفى ماهر، والمتهمين في قضايا "احتجاجات القطار"، وانتقال وكيل نيابة واحد لتجديد حبس جميع المتهمين دفعة واحدة، بما يقلص من مساحة حق المتهمين ومحاميهم من الإدلاء بكامل دفوعهم والنظر فيها.

وبالنسبة لدوائر المحاكم المختصة بتجديد الحبس، قالت الجبهة إن أغلب هذه الدوائر يرجئ جلسات نظر تجديد حبس المتهمين أمامها لما بعد انتهاء البطولة الأفريقية في 19 يوليو/تموز الجاري، ما يعني حبسهم لمدة شهر تقريباً دون أمر حبس، وهو ما حدث مع المتهمين في القضية المعروفة بـ"التخابر مع تركيا".
وجددت دوائر أخرى مثل الدائرة 15 جنايات شمال القاهرة، حبس عشرات المتهمين في 24 قضية كانت ستنظر أمامها لمدة 45 يوماً من دون حضور المتهمين، بينما أجلت أغلب محاكم الجنايات، المدنية والعسكرية نظر جلسات محاكمة المتهمين، حتى في القضايا التي تضم مئات المتهمين، ما يطيل من مدة حبسهم على ذمة تلك القضايا.
و"التعذر الأمني" الحاصل ليس الأول من نوعه، رغم طول مدته؛ إذ اعتادت دوائر الجنايات ونيابة أمن الدولة تأجيل نظر جلسات تجديد حبس المتهمين بسبب التشديدات الأمنية في مناسبات أو ذكرى أحداث معينة، ولعل أبرز تلك التعذرات كان بمناسبة عيد الميلاد في 7 يناير/كانون الثاني الماضي، وفي الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير/كانون الثاني، وبمناسبة الاستفتاء على التعديلات الدستورية في أبريل/نيسان الفائت.
وأضافت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان": "بدلاً من اضطلاع وزارة الداخلية بمهامها المتعلقة بتأمين نقل المتهمين لمقر جلساتهم للتجديد أو المحاكمة، لضمان حصولهم على حقهم المكفول بسماع دفاعهم قبل إصدار أمر الحبس؛ إلا أنها تلجأ لاستهلاك فكرة التعذرات الأمنية، والتي تنتهك هذا الحق الأصيل للمتهم".

وتصدق السلطة القضائية على هذه التعذرات من دون اعتراض، ما يطرح تساؤلات جادة وبديهية حول مدى استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، ومدى تماشيها مع الرؤية الأمنية، ولو تعارضت مع حقوق وحريات المتهمين، وفقاً للجبهة.
ويتناقض التوسع في تمديد حبس المتهمين، مع مبدأ افتراض براءة المتهم الذي نصت عليه المادة 14 من "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية"، والمادة 96 من الدستور المصري المعدل في 2014، ونص المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية، التي نصت على وجوب سماع دفاع المتهم قبل أمر الحبس.
ورأت الجبهة أن التعسف الذي تستخدمه السلطات القضائية المصرية في حصار حقوق المتهمين المحبوسين احتياطياً، عبر مد حبسهم بشكل تعسفي بحجة الظروف الأمنية تارة، ومنعهم من الاستئناف على قرارات حبسهم تارة أخرى، هو أمر يُثير القلق تجاه ما تظهره السلطة القضائية من عقيدة تجاه المتهمين في القضايا السياسية، والذين يقبض عليهم على خلفية ممارستهم حقهم في التعبير أو الرأي أو التنظيم أو التجمع.

دلالات