الكهرباء مقابل الماء في الجنوب الليبي

الكهرباء مقابل الماء في الجنوب الليبي

10 يوليو 2019
يطالب الأهالي بتوفير المياه الكافية (Getty)
+ الخط -
أعلن جهاز النهر الصناعي الليبي، اليوم الأربعاء، عن عودة الكهرباء لمحطة تشغيل آبار الجهاز بمنطقة الحساونة والشروع في ضخّ المياه باتجاه مناطق الشمال، مرجّحاً وصولها إلى العاصمة طرابلس خلال ساعات.

وكان الجهاز قد أعلن، أمس الثلاثاء، إجبار مجموعة مُسلحة لفنيي الشركة العامة للكهرباء على فصل التيار الكهربائي عن آبار محطة الحساونة. وبيّن جهاز النهر، في بيان على صفحته الرسمية، أنّ الإيقاف سيترتب عنه انقطاع المياه عن مدينة طرابلس ومدن المنطقة الوسطى، مشددًا على ضرورة إبعاد الجهاز عن كافة الخلافات والصراعات والمطالب المناطقية، وأنه جهاز يقدّم خدمة الإمداد المائي لكافة المواطنين.

وطالب الجهاز الجهات الأمنية والعسكرية في الدولة بتحمل مسؤولياتها لحماية حقول آبار مياه الحساونة ومساراتها بالمنظومة، للحفاظ على استمرار الإمداد المائي.

لكن صفحات نشطاء تابعين لحراك غضب فزان الأهلي، أكدت أن المجموعة المسلحة التي أرغمت شركة الكهرباء على قطع التيار الكهربائي على آبار الحساونة هم من الأهالي، موضحين أنها خطوة بعد دخول كامل منطقة الجنوب في حالة ظلام تام.

ويعتقد المحتجون، بحسب صفحات النشطاء، أن إجراءات الضغط على الحكومة هي السبيل لتوفير مطالبهم، ومنها قطع المياه التي يشكل الجنوب مصدرها الرئيس عن العاصمة طرابلس مقابل توفير الكهرباء للجنوب.

وأعلنت الشركة العامة للكهرباء، خلال الأسبوع الجاري، دخول الجنوب في ظلام تام لمرتين، بسبب اعتداء مجهولين على محطة توليد كهرباء قرب مدينة الزاوية غرب طرابلس تمثل أحد خطوط الإمداد الكهربائي لكامل الجنوب.

وليست المرة الأولى التي يتوجه فيها الأهالي لإغلاق مرافق حيوية للضغط من أجل مطالب معيشية، ففي مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي أقدم أهالي بالتنسيق مع شباب حراك غضب فزان على إقفال حقل الشرارة النفطي، أهم حقول النفط بالجنوب، لأكثر من أسبوع، ما أجبر رئيس الحكومة، فايز السراج، على الذهاب إلى المحتجين والتفاوض معهم لإعادة فتح الحقول أمام حركة الإنتاج.

لكن عمار الحطماني الناشط المدني من سبها، يقول إن الجنوب يعيش مأساة الصراع والتنافس بين حكومتي طرابلس والبيضاء، مؤكدا أن مظاهر الحياة شبه غائبة فيه.

ويؤكد الحطماني لــ"العربي الجديد" ما نقله نشطاء في منصات التواصل الاجتماعي، مضيفا: "سوف نعمد لقطع أي مرفق حيوي إذا استمرت مآسي الناس هنا، فمن غير المعقول أن يستنزف النفط والماء من تحت أرجلنا ونحن نموت جوعا وعطشا".

ويوضح أن "مزاعم عودة الكهرباء غير صحيحة فالكثير من القرى لا يزال يعيش في حالة ظلام تامة، وحتى المدن التي عاد إليها التيار الكهربائي كان لساعات معدودة فقط".

ويشير إلى أنّ "كل الشرق الليبي ومدن أقصى الغرب لا تخضع لبرامج طرح الأحمال نهائيا، بينما الجنوب تتحصل بعض مدنه فقط على خمس ساعات كهرباء يوميا كحد أقصى بينما تغرق قرى أخرى في الظلام المستمر".

ويتحدث حسن بركان، العامل في مجال الإغاثة بالمدينة وعضو جمعية التيسير الأهلية، من جانبه عن الدور الأهلي في توفير احتياجات الناس الأساسية، لكنه يتساءل "ماذا يمكن أن تفعل جمعيات خيرية في مسألة الكهرباء؟ فيمكننا توفير الغذاء والدواء وربما المأوى في حالات النزوح".

وينوه بركان بدور مؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ احتجاجات، للفت أنظار حكومات البلاد نحو الجنوب الذي أكد أنه "يعيش غيابا للحياة بكل معنى الكلمة".

ويتوزع أكثر من 500 بئر تابعة للنهر الصناعي في مناطق الجنوب، وعبر قراه ومدنه تمتد خطوط إمداد المياه لمناطق الشمال، فهو الجهاز المسؤول عن تغذيتها بمياه الشرب.

وتبرر تصريحات سابقة لمسؤولي الشركة العامة للكهرباء، غياب التيار الكهربائي عن مناطق الجنوب، بتوقف محطة أوباري الغازية في الجنوب عن العمل بسبب المواجهات المسلحة التي تشهدها المنطقة.

وفي يونيو/ حزيران من عام 2017م، أعلنت شركة الكهرباء عن وصول 126 فنيا من شركة تركية تعاقدت معها الحكومة من أجل استكمال تنفيذ مشروع محطة أوباري، لكن أعمال عنف شهدتها المنطقة، من بينها اختطاف مجموعة مسلحة مجهولة لمهندسي الشركة أدى لتوقف أعمال التشغيل مجددا رغم أن نسبة الإنجاز وصلت إلى 98 في المائة، بحسب إعلانات الشركة.

وهو ما يعتبره الحطماني، الناشط المدني، "أمرا مريبا"، متساءلا "كيف يمكن إقناعنا بأن حقول النفط تنتج دون قوات كافية لتأمينها ولا يمكن تأمين محطة واحدة وفي مساحة محدودة كمحطة أوباري ليتم تشغليها" متهما شركة الكهرباء بالخضوع لتهديد مسؤولين وتيارات سياسية لا تريد الاستقرار للجنوب.

الحطماني يعتقد أن احتياجات الأهالي الأساسية دخلت أتون التنافس والسياسة، وبالتالي "يتوجب على الأهالي الرد بذات السياسة عبر قطع خدمات أي مرفق حيوي بالجنوب لإجبار من يتاجر بحياتهم على توفير مطالبهم" بحسبه.

ويتابع: "الأمن يمكن توفيره نسبيا باعتماد كل قبيلة ومنطقة على مسلحيها وكذلك الغذاء والمجال الصحي من خلال التبرعات، لكن الخدمات الحكومية يجب لفت أنظار المسؤولين إليها عنوة".