باكستان وأفغانستان تكافحان شلل الأطفال

باكستان وأفغانستان تكافحان شلل الأطفال

08 يونيو 2019
تحصين في باكستان قبل توقّف الحملة (عارف علي/فرانس برس)
+ الخط -

شلل الأطفال معضلة مستمرة في كل من باكستان وأفغانستان، وثمّة مستجدّات دائمة في هذا الإطار. في باكستان، سُجّلت أخيراً عقبات أمنية جديدة أدّت إلى توقّف حملة تحصين ضدّ المرض منذ 27 إبريل/ نيسان الماضي. أمّا في أفغانستان، فقد سُجّلت في الآونة الأخيرة إصابات بالمرض. يأتي ذلك في حين تُنسّق الدولتان الجهود في ما بينهما، لعلّهما توفّقان في القضاء على هذا المرض.

تفيد السلطات المحلية بإقليم هلمند الواقع في جنوب أفغانستان بأنّ إصابتَين بشلل الأطفال سُجّلتا في الإقليم في 22 إبريل/ نيسان الماضي، الأمر الذي يعني أنّ الفيروس موجود وأنّ الأمر يستدعي جهوداً مكثفة ومنسّقة بين جهات مختلفة. وقد أصدر في السياق مسؤول إدارة الصحة في الإقليم، عبد الأحد حازم، بياناً أكّد فيه الإصابتَين الجديدتَين، موضحاً أنّ إحداهما في مديرية واه شير والثانية في مديرية نوزاد. أضاف حازم في بيانه أنّ واحدة من الإصابتَين سُجّلت في أسرة كان ابن ثانٍ لها قد أصيب بالمرض نفسه قبل أربعة أعوام. وأشار حازم أنّ المديريتَين المذكورتَين هما من المناطق التي منعت فيها حركة طالبان حملة تحصين ضدّ المرض ثمّ سمحت بها لفترة محدودة، قبل أن تعلن أخيراً حظر الحملة. وحذّر من أنّ الأمور سوف تتفاقم في الأيام المقبلة، في حال بقي الأمر على المنوال نفسه.

أمّا في الجارة باكستان التي ما زالت إلى جانب أفغانستان من الدول الثلاث التي يستوطنها شلل الأطفال، بالإضافة إلى نيجيريا، فقد أعلنت السلطات المعنية وقف الحملة ضدّ شلل الأطفال لأجل غير معلوم، وذلك على خلفية عقبات أمنية جديدة في وجه الجهود المبذولة من أجل مكافحة المرض. يُذكر في السياق أنّ فريقاً من المتطوّعين في حملة تحصين تعرض لهجوم مسلح في مدينة تشمن بإقليم بلوشستان، جنوبي البلاد، في 25 إبريل/ نيسان الماضي، ما أدّى إلى مقتل ناشطة وإصابة ناشط. وعلى الرغم من الحملة الأمنية التي نفذتها السلطات في المنطقة، فإنّها لم تتمكن من إلقاء القبض على المتورّطين في تلك الحادثة.




ويأتي إعلان السلطات وقف الحملة على خلفية الهجوم الأخير ليؤكّد أنّ حملة مكافحة شلل الأطفال لم تعد في مأمن من الخطر، وصارت هدفاً لجهات مسلحة مجهولة كما كانت الحال قبل أعوام. والحادثة الأمنية وقعت على أثر "مؤامرة كبيرة" استهدفت الحملة مثيرة ضجة على الساحة الباكستانية كلها، بعدما أدخل عشرات من تلاميذ المدارس إلى المستشفيات في شمال غرب باكستان، بسبب شائعة مفادها أنّ ثلاثة أطفال لقوا حتفهم بعد تحصينهم فيما راح آخرون يعانون من الغثيان والتقيؤ. وهو ما دعا متظاهرين غاضبين إلى مهاجمة مركز صحافي في شمال غرب البلاد كان يشرف على حملة مكافحة شلل الأطفال، وإحراقه.

في سياق متصل، فإنّ السائد في الأوساط الشعبية الباكستانية، وتحديداً في مناطق الشمال الغربي التي تقطنها قبائل البشتون، هو أنّ عمليات التحصين محرّمة شرعاً، الأمر الذي يمثّل عائقا أساسياً. ويقول الزعيم القبلي في منطقة بده بيره حيث وقعت الحادثة، محمد رياض، لـ"العربي الجديد" إنّ "الشائعة كان لها أثرها الكبير، ونحن كنّا قد عرفنا منذ البداية أنّها ليست حقيقة. إلى جانب الشائعة، الاعتقاد السائد إزاء التحصين كان له أثر كبير، خصوصاً أنّ ثمّة علماء دين، من بينهم المرجع الديني الأساسي في المنطقة، حرّموا التحصين بحجّة أو بأخرى". ويدعو رياض إلى "العمل المشترك بين الجهات الشعبية المختلفة لا سيّما علماء الدين والزعامات القبلية، بهدف دفع المواطنين إلى تقبّل حملات التحصين ضدّ شلل الأطفال".

ولأنّ استمرار مرض شلل الأطفال في كلّ باكستان وأفغانستان أمر خطر ويسيء كذلك إلى سمعة البلدَين عالمياً، فإنّهما راحا يعملان على تنسيق جهودهما، فنُفّذت حملات تحصين على المنافذ الرئيسية عند الحدود المشتركة كخطوة أولى مهمّة في مواجهة المرض. لكنّ الحاجة تبقى ماسة في ما يتعلق ببثّ الوعي بين الناس من أجل التعاون مع حملات التحصين. بالتالي، كان اجتماع لعلماء دين من البلدين عُقد في 14 مايو/ أيار المنصرم في سلطنة عُمان، وقد تمّ في خلاله التوافق على العمل المشترك من أجل مكافحة شلل الأطفال في البلدَين. يُذكر أنّ الاجتماع عُقِد بإشراف منظمة الصحة العالمية، بهدف اجتثاث المرض من جذوره في البلدَين.




تجدر الإشارة إلى أنّ اجتماعاً مماثلاً كان قد عُقد في مارس/ آذار من عام 2018 في أبوظبي، تمّ التوافق في خلاله على السعي المشترك إلى بثّ الوعي بين الناس وإنجاح حملات التحصين وتنسيق الجهود. ويأمل رياض في السياق أن "تكون لتلك الاجتماعات نتائج ملموسة وألا تبقى مجرّد لقاءات تتكرر"، مشدداً على "الدور المهمّ لعلماء الدين في أيّ قضية تهمّ شعبَي البلدَين".

المساهمون