حرّ في ساحل اليمن الغربي

حرّ في ساحل اليمن الغربي

27 يونيو 2019
تغيب الكهرباء وتنقطع المياه وسط الحرّ (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -
تشهد المناطق التهامية اليمنية، أي تلك الممتدة على الساحل الغربي، هذا العام، صيفاً حاراً جداً. يقابل ذلك استمرار في انقطاع التيار الكهربائي العمومي كلياً، منذ تصاعدت الحرب في مارس/آذار 2015.

في السياق، يقول المواطن عمر علي، وهو من سكان محافظة الحديدة غربي البلاد، إنه لا يستطيع النوم بسبب درجات الحرارة المرتفعة، في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي. ويضيف لـ"العربي الجديد": "الجميع هنا يعاني من درجات الحرارة المرتفعة، ما ساهم في انتشار الأمراض الجلدية بشكل كبير خلال الفترة الماضية، في ظلّ تجاهل كامل من السلطات الصحية والمحلية للمحافظة". ويشير علي إلى أنّ تلاميذ الشهادة العامة والأساسية والثانوية في المحافظة، اضطروا مجبرين إلى خلع القمصان في الفصول الدراسية أثناء أداء الامتحانات النهائية، بسبب شدة الحرارة. ويؤكد أنّ السلطات المحلية وعدت، أكثر من مرة، بتشغيل الكهرباء العمومية، لكنّها "لم تفِ بوعودها حتى اللحظة. ونشعر باليأس والإحباط بسبب هذا التجاهل، فهم لن يفعلوا شيئاً لنا". يلفت إلى أنّ السكان أطلقوا، خلال الفترة الماضية، عدة نداءات للمنظمات الدولية العاملة في المجالين الإنساني والصحي، لتوفير منظومات صغيرة للطاقة الشمسية، من أجل تشغيل المراوح الصغيرة، لكنّها لم تستجب لتلك النداءات حتى الآن، وتكتفي بتوزيع سلال غذائية أحياناً، لمجموعة قليلة من المواطنين".




المعاناة نفسها تعيشها أسرة حسن الزبيدي، الذي يؤكد أنّ هذا الصيف صعب للغاية: "الحرّ هذا الصيف شديد، ولم نشعر بمثله خلال الأعوام الماضية. في السابق، كان بالإمكان الاستفادة من الرياح ليلاً لتلطيف الجو، لكن هذا العام حتى في الليل لا نستطيع الاستفادة من الرياح بشكل كافٍ، لأنّها حارة أيضاً". يضيف الزبيدي لـ"العربي الجديد": "نحاول مواجهة الحرّ الشديد خلال فصل الصيف بالطرق التقليدية، فنخلع القمصان، وننام على الأرصفة أمام المنازل". يؤكد أنّ غالبية المواطنين غير قادرين على شراء منظومات الطاقة الشمسية لتشغيل المكيفات والمراوح، نظراً لارتفاع أسعارها وفقدان كثيرين مصادر دخلهم، جراء الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب: "الأسعار غالية جداً، ونحن بالكاد نستطيع توفير احتياجاتنا اليومية من مأكل ومشرب وأدوية".

ينام كثير من الرجال في أكواخ خشبية مفتوحة وعلى الأرصفة وفي السواحل بحثاً عن نسمات الهواء البارد، كحلّ أخير يمكن أن يقيهم من حرارة الصيف. أما بعض من يملكون المال، فيستطيعون توفير التيار الكهربائي من المولدات التجارية بمبالغ مرتفعة. أحد هؤلاء عبد الله أبو علي، الذي يعمل في إحدى المنظمات الدولية في الحديدة، ويقول لـ"العربي الجديد": "أستخدم الكهرباء لفترات متقطعة، كي أوفر الطاقة، وفي الوقت نفسه أشغّل المكيف الوحيد في إحدى غرف المنزل الذي نجتمع فيه".

الحرّ الشديد وعدم توافر المياه في منطقة عبس التابعة لمحافظة حجة شمالاً، تسببا في إصابة الطفل إبراهيم المسلمي (6 سنوات) بمرض جلدي انتشر في أنحاء متفرقة من جسده، ولم يستطع والده نقله إلى المستشفى لمعرفة ماهية المرض. يقول لـ"العربي الجديد": "المركز الصحي بعيد عني، وأحتاج إلى مبلغ كبير للمواصلات والعلاج، وأنا لا أملك شيئاً". يشير إلى أنّ عدم توافر المياه النظيفة في المنطقة تسبب في إصابة ابنه بهذا المرض: "لا ماء كي يستحمّ الطفل، وأعرف أنّ الماء إن توافر فالمرض الجلدي سيزول".

أما بعض السكان في هذه المناطق، فينتظرون الصيف ليغادروا منازلهم ويستقروا في المحافظات الجبلية المجاورة هرباً من الحرّ، وللاستمتاع بالأجواء المعتدلة، بحسب الإعلامي منصور الدبعي. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ الحرارة المرتفعة في الحديدة ومديريات حجة الساحلية "انعكست سلباً على مختلف جوانب الحياة، إذ رفعت من أسعار المياه الباردة والمثلجة التي يستهلكها المواطنون بكثرة خلال فصل الصيف، للتخفيف من وطأة الحرارة". ويشير الدبعي إلى أنّ هناك مولدات تجارية تبيع الكيلوواط من الكهرباء بسعر 300 ريال يمني (60 سنتاً أميركياً) لكنّ غالبية سكان المحافظة هم من الفئات الأشد فقراً، وبالتالي لا يستطيعون الاشتراك في هذه الخدمة.

من جهته، يؤكد مصدر في مكتب الصحة في محافظة الحديدة، أنّ موجة الحرارة المرتفعة التي تضرب المحافظة في الوقت الحالي، تسببت في انتشار الأمراض، لا سيما في أوساط الأطفال وكبار السن. ويقول المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن مستشفيات المحافظة "تستقبل عشرات الحالات المصابة بالطفح الجلدي أو الاختناق يومياً، خصوصاً المصابين بأمراض مزمنة، الذين لا يستطيعون تحمّل الحرارة المرتفعة". ويشير المصدر إلى أنّ موجة الحرّ زادت من أعداد المصابين بحمى الضنك والكوليرا والملاريا خلال الفترة الماضية، وليس لدى مكتب الصحة في المحافظة الإمكانيات الكافية لمواجهة تلك الأمراض.




وحذّر المركز الوطني للأرصاد في اليمن من ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الساحلية والصحراوية لتجاوزها 45 درجة مئوية، كما نصح المواطنين القاطنين في تلك المناطق بالإكثار من شرب المياه والسوائل، وعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس، لا سيما خلال الفترة من الساعة الحادية عشرة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر، بالإضافة إلى استخدام المظلات، وارتداء الملابس القطنية البيضاء الخفيفة.

المساهمون