الناموس كابوس التونسيّين في فصل الصيف

الناموس كابوس التونسيّين في فصل الصيف

27 يونيو 2019
تعرضت للسعة ناموس (العربي الجديد)
+ الخط -

على غرار الأعوام السابقة، بدأ التونسيون يعانون بسبب انتشار الناموس في العديد من المناطق، ما أدى إلى نقل الأهالي أطفالهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج. واقع يتطلب عملاً جماعياً للحد من آثاره 

"نستقبل يومياً أطفالاً تعرّضوا للسعات الناموس، وعادة ما تكثر الحالات يوم الإثنين بسبب ذهاب بعض الأهالي إلى المتنزهات والغابات. أحياناً، يضطر أطفال إلى النوم في المستشفيات، أو تناول مضادات حيوية". هذا ما تقوله طبيبة الأطفال في مركز الرعاية الصحية الأساسية عايدة فلفول لـ "العربي الجديد".

تضيف أنّ الأمطار التي شهدتها تونس خلال العام الجاري، وارتفاع درجات الحرارة وغيرها، أدت إلى انتشار الناموس وتضرّر بعض الحالات التي أصيبت بالتهابات جلدية وتقرّحات، مؤكدة أن الأمر يرتبط بمناعة الجسم. أما الأطفال أكثر حساسية من غيرهم وأصحاب المناعة الضعيفة، فيعانون مضاعفات جلدية، ولا يمكنهم مقاومة بعض اللسعات، بالتالي لا بد من أخذ الاحتياطات اللازمة وعدم إلقاء الفضلات عشوائياً أو ترك أكياس القمامة مفتوحة. ويجب إزالة المياه الراكدة لأن هذه العوامل تساهم في انتشار الناموس وتعد فضاء لتكاثره.

وتشير إلى أنّه يتوجب على أولياء الأمور الابتعاد عن الأماكن التي يكثر فيها انتشار الناموس، وارتداء الأطفال ملابس قطنية غير مكشوفة، ووضع مراهم الوقاية اللازمة، والاستعانة بالنباتات التي تطرد الناموس في البيت، والتنظيف المستمر واستعمال الواقيات (الناموسية) للنوافذ.

وتؤكد منى، وهي من باب الجديد الواقعة قرب سبخة السيجومي، أن موسم الصيف بالكاد بدأ، لكنّ سبقه الناموس الذي "نغّص حياتنا. ويبدو أنه أكثر حدة من الأعوام السابقة"، مضيفة أن طفلتيها تعانيان من لسعات الناموس، ما أدى إلى إصابتهما بحكّة مستمرة. وكل الاحتياطات التي اتخذتها من وضع ناموسية واستعمال المبيدات أملاً في توفير بعض الحماية، لم تجدِ نفعاً.
إلى ذلك، يرى مدير إدارة حماية صحة الوسط والمحيط في وزارة الصحة محمد الرابحي أن "عوامل عدة ساهمت في انتشار الناموس، منها الأمطار خلال الأشهر الأخيرة والظروف المناخية التي أدت إلى تكاثره في بعض المناطق"، مشيراً إلى أن الناموس قد يكون كثيفاً في مناطق وأقل حدة في مناطق أخرى، بحسب تدخل البلديات والنظافة وتطبيق برامج الوقاية والمداواة.



يضيف الرابحي لـ "العربي الجديد": "الأنواع الأكثر انتشاراً في تونس هي تلك التي لا تنقل الأمراض، وتتميّز بكثرة اللسع، وهي من النوع المزعج. أما النوع الذي يسبب مضاعفات، فيعرف باسم ذبابة الرمل وينقل الأمراض منها اللاشمانيا"، مشيراً إلى أن هذا الصنف يؤدي إلى أورام جلدية وتقرحات ما يتطلب العلاج السريع لأنها تترك آثاراً على الجلد حتى بعد العلاج".

ويلفت إلى أن الناموس لا حدود له، وقد ينتشر من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، ما أدى إلى ظهور بعوضة النمر العام الماضي، وتحديداً في أكتوبر/ تشرين الأول في عام 2018، وقد قدمت من المغرب والجزائر، ويعرف عنها نقلها للأمراض. لذلك، وضعت وزارة الصحة برنامجاً خاصاً لمقاومتها، خصوصاً أنها تنمو في المياه الراكدة والأوكار التي لا تصلها البلديات كالعمارات.

ويلفت إلى أنه لا بد من تضافر الجهود للحد من الناموس. والعمل لا يقتصر على جهة معينة بل هو مشترك بين البلديات والوزارات المعنية، ويجب أن يتحمل المواطنون مسؤوليتهم في المقاومة والوقاية لأنهم معنيون بالمسألة. ويؤكد أن دور وزارة الصحة يتمثل في إحصاء أوكار الناموس واقتراح الحلول الملائمة للقضاء عليها.

وتؤكد المديرة العامة للتراتيب والنظافة في وزارة البيئة والشؤون المحلية سميرة العبيدي لـ "العربي الجديد" أن "الشكاوى من الناموس موجودة، ولا يمكن نكران ذلك. لكن هذا لا يعني عدم وجود مخطط لمقاومة انتشار الناموس"، مشيرة إلى البدء منذ شهر يناير/ كانون الثاني بمداواة وتشخيص الوضع وإزالة المياه الراكدة. لكن التقلبات المناخية واستمرار هطول الأمطار حتى شهر مايو/ أيار أدت إلى انتشار الناموس. وتشير إلى أن الحديث عن صفر ناموس غير ممكن لأنه مكون من مكونات الطبيعة. لكن عندما يفوق انتشاره الحد الطبيعي، يصبح مصدر إزعاج.

وتتحدث العبيدي عن إجراء معاينات في بعض المناطق، لافتة إلى أن أسباباً عدة أدت إلى انتشار الناموس، في ظل البناء العشوائي ووضع الفضلات في مجاري الأودية وغيرها. وكلّما كانت المياه راكدة، انتشر الناموس، مؤكدة أنّ أحياء كثيرة تعاني بسبب البناء الفوضوي في العاصمة، كدوار هيشر وسيدي حسين وقرب سبخة السيجومي وأحياء عدة في سوسة وقفصة، ما ساهم في انتشار الناموس، إضافة إلى غياب صيانة بعض المباني.



أما في الأحياء الراقية، فتوجد عدة مسابح مغلقة يزورها أصحابها صيفاً ولا تتم صيانتها وتوفر أرضية لتكاثر الناموس، مبينة أنه على مستوى وزارة البيئة، هناك خلية لمقاومة الحشرات تتكون من وزارات وإدارات عدة، وتتضمن 24 لجنة جهوية لمقاومة الحشرات وتشخيص الوضع والأسباب ثم التدخل.

وتلاحظ العبيدي أن وزارة البيئة تشجع على التدخل الوقائي والتنظيف والوصول إلى الأودية، والحد من استعمال الأدوية الكيميائية، مشيرة إلى أن وزارة البيئة تدخل إلى المناطق الصعبة التي لا يمكن الوصول إليها كالسباخ (ما لم يحرث ولم يُعمر لملوحته) والأودية. وتم خلال هذا العام، وبصفة استثنائية، زيادة ميزانية المداواة لتصل إلى مليوني دينار (نحو 698 ألف دولار).

وتشير إلى أن البلديات معنية بالمداواة والتدخل لكنها تعاني بدورها من نقص العنصر البشري والعمال والتقنيين المتخصصين. كما أن تنظيف دهاليز العمارات مرتبط بأصحابها وعادة ما لا تتم الصيانة بسبب التكاليف الباهظة ما يدفع بعض البلديات إلى التدخل. تضيف أن المواطن يلعب دوراً مهماً في التبليغ.

دلالات

المساهمون