كواليس استعادة فرنسا أطفالها من "داعش"

كواليس استعادة فرنسا أطفالها من "داعش"

15 يونيو 2019
عند عودتهم سيكبرون في بيئة اجتماعية تربوية (Getty)
+ الخط -
كشفت صحيفة لوباريزيان الفرنسية، اليوم السبت، بعض التفاصيل عن عملية استعادة فرنسا لبعض أيتام مقاتلي "داعش" في سورية، من الجنسية الفرنسية، والتي شارك فيها 12 شخصا، من دبلوماسيين وأطباء استعجالات وأطباء أطفال وممرضين.

وأوضحت الصحيفة أن فرنسا لم تكن مرغمة قانونيا على فعل هذا. لكن الرئيس ماكرون أعطى ضوءَه الأخضر لإطلاق هذه العملية الثانية، بعد العملية الأولى التي جرت في مارس/آذار الماضي. والسبب الأول هو أن هؤلاء القاصرين في وضعية هشاشة في أرض دمّرَتها سنوات من الحروب. والسبب الثاني، والذي ترى الصحيفة أنه نادرا ما يُنتبَهُ إليه ويتمثل في أن "المقاتلات الراديكاليات" لا يردن عودة هؤلاء الأبناء المعزولين إلى بلادهم "يحاولن إخفاءهم ووضعهم تحت جناحهن، على أمل نقل عشق "الجهاد" إليهم، بهدف تهيئة جيل جديد من المحاربين"، أي "تهديد محتمل للبلد"، وبالتالي فهؤلاء القاصرون، عند عودتهم إلى فرنسا "سيكبرون في بيئة اجتماعية تربوية تغرس فيهم قِيماً أخرى".

وبحسب لوباريزيان، فإن هذا الكوماندوس الفرنسي الدبلوماسي- الطبي كان ينوي استعادة 21 شخصا، في عملية سرية، محفوفة بالمخاطر، خُطّط لها منذ شهرين. إذ على الرغم من تدمير خلايا "داعش" في المنطقة، إلا أن شبكاتها لا تزال نشيطة.

وتحدثت الصحيفة عن وصول الطاقم الفرنسي، من دبلوماسيين وأطباء، إلى عين عيسى، التي يسيطر عليها الأكراد السوريون. ثم عن المشاكل التي اعترضت الوفد الفرنسي في اتصالاته بالجانب الكردي، حيث انتظر يومين، من الجمعة إلى الأحد، جواب السلطات الكردية. وفي هذا اليوم، الأحد، علم الفرنسيون أنهم سيتسلمون فقط 7 أطفال، وهو ما لم يكن متفقا عليه، وهنا هدَّد المفاوض الفرنسي بالذهاب للبحث عن المتبقين.

ثم توجه الوفد إلى معسكر الهول، حيث يتكدس نحو 80 ألف شخص، وحين وصل أفراده  التقت بهم مقاتلة كردية وسلمتهم أربعة أطفال. والغريب أن طفلا واحدا، فقط، من الأربعة كان مدرَجاً في القائمة الفرنسية. وهنا حدث جدال عنيف بين الطرفين الفرنسي والكردي، وقال أحد مسؤولي المعسكر، بغضب: "ليس لدينا إلا هؤلاء". ولكن الفرنسيين كانوا يعلمون أن الأمر ليس صحيحا وأخرجوا ملفاتهم، وفيها التفاصيل، التي تكشف أن هؤلاء الأطفال يتواجدون في "مربع الأيتام".

ثم أُحضرت فتاة صغيرة، ثم أحضر فتَيَان اثنان. وفيما يخص الثلاثة الأوائل، الذين أحضروا في البداية، والذين لم يكونوا في القائمة، فقد أرسلت المعلومات عنهم إلى باريس، بصفة مشفرة، حتى تتم الموافقة على إعادتهم إلى فرنسا. ثم غادر الوفد الفرنسي متجها إلى معسكر الروج مساء يوم الأحد. حيث تم تسلّم الأطفال الخمسة، كما كان متفقا عليه. وهنا أضيف إليهم فتيان هولنديان. وأصبح المجموع أربعة عشر طفلا.

وتتحدث الصحيفة عن حذر الوفد الفرنسي الأمني، إذ تم فحص الأطفال، الذين لا يتحدث معظمهم اللغة الفرنسية، وتعريتهم، وغسلهم وإلباسهم ملابس جديدة، "كل ما كانوا يلبسونه ظلّ في سورية. ومنحت لكل واحد دمى وألعاب، أحضرت من فرنسا". ثم تلقى الجرحى منهم، أحدهم أصيب في كتفه إصابة بالغة، والآخر أصيب بحروق في رجله، العلاجات اللازمة.


وفي ليلة الأحد الإثنين، أقلعت طائرة إيرباص 400 إم، بعد 72 ساعة من بداية المهمة. حيث تسلمت هؤلاء الأطفال جمعية "المساعدة الاجتماعية للطفولة"، التي تلقفت المهمة في سبيل "منح حياة جديدة لبنات وأبناء المقاتلين عند عودتهم إلى بلادهم".

وتقول لوباريزيان، إنّ عشرات من الأطفال الآخرين، لا يزالون في سورية، حيث تمّ إحصاؤهم وجمعت حولهم معلومات وافية، بفضل مساعدة مسؤولي معسكرات اللاجئين وكذلك أفراد الاستخبارات. ولكنهم يخضعون للعقيدة التي وضعتها الحكومة وهي "كل حالة على حدة"، حيث معايير الأسبقية هي "للأطفال الأكثر هشاشة، وأيضا لقابلية تنفيذ عمليات إجلاء"، أي الوقت الكافي، مع ضمان تجاوز إشكالات ومستجدات قد تحدُثُ في أرض العمليات.

دلالات