العودة إلى أين؟

العودة إلى أين؟

29 مايو 2019
حياة اللجوء القاسية (سام تارلينغ/ Getty)
+ الخط -
يتم أخيراً التداول بموضوع عودة اللاجئين واللاجئات إلى سورية. تارةً يشجع النظام في سورية عودة اللاجئين/ات وتارةً أخرى ينفي أن ذلك سيتم في أي أمد منظور. وفي خضم كل المداولات الدولية والإقليمية والمحلية حيال عودة اللاجئين إلى سورية، قلما يتم التطرق إلى ملف النازحين والنازحات والأوضاع التي يعيشون في خضمها في أماكن النزوح، وما إذا كانت عودة هؤلاء أيضاً ممكنة في ظل التحديات العديدة التي يواجهونها في الكثير من المناطق من سورية.

من المفروغ منه أن أي عودة للاجئين/ات ستبقى قاصرة إذا لم تتم بعد تفعيل الحل والانتقال السياسي في سورية. ونتيجة لعدم تفعيل هذا الحل السياسي، لا يزال الخطر الأمني والعسكري والقصف والقتل والاعتداء على النساء من أبرز الأسباب التي تحول دون تفكير الأسر والنساء بالعودة، وتدفعهم إلى النزوح المتكرر من قرية إلى أخرى في الداخل السوري. وتترافق هذه العوامل، مع أخرى سياسية ذات بعد أمني إقصائي، إذ يواجه النازحون والنازحات ضغوطاً أمنية وتهديدات واعتقالات تعسفية؛ فضلاً عن عوامل التضييق الاقتصادي وغلاء الأسعار وارتفاع الضرائب وسياسات الاحتكار التي تواجه النازحين/ات في كافة المناطق.

لا يمكن أن يأخذ أي من هذه العوامل حيزاً أكبر من حيث الحدة أو الخطورة، وإن كانت المشاكل القانونية والإدارية التي واجهت النساء والأسر في المناطق التي نزحن إليها تشكل أحد أبرز التحديات التي ساهمت في تفاقم الوضع الهش للنساء، وترافقت مع كل العوامل الاقتصادية والأمنية والسياسية والثقافية والدينية، لتخلق نوعاً من عدم الأمان والاستقرار للنساء ولأسرهن. ثمة مستويات عدة للتداعيات والآثار الجانبية الناتجة عن هشاشة الأوضاع القانونية والإدارية التي تواجه النساء النازحات. ويشكل فقدان أو تلف الأوراق الثبوتية نتيجة خروج النساء والأسر بشكل سريع ومفاجئ من منازلهن، أو نتيجة تعرض منازلهن للقصف والدمار أولى مستويات هذه المشاكل. تشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن 81 في المائة من النازحين والنازحات في عدة مناطق من سورية يعانون من مشكلة فقدان الأوراق الثبوتية.




أما المستوى الثاني للهشاشة القانونية، فيتمثل بعدم اعتراف النظام بالمعاملات والوثائق التي تم تسجيلها في المناطق الخارجة عن سيطرته. تشير العديد من النساء إلى إشكالية الأوراق الثبوتية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حيث يتعذّر تسجيل معاملات الولادة والطلاق والزواج، لتبقى من دون تسجيل رسمي في الدوائر الحكومية، وإن كان يتم توثيقها في محاكم وهيئات حكم محلية في تلك المناطق. هكذا، تبقى العديد من الأسر عموماً والنساء بشكل أساسي عرضةً للهشاشة القانونية وهو ما يزيد من مخاطر الحماية ويحد من حرية التنقل والحصول على الخدمات وسبل العيش، كما يترتب عنها جملة من المشاكل والتحديات التي تندرج تحت مظلة الحق بالمواطنة وبالوصول للحقوق والمستحقات الاجتماعية كالتعليم والطبابة، ما يؤثر على أمن وكرامات النساء والأطفال والأسر بشكل عام.

*ناشطة نسوية

دلالات

المساهمون