استغلال سجال "التنورة القصيرة" لاتهام سائقي فرنسا المسلمين بالتطرف

استغلال سجال "التنورة القصيرة" لاتهام سائقي حافلات فرنسا المسلمين بالتطرف

15 مايو 2019
كثير من سائقي حافلات فرنسا ملتحون (برونو سيفينين/Getty)
+ الخط -


لا يزال السجال محتدماً، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، حول واقعة اتهام سيدة من أصول جزائرية لسائق حافلة مسلم من أصول عربية برفض السماح لها بالركوب لأنها ترتدي تنورة قصيرة على حسب زعمها الذي ينفيه السائق.

ورغم أن السيدة لم تتقدم بشكوى إلى الشرطة، إلا أن قصتها تم استثمارها سياسياً، فانبرى اليمين المتطرف إلى مهاجمة الإسلام، واستخدمتها رئيسة حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، مارين لوبان، في حملتها السياسية للانتخابات الأوروبية، كما استغلها حزب "الجمهوريون" للمزايدة، واستنكر الحادث مديناً تساهل الحكومة مع ممارسات "طائفية" تهدد السلم الأهلي والعيش المشترك.

وقامت الناطقة باسم حزب "الجمهوريون"،  ليديا غريوس، وهي من أصول جزائرية، بمكاتبة الرئيس إيمانويل ماكرون مطالبة إياه بـ"التحرك ضد الإسلاموية"، مؤكدة أن "فرنسا التي قهرت النازية يجب أن تقهر الإسلاموية"، كما طالبت بـ"حلّ جميع المنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين، التي تعزل الفرنسيين من أصول إسلامية، وترسي ميزان قوى ضد الجمهورية".

الموقف نفسه اتخذته المسؤولة السابقة في "الجمهوريون"، جانيت بوغراب، وهي صديقة المسؤول في صحيفة "شارلي إيبدو"، ستيفان شاربونيي، والذي قُتل في اعتداءات 2015 الإرهابية، وهي أيضاً من أصول جزائرية.

وبادرت الصحافية السابقة في "شارلي إيبدو"، زينب الغزوي، وهي من أصول مغربية، إلى استخدام ما جرى لتشويه الإسلام، والتهجم على ما اعتبرته "ممارسات متطرفة"، وهي التي تجتهد منذ سنوات في وصم الإسلام عبر المنابر التلفزيونية، وكرست لها مجلة "لوبوان" ذات التوجهات الصهيونية، غلاف أحد أعدادها الأخيرة، تحت عنوان "المرأة التي تخيف الإسلامويين".

وتتواصل المعركة دون أن ينتبه كثيرون إلى رواية سائق الحافلة الذي بادرت شركته إلى إيقافه بشكل استباقي، وبعد صمت، تدخلت نقابته "سي جي تي"، لتدحض رواية السيدة، مؤكدة أن السائق أغلق باب الحافلة وتحرك لأن السيدة وصديقة لها كانتا تدخنان، ولم تنتبها لانطلاقه. وأكد محامي السائق أن موكله توقف لبعض الوقت، ولكن السيدتين واصلتا التدخين، ولم تعيراه انتباهاً فانطلق.

أما والد الفتاة الذي أقنعها بنشر ما حدث عبر "فيسبوك" رغم ترددها، فإنه نشر نصّاً سرعان ما حذفه، يصف فيه السائق بأنه "ملتحٍ بسحنة مغاربية"، وكتب فيه: "أعلن إسلاموفوبيّتي".

وأكد ممثل نقابة "سي جي تي"، أن الاتهامات لا تصمد أمام الحقائق، وأن السائق لم يتعرض في مسيرته المهنية لأي لوم أو انتقاد، كما أكد محامي السائق أن موكّله "ليست لديه أية ممارسة دينية تؤثر على نشاطه المهني"، وأكد تقديم شكوى قضائية بسبب ما يقول إنه "تمييز على أساس انتماء إلى ديانة محدَّدة"، إضافة إلى إصدار "بلاغ كاذب".

وليست هذه أول مرة يتعرض فيها سائقو الحافلات لاتهامات بالتطرف، فقد انتُقد قبل سنوات، أحدُ السائقين لأنه رفض مصافحة زميلة له، فيما تنتقد بعض الصحف اليمينية إطلاق السائقين للحاهم.