الصم في تونس... سجناء وراء قضبان المجتمع

الصم في تونس... سجناء وراء قضبان مجتمع لا يدرك معاناتهم

14 مايو 2019
الصم في تونس يحاولون تجاوز العوائق (فيسبوك)
+ الخط -
يحاول الصم في تونس مغادرة سجن المجتمع الذي عزلهم بسبب فقدان حاسة السمع، والبحث عن سبل جديدة لتوصيل معاناتهم بعد أن عجزت إشاراتهم واحتجاجاتهم الصامتة عن تغيير أوضاعهم رغم إلزام الدستور الدولة برعايتهم وإدماجهم في المجتمع.

وتُشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد فاقدي حاسة السمع يتجاوز 200 ألف تونسي، بنسبة 13 في المائة من أصحاب الإعاقات، كما يمثلون نسبة تقارب 1.7 في المائة من مجموع السكان.
ويعيش الأصم صعوبات كبيرة في حياته اليومية، كما تعترضه مشاكل مزمنة في مسيرته التعليمية والمهنية والاجتماعية، كما تقف حاجزاً أمام اندماجه في المجتمع، فيظل معزولًا عن محيطه وراء قضبان الإقصاء والتهميش.

وبين رئيس جمعية صوت الأصم التونسية، رشيد الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، أن "معاناة الأصم تلازمه منذ طفولته، وتزداد عمقاً عند شيخوخته. هذه الفئة تعاني من الإقصاء والتهميش وتعيش عزلة ممنهجة وسط تنكر السلطات لمطالبها وحاجياتها، وعدم استجابتها لحقوقها المكفولة بالدستور والقوانين".
وأوضح الهاشمي أن "مطالب الصم الأساسية تتمثل في التمتع بحقه في العلاج والتعليم والثقافة والتنقل المجاني في الوسائل العمومية، وحقه في الرياضة والترفيه على غرار كل التونسيين في وطن يضمن المساواة بين كل الجميع. القانون يفرض تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، ويلزم الدولة بإلزام المشغلين به، فمن حق ضعاف السمع أن يساهموا في الاقتصاد الوطني".
ويخص دستور تونس المعاقين ببند كامل، كما يفرض القانون المتعلق بالنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم أن تخصص نسبة لا تقل عن 2 في المائة من الوظائف لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة، فضلاً عن الاتفاقيات والقوانين التي صادقت عليها تونس منذ عام 1984، والتي تكرس حق ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن ضمنهم فئة الصم والبكم، في التشغيل وضمان كرامتهم.

وتبرز معاناة الأصم داخل البيت وفي المدرسة وفي الشارع وفي الفضاءات العامة، حيث يعجز محيطه عن التواصل معه، وأحياناً يتم التعامل معه بعنف، وفي أفضل الظروف يكون إقصاؤه حلاً لدى كثير من أفراد المجتمع بما يزيد من عزلته.

الصم يحاولون تجاوز العوائق في تونس (فيسبوك) 


وقال رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر إنه على كل أجهزة الدولة والجمعيات والمنظمات أن تتجند في اتجاه إدماج هذه الفئة التي تمتلك مواهب وإبداعات كبيرة تحتاج عناية ودعماً، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان التونسي صادق على تشريعات وقوانين تعزز حق المعاقين عموماً في الشغل والإدماج، كما تعمل اللجان في إطار دورها الرقابي على متابعة تنفيذ ذلك، وللمجتمع دور كبير في إدماجهم من خلال مساندة جهود الدولة التي أصبحت غير كافية بسبب ضعف الإمكانيات المالية واللوجستية".
ومن جانبها، بينت رئيسة جمعية مساعدة الأصم، سنية العقربي، لـ"العربي الجديد"، أن "بطاقة الإعاقة لا يتم اعتمادها، خاصة على مستوى النقل والعلاج المجانيين. هذه الفئة لها نفقات خاصة، وتجهيزات حديثة يجب اقتناؤها تساهم في تحسين السمع، مما يتطلب تمتيع هذه الشريحة بمنحة خصوصية أو التكفل بمستلزمات التداوي والعلاج".
وعبرت العقربي عن استيائها من المعاناة المتواصلة لذوي الاحتياجات الخاصة في تونس من جراء الإقصاء والتهميش وعدم تطبيق القوانين التي تكرس حقهم في الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
وقالت مقررة لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان، أميرة الزوكاري، لـ"العربي الجديد"، إنه تم الاستماع لممثلين عن الصم، ورئيس جمعية "صوت الأصم التونسية" إلى المشاكل التي يتعرض لها الأصم في حياته الاجتماعية.
ولخصت الزوكاري أنه سيتم متابعة مشكلات التعليم والتكوين المهني عن طريق مراجعة طرق الإدماج التربوي، وتسهيل إجراءات الحصول على رخص القيادة، وطلب تغيير بطاقة معاق، على أن تكون على نفس بطاقة التعريف الوطنية لوقف التزوير، فضلاً عن مشكلات العلاج، خاصة وأن غالبية الصم من الفئات ذات الدخل المحدود والفئات الفقيرة، إلى جانب تفعيل مجانية النقل، وتفعيل قانون تشغيل ذوي الإعاقة.

دلالات

المساهمون