خلود قاسم... فلسطينية تمتهن النجارة وتتخطى قيود المجتمع

خلود قاسم... فلسطينية تمتهن النجارة وتتخطى قيود المجتمع

30 ابريل 2019
قبل أربع سنوات أصبحت خلود نجارة محترفة (العربي الجديد)
+ الخط -

من حب التعلم واستطلاع مهنة زوجها، إلى الاحتراف، أصحبت خلود قاسم من بلدة دير بلوط غرب سلفيت شمال الضفة الغربية، صاحبة مهنة قليلة بين النساء، فهي الآن نجّارة استطاعت مع زوجها تطوير منجرة صغيرة كانت داخل منزلهما، إلى مشغل كبير هو مصدر رزق لعائلتها المكونة من الزوجين وستة أبناء، وكذلك مكان يوفر عددا من فرص العمل.

بدأت الحكاية كما تروي قاسم لـ "العربي الجديد" قبل ست سنوات، حينما كانت تزور زوجها النجار شادي قاسم في مشغله الصغير داخل المنزل مصطحبة له الشاي أو القهوة، فقد أحبت خلود المهنة وطلبت من زوجها أن يعلمها إياها، لكن الرد كان في البداية بأنها مهنة لا تخلو من صعوبة، أصرت خلود على ذلك حتى تحوّل الرفض إلى تعليمها تدريجيا، فبدأت بتجميع القطع الخشبية، ثم صقلها، وصولا إلى القص واستخدام الآلات.

قبل أربع سنوات أصبحت خلود نجارة محترفة، تقول إنها "تستطيع الآن القيام بكل أعمال النجارة، لكنها تفضل صناعة غرف النوم لما تحويه من فن وإتقان، فالأمر بالنسبة لها ليس مجرد مهنة، بل هواية، ما أدى لتعلمها بسرعة".

زوجها ومدربها شادي قاسم يؤكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن زوجته كانت أحد الأسباب لتوسيع ورشته، وتقدم مصدر رزقه، فكان المشغل داخل المنزل لا يتجاوز مساحة 120 مترا، ليصبح الآن أكثر من 400 متر، يحوي معظم الآلات المطلوبة لتحضير المنتوجات الخشبية بمختلف أنواعها. ويشير قاسم إلى أنه كان يواجه صعوبات مع الأيدي العاملة، من حيث توفرها بشكل دائم أو حتى أداء العمال، فزوجته صاحبة عمل وليست مجرد موظف وهنا يكمن الفرق برأيه بالحرص على العمل.

قصة نجاح خلود في مهنة احتكرها الرجال، وفي سوق عمل محدود، لم تمر بسهولة، فالعمل بحاجة لحمل الأخشاب والأوزان الثقيلة، لكنها تغلبت على الأمر مع الوقت، أما القياسات الدقيقة المطلوبة فقالت إنها "أخطأت بها بعض المرات، لكن عملها السابق في الخياطة كان سببا في سرعة إتقانها، فكلتا المهنتين تحتاج إلى دقة القياس، وبراعة في القص، وفن في التصميم".

لكن الأصعب عليها كان هو تقبل المجتمع لفكرة عمل امرأة نجارة، إذ تقول خلود: "هناك فرق كبير وتحول في تقبل الناس منذ بداية عملي حتى الآن، إذ كانت تواجهني التعليقات التي تثنيني عن العمل في مهنة للرجال كما كان يقال لها دائما".

أما زوجها فلم يخف في حديثه، صعوبة تقبل العائلة في البدايات، لكن بالإصرار تحول الجميع من النظرة التقليدية إلى تشجيعها على إكمال طريقها الذي أحبته.

وهكذا أصبحت خلود واحدة من النماذج النسوية في المجتمع لمن اقتحمن مهنا غير تقليدية، ليكرمها الأسبوع الماضي، منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة ومركز الإرشاد النفسي والاجتماعي، هي وأربع نساء أخريات امتهن مهنا غير تقليدية كقيادة سيارة الإسعاف، وميكانيك السيارات، في احتفالية أقيمت في مدينة البيرة، على شرف يوم العمال العالمي.

في احتفالية التكريم (العربي الجديد)

رسالة ذلك التكريم، كما تقول منسقة منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة صباح سلامة، التي كانت للنساء أولا، بأن "لديهن القدرة لاختراق مهن اعتبرت لسنوات طويلة حكرا على الرجال، وأن باستطاعتهن التفكير خارج صندوق المهن النمطية، والخروج برسالة للمجتمع بأنهن قادرات إذا لقين الدعم والتمكين لذلك".

وعن حب التعلم والتطور عند خلود، فهي تريد تعلم الطلاء كذلك، ورغم رفض زوجها بسبب تخوفه من مخاطر المواد الكيماوية في الدهانات، فهي تؤكد "أنها مصممة على ذلك، وقد وضعت الفكرة في رأسها"، لذا فإن التصميم قادها لتخطي نظرات المجتمع، وصعوبات العمل، وتتمنى أن يقودها لمزيد من التطور والنجاح.

المساهمون