مايكروسوفت وحقوق المرأة

مايكروسوفت وحقوق المرأة

26 ابريل 2019
هل تتعرّضان لأيّ تمييز؟ (Getty)
+ الخط -
في شركة "مايكروسوفت" خطاب تمييزي وممارسات مماثلة وتحرّش جنسي في حقّ النساء. ذلك الخطاب وتلك الممارسات سبقت تصريحات تفوّه بها موظفون راحوا يبثّون خطاباً عنصرياً وتمييزياً جندرياً في حقّ النساء وحقّ الفئات من الأقليات العرقيّة. وتلت ذلك السياسة العامة للشركة القاضية بتوظيف مزيد من النساء.

في الوقائع، اعترض أحد الموظفين، أخيراً، على المذكرة الداخلية التي وجّهتها إدارة الشركة إلى المديرين لحثّهم على توظيف نساء، قائلاً إنّ "النساء لسنَ مؤهّلات حتى يعملنَ في مجال الهندسة مثل الرجال"، مضيفاً "نملك بيانات كثيرة تؤكّد أنّ النساء غير مهتمات بمجال الهندسة كما هي حال الرجال. والأمر غير مرتبط بأيّ تمييز أو رهاب قائم على أساس الجندر أو العرق، بل لأنّ النساء يفكّرنَ بطريقة مختلفة عن الرجال، لا سيّما في حلّ المشكلات المتعلقة بالهندسة من أيّ نوع كانت".

والمذكرة الصادرة عن إدارة الشركة (في ما يبدو تبرئة لنفسها) أتت عقب تصريح مجموعة من النساء في الشركة بتعرضهنّ لتحرّش جنسي وتمييز على أساس الجندر.

تجدر الإشارة إلى أنّ شركة "غوغل" سبق أن طردت في عام 2017 أحد موظّفيها على خلفية تصريح تمييزي مشابه حول "الاختلاف في البنية البيولوجية للنساء والتي لا تؤهلهنّ لأن يكنّ مهندسات". وذلك التصريح، للأسف، وجّه النقاش نحو مسار مختلف ناقلاً إيّاه من التمييز الجندري والحكم القيمي على أساس الجندر، إلى احترام حرية الرأي والتعبير ضمن الشركة.

ومثل تلك التصريحات ليست خارجة عن السياق، إذ إنّ قطاعات عدّة تُعَدّ تاريخياً - من قبل المجتمع - قطاعات محصورة بالرجال، مثل السياسة والعسكر وقيادة الشاحنات أو سيارات الأجرة والهندسة والتكنولوجيا وغيرها. لكنّ النساء دخلنَ هذه القطاعات وأثبتنَ جدارة على الرغم من النفس الذكوري السائد ومن المواقف والممارسات الإقصائية. يُذكر أنّ العمل المضاعف الذي تقوم به النساء بأجور أقلّ من أجور الرجال ومضاعفة المسؤوليات وتضاربها بسبب عدم لحظ المساواة في الأدوار الرعائية، كلّها جعلت هذه القطاعات الذكورية إقصائية بطريقة ممنهجة في حقّ النساء. والسبب يأتي ربّما من الخوف الذكوري الدفين من المنافسة على الامتيازات التي تمنحها هذه القطاعات من جهة، وباللاوعي الذكوري الجمعي الذي يكرّس تلقائياً دور النساء في القطاعات العامة الشبيهة بأدوارها الرعائية كالصحة والتعليم وخدمة الزبائن.




إذاً، لا يكفي أن يصدر رئيس أيّ شركة مذكّرة داخلية يعبّر فيها عن تقدميّة المؤسسة وعن الإرادة السياسية بتوظيف النساء لتنتفي عوامل التمييز الممنهجة في حقهنّ. إذا لم يجرِ النظر في سياسات المنظمة الداخلية والتوظيفية وبالبيئة الثقافية السائدة لتكون حساسة لكل قضايا الجندر والمساواة، فإنّ ثمّة أبواقاً ذكورية تجلب خطاب "البيولوجيا" في وجه "السوسيولوجيا" لتقويض حقوق المرأة.

*ناشطة نسوية

المساهمون