جزائريون في المقاهي لمناقشة الأوضاع السياسية

جزائريون في المقاهي لمناقشة الأوضاع السياسية

01 ابريل 2019
أحد مقاهي الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -
في الوقت الحالي، تُشكّل المقاهي الجزائريّة فضاء لحرية التعبير. وغالباً ما تتمحور الأحاديث بين الزبائن الذين يجلسون معاً لتناول القهوة أو الشاي، حول آخر المستجدات التي تشهدها الساحة السياسية في الجزائر، والقوانين الدستورية، إضافة إلى غيرها من الأخبار المتداولة في مختلف القنوات التلفزيونية.

وتشهد المقاهي الجزائرية نقاشات سياسية حول الحراك الشعبي المستمر في البلاد منذ 22 فبراير/ شباط الماضي، إضافة إلى الدستور ومواده وموقف الجيش والأحزاب ومقترحات السلطة. ويبرع الجزائريّون في تحليل المشهد السياسي والوضع الاجتماعي من زاويتهم الخاصة. في هذا السياق، يقول عبد العالي لـ "العربي الجديد": "منذ أكثر من شهر، تنام البلاد وتستيقظ على مستجدات تغلي في الساحة الجزائرية"، واصفاً السياسة بـ "ملح الطعام" في يوميات الجزائريين.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، بدا الجزائريّون أكثر اهتماماً بالسياسة. ويقول نور الدين، وهو موظف في بلدية "الأبيار" في العاصمة الجزائرية: "السياسة بدأت تسري في دماء الجزائريين منذ أسابيع فقط. في الماضي، كان غالبيّة الجزائريين يهتمون بكل شيء إلا السياسة التي فرضت نفسها عليهم". يضيف أن الجزائريين اعتادوا تبادل الأحاديث المتعلقة بكرة القدم أو غلاء الأسعار أو شهادة البكالوريا أو غيرها. "لكنّنا لم نعش ظرفاً مماثلاً منذ سنوات طويلة".



ولا يختلف المواطنون العاديّون في الجزائر عن النخبة والأكاديميّين. جميعهم يتابعون الأوضاع في الجزائر من خلال القنوات التلفزيونية أو الصحف. لكن يشعر المواطنون بحرية أكبر في المقاهي، وقد انتقلت النقاشات إلى هذه الأماكن التي يلجأ إليها الناس لشرب القهوة أو الشاي وقضاء وقت ممتع. مشهد يُعيد الجزائريين إلى الصورة نفسها التي عرفتها المقاهي قبل تأهل المنتخب الجزائري لكرة القدم لنهائيات كأس العالم في عام 2014. ويقول عبد الله لـ "العربي الجديد"، الذي يعشق لعبة كرة القدم: "أتابع كل ما يتعلّق بنادي مولودية الجزائر". لكنه يجد نفسه اليوم يتحدث عن رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مع ضرورة مراعاة وضعه الصحي.

يضيف: "الرجل مريض وعفا الله عما مضى". لكن عبد الله وجد من يعارضه جملة وتفصيلاً في مقهى النجمة في باب الوادي، أحد الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية، وقد ارتفعت أصوات من هنا وهناك أعربت عن رغبتها في رحيل جميع الوجوه السياسية القديمة، بعد محاسبتها. "نريد شباناً في الواجهة. تعبناً كثيراً من مشاهد تظهر الشباب يختارون الموت في البحر لأنهم لا يستطيعون البقاء في بلادهم".

أما كبار السنّ في المقاهي الجزائرية، فقد اعتادوا قراءة الصحف لمتابعة المستجدات السياسية. ويسأل السي بلقاسم، أحد كبار حي بلكور العتيق: "متى يظهر الرئيس؟". يضيف: "كبرنا وقد عرفنا يوم الاستقلال. ولحسن حظّنا أننا عرفنا الفرح. في السابق، امتنعت عن الحديث عن المواضيع السياسية. وكان فريق القلب شباب بلوزداد الحديث الوحيد الذي يروقني. لكن اليوم، أتساءل عن حق الجزائريين في رؤية رئيسهم مهما كان وأينما". ويوضح أن الشباب في الجزائر يبحثون عن الأمل فقط. في النهاية، "هذا بلدنا الذي نحب من دون مزايدات، على الرغم من السلبيات والظلم الذي عاشه الملايين".

وتشهد الجزائر منذ أكثر من شهر غلياناً شديداً في الساحة السياسية، في ظلّ حراك شعبي تشهده يوميات الجزائريّين، بعدما ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، وهو ما رفضه الجزائريون، ليتراجع ويسحب ترشحه ويطالب بتمديد العهدة الرئاسية الرابعة، الأمر الذي يرفضه الشارع جملة وتفصيلاً.



يشار إلى أنه في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، خرج مئات آلاف المتظاهرين الجزائريين في العاصمة الجزائر، في سادس جمعة على التوالي منذ بدء التظاهرات، للمطالبة بإقالة بوتفليقة بعد أيام من دعوة الجيش له بالتنحي.

ويطالب المتظاهرون بتولي القيادات الشابة إدارة الدولة التي تعتمد كلياً على النفط ورفع مستوى المعيشة للمواطنين.
وبموجب الدستور، فإن رئيس المجلس الأعلى للبرلمان، عبد القادر بن صالح، سيتولّى منصب الرئيس مؤقتاً لمدة 45 يوماً على الأقل بعد رحيل بوتفليقة.