المرأة الجزائرية تقود مسيرات التغيير... وجميلة بوحيرد في الصدارة

المرأة الجزائرية تقود مسيرات التغيير... وجميلة بوحيرد في الصدارة

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
02 مارس 2019
+ الخط -
لم تتخلف المرأة الجزائرية عن الصفوف الأولى في الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ أيام، بل خرجت للتعبير عن موقفها السياسي ورفضها ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، رغم ما يزعم بأن النساء يدعمن الرئيس بسبب جملة حقوق أقرها لصالح المرأة خلال فترة حكمه.

وشاركت المجاهدة جميلة بوحيرد في مسيرة شعبية غير معروفة المآلات أمس الجمعة، ولم يحل سنها دون ذلك. وعبرت شارع ديدوش مراد وسط العاصمة الجزائرية مع المتظاهرين وسط احترام وتقدير واحتفاء شعبي بوجودها في المسيرة، واستعادة لحظة ثورية من تاريخ النضال في عهد ثورة التحرير.

إلى جانب بوحيرد، ساهمت آلاف النسوة اللواتي عايشن محنة الاستعمار، ومن بينهن بنات بوحيرد وشابات جيل الاستقلال من محاميات وطالبات وموظفات وغيرهن. لم يتأخرن عن الوقوف ضد محاولات المغامرة بمستقبلهن وبمستقبل الشعب الجزائري من قبل السلطة المصرة على ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.

في أكثر من مسيرة في ولايات الجزائر كان للنساء المسنات والشابات والطالبات والفتيات في مقتبل العمر اللاتي حضرن مع عائلاتهن حضور لافت وقوي عزز الموقف الشعبي، وأبرز تلاحماً لفئات المجتمع الجزائري المختلفة. ورفعت النساء التواقات للتغيير شعارات متعددة من بينها "هذي ماشي الفتنة، وإنما الفطنة" أي أن النساء فطنّ لضرورة التغيير في هرم الدولة الجزائرية.


وقالت سامية المشاركة في إحدى المسيرات، والتي تعمل في مركز البري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "خرجنا لأننا لا نرضى أن يحكمنا الرئيس المريض والجميع يتمنى له الشفاء، ولكن لا يمكنه أن يحكمنا".

وتؤكد الشابة فريدة التي كانت برفقة والدها وشقيقتها في المسيرة في حديث لـ" العربي الجديد": "خرجت للمشاركة في المسيرة لأنني أرفض العهدة الخامسة، خرجت من قبل في مسيرات رفض العهدة الرابعة عام 2014، الجزائر جمهورية وليست مملكة".

في المظاهرات التي تعم ربوع الوطن، كسرت النساء حاجزي الخوف والصمت أيضاً، وكانت الطالبات الجامعيات الأكثر حضورا، وعبرن عن رفضهن لتجزئة الحقوق، ورفعن شعار "كلنا ضد بقاء الأوضاع كما هي". وتعتبر الطالبات أن الجامعات الجزائرية تحوي كفاءات من النساء لكنهن مهمشات أو مستبعدات من الواجهة.

وأوضحت سميّة وهي طالبة جامعية بكلية الحقوق بالعاصمة "أنا خرجت في المسيرات الثلاث، في مسيرات 22 فبراير/شباط الماضي ومسيرات الجامعات ثم مسيرة الفاتح من مارس/آذار الجاري، أنا أعبر عن حقي وأؤدي واجبي الوطني اليوم، وأرفع بطاقتي الجامعية في يميني وحقي في الرفض وتقرير مصيري في اليد اليسرى".

حقوق المرأة الجزائرية موجودة في الخطابات والوعود الانتخابية فقط(العربي الجديد) 

وقالت المواطنة سعاد وهي موظفة في شركة عمومية: "خرجت مع زميلاتي في العمل للتعبير عن القمع والظلم مثل كل المواطنين لأن الآلاف من النساء يعانين في صمت، فالحكومة تتعامل مع المرأة  كورقة انتخابية خصوصا النساء الأرامل والمطلقات"، موضحة أنه "بعد الوعود السياسية تظل المرأة في موقعها دون تحسين أو تغيير بل تهضم حقوقها أكثر، وهي تتفرج ليس إلا".

ما دفع الجزائريات للخروج إلى الشارع هو الإحساس بالضيم المجتمعي المتأتي من الخلل الكبير في المنظومة السياسية التي يقتصر تشجيعها للمرأة على الخطب السياسية لكنه ينتفي على صعيد الممارسة. مشاركات كثيرات عبرن بشجاعة عن موقفهن، ورفضن الحديث عن امراة ورجل في المسيرة. وقالت الناشطة شهرزاد حميدي لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أنه يمكن الحديث في المسيرات عن رجل وامرأة، نتحدث اليوم عن إنسان جزائري". وأضافت "حين تتوفر الديمقراطية ستأخذ كل الفئات المجتمعية حقوقها سواء تعلق الأمر بامرأة أو رجل أو شاب أو طفل أو غيره".


ورأت أن "المرأة كونها نصف المجتمع يجب أن تحظى بالكثير من الحقوق التي ترفع من مستوى الأسرة الجزائرية، لأن المرأة تعاني أكثر في الأسرة الجزائرية، حين يكون ابنها عاطلا عن العمل، أو بخس حق ابنتها في العلاج، أو لم تحصل الأسرة على سكن، فهي التي تكون أكثر ألماً".

وتابعت شهرزاد وهي أستاذة جامعية، "إن المسيرات لا تتجزأ وتضم كل شرائح المجتمع، لكن مشاركة المرأة دليل على وعيها بما يحدث في الساحة الوطنية، ويحمل وجود المرأة في المسيرات والمظاهرات بعداً سياسياً بالغا، واسهاماً في المشاركة الديمقراطية".


ووافقت كنزة بن حليس، أستاذة العلوم السياسية بكلية العلوم الإنسانية بجامعة باتنة، على رأي شهرزاد، موضحة لــ" العربي الجديد" أن فاعلية المرأة في الساحة المجتمعية تعطيها بعدا ووعيا أكثر في التعاطي مع قضايا لها علاقة مع " الهم النسائي" بالدرجة الأولى، إضافة إلى مشاركتها في الفعل المجتمعي.

ويبدو أن وجود المرأة اللافت في المظاهرات له عدّة قراءات، فالمظاهرات كانت وسيلة للتعبير عن آرائهن ورغبتهن في أن تكون المراة فاعلاً حقيقياً في هذه الفضاءات التعبيرية المفتوحة.

وقالت بن حليس: "كسرت المظاهرات الصورة النمطية التي اعتاد عليها الجزائري على اعتبار أن المرأة مكانها في مساحات معروفة ومغلقة"، لافتة إلى أن مشاركة النساء في المسيرات خطوة نحو تأسيس للفعل الديمقراطي في المجتمع الجزائري وحق المرأة في التعبير.

أضفت مشاركة المجاهدة جميلة بوحيرد في المسيرات بعداً رمزياً، زادها قيمة وتأثيرا فضلا عن تنوع الفئات والأعمار من المشاركات، كما حملت رسالة سياسية بتوحد المطلب والرؤية والأفق بالنسبة لكل الجزائريين.

ذات صلة

الصورة
نساء فلسطينيات وسط الحرب في قطاع غزة (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

مجتمع

نعى المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة 8900 امرأة "قُتلنَ بدم بارد"، فيما تعيش النساء الفلسطينيات الأخريات في ظروف "إذلال حقيقي" تمارسه إسرائيل.
الصورة
امرأة فلسطينية وطفل فلسطيني وسط الحرب على قطاع غزة (بلال خالد/ فرانس برس)

مجتمع

أفادت الأمم المتحدة بأنّ إسرائيل تقتل سبع نساء فلسطينيات في قطاع غزة كلّ ساعتَين، واثنتَين من الأمهات كلّ ساعة. أضافت أنّ 67 في المائة من بين أكثر من 14 ألف شخص قُتلوا حتى الآن هم من النساء والأطفال.
الصورة
بالون إلى السماء/مجتمع (ألتان غوشير/ Getty)

مجتمع

في محاولة لرسم البهجة، برزت حنان عبد الله، صاحبة مشروع "بالون"، كأول يمنية تفتتح عالم البالون في صنعاء وتُدخل الفرح والسعادة إلى قلوب الناس، إذ استطاعت تحويل فكرة بسيطة إلى مشروع يعكس الإبداع والتفاني.
الصورة
نور داود سلمان عراقية تعلم الفتيات الكاراتيه 1 (طيبة صادق/ رويترز)

مجتمع

استلزم الأمر أكثر من عامين قبل أن تتمكّن الشابة العراقية نور داود سلمان من إقناع عائلتها بالسماح لها بتعلّم الكاراتيه، واليوم هي تدرّب الفتيات على الفنون القتالية للدفاع عن أنفسهنّ ضد التحرش.

المساهمون