تونس: احتجاز المعلم مغتصب تلاميذه الـ20 ومتابعة نفسية للأطفال

تونس: احتجاز المعلم مغتصب تلاميذه الـ20 ومتابعة نفسية للأطفال

13 مارس 2019
بعضهم أبلغوا أهلهم بالاعتداء فأسكتوهم (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تلقي قضية الاعتداءات الجنسية التي تورط فيها معلم وطاولت 20 تلميذاً من تلامذته من صفاقس وسط شرق تونس، بظلالها على الساحة التونسية، فأحيل المعتدي إلى النيابة العامة، وتشكلت خلية أزمة لمتابعة الأطفال الذين تعرضوا للاعتداءات نفسياً واجتماعياً.

وأصدر قاضي الأسرة تعليمات لأسر الضحايا بعدم الإدلاء بأية معطيات لوسائل الإعلام عن الحادثة إلى حين الانتهاء من الأبحاث.

لكن مندوب حماية الطفولة محمد العكرمي، قال في تصريح لـ"العربي الجديد": "إن الاطفال الذين تعرضوا لاعتداءات جنسية هم 17 تلميذة و3 تلاميذ تتراوح أعمارهم بين 10 و11 عاماً"، مبينا أن جميع أصناف الاعتداءات من اغتصاب وتحرش جنسي موجودة في هذه القضية.

متابعة نفسية للضحايا طويلة الأمد

وأكد العكرمي أن مندوبي حماية الطفولة يعتبرون  كل الاعتداءات مهما كانت درجتها من تحرش لفظي أو معنوي على قصر غير مدركين تندرج ضمن الاغتصاب، والاعتداء الصارخ على حرمة الأطفال. وقال: "لا يمكن الصمت حيال ما حصل، خصوصاً أن عدد الأطفال المعتدى عليهم كبير، ولا بد من متابعتهم كي يتمكنوا من التخلص تدريجياً من تداعيات ما حصل سواء بالإحاطة النفسية أو الاجتماعية".

واعتبر أن "الصدمة قوية وليس من السهل على أي طفل التخلص منها، ورغم أن التأثيرات تختلف من طفل إلى آخر إلا أنها ستلازم بعضهم مدى الحياة". وأكد أن "متخصصين يحاولون مساعدة الأطفال على تخطي الآثار، ومتابعة حياتهم"، لافتاً إلى أن "عمل هؤلاء مع التلاميذ لن يكون لفترة قصيرة بل قد يمتد حتى بلوغهم سن 18 وربما أكثر".

وشدد على أن "الحادثة صادمة ومريبة وخطيرة لأن تداعياتها لا تقتصر على الطفل الضحية وحده، بل على عائلته وإخوته وأصدقائه في المدرسة، وبالتالي العمل كبير ويتطلب تضافر جميع الجهود".

وبيّن أن "خلية أزمة تشكلت وتضم عديد المختصين النفسيين من وزارة التربية وقسم الطب النفسي تتابع الأطفال في مستشفى الهادي شاكر وفي مصلحة الطب النفسي في صفاقس" مشيراً إلى تعهد هؤلاء القادمين من محافظات أخرى، بأنه سيمكث عدد منهم في صفاقس لفترة تمكنهم من متابعة التلاميذ ضحايا الاعتداء. وقال: "الأطفال يمارسون يومياتهم كالمعتاد، يواصلون دراستهم، وفي نفس الوقت يخضعون للمعاينة والعلاج النفسي".

ولفت العكرمي إلى أن "القضاء يمسك بالملف، وأنه في حال أظهر التحقيق علاقة أي طرف كان على علم بما يحصل، وتستر عليه، ولم يُخطر مندوبي حماية الطفولة بالأمر فإنه سيخضع للملاحقه"، مبينا أن "المعلم المعتدي شاذ، والشاذ لا يقاس عليه". وأوضح أن "التهم الموجهة للمعلم حالياً قد تتجاوز أحكاماً بالسجن مدى الحياة، خصوصاً أنه اغتصب الأطفال وتحرش بهم داخل حرم المدرسة وفي منزله أثناء تقديمه دروس التدارك لهم".

أولياء سمعوا شكاوى أطفالهم وسكتوا

وقالت المكلفة بمأمورية من قبل وزارة التربية بمتابعة الملف، إلهام بربورة، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنهم لم يدركوا أن عدد الضحايا سيصل إلى هذا الحد، إذ بلغهم في البداية خبر حالة اعتداء واحدة بعد أن رفعت أم شكوى بتعرض ابنتها للتحرش من قبل هذا المعلم.

وأوضحت أن لقاء المختصين النفسيين بقية التلاميذ وأصدقائهم في إطار معالجة آثار ما بعد الصدمة، أسفر بعد حصص عديدة عن تصريحهم بأنهم أيضا ضحايا اعتداءات هذا المعلم. وأكدت المتحدثة أن الاعتداءات، بحسب المتابعات التي قاموا بها، حصلت في منزل المعلم أثناء دروس التدارك وفي سيارته أيضاً، ولم يتأكد بعد قيامه باعتداءات داخل الصف في المدرسة.

وأشارت إلى لقاء سيجمعهم غدا الخميس بأولياء الضحايا، "لتدعيم الوقاية لأنه بحسب المعطيات التي وردت فإن بعض الأولياء استمعوا لشكاوى أبنائهم من تصرفات هذا المعلم لكنهم طلبوا منهم الصمت". وبيّنت أن "الخطير في المسألة أن الأولياء لا يحسنون التعامل مع مثل هذه الحوادث، إذ هم بصفة غير مباشرة يتحملون مسؤولية ما حصل أو استمرار الاعتداءات على أبنائهم"، مؤكدة أنّ "هذا ما يفسر ولو قليلاً ارتفاع العدد، فالاعتداءات لم تكن على فترة قصيرة بل استمرت طويلاً، والفحوص الطبية ستكشف ذلك بدقة".

واعتبرت أنّ "ما حصل يفوق الخيال فالمعلم المعتدي صاحب حصة إذاعية ويقدم برنامجاً حول الطفولة"، مؤكدة أنّ على الأولياء تشجيع أبنائهم على الحديث لأنه لولا الخوف لما وصلت المسألة لهذا الحد، وأن التربية الجنسية تنطلق من سن مبكرة.

وقال المسؤول الإعلامي بوزارة التربية، محمد الحاج طيب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "إن وزير التربية أعطى الإذن لثمانية مختصين نفسيين لمتابعة حالة الأطفال المتضررين، كما كلف مندوبة من وزارة التربية لمتابعة الضحايا. وبدوره أكد أن الإحاطة بهؤلاء الصغار لن تكفي لفترة قصيرة بل تتطلب مرافقة طويلة المدى، وهناك توجه لتوفير أكثر ما يمكن من الدعم النفسي بحسب كل حالة ووضعها الاجتماعي وتأثير الصدمة عليها.

وقال الناطق الرسمي لمحاكم صفاقس، مراد التركي، في تصريح إعلامي: "على أثر الإشعار الوارد لمندوب حماية الطفولة بصفاقس، وبعد إحالة القضية إلى الفرق المختصة للبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل في منطقة صفاقس الجنوبية، وبعد التحري في الموضوع، كشفت الأبحاث الأولية عن تعرض الأطفال إلى الاعتداء بفعل الفاحشة والتحرش الجنسي من طرف معلم يباشر عمله في المدرسة".

وأكد التركي إحالة المعلم إلى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية صفاقس 2، وباشرت الجهات المعنية بالتحقيق بالاعتداء على أطفال ممن له سلطة عليهم واستغلال نفوذه ووظيفته.