سوريون محرومون من التنقل

سوريون محرومون من التنقل

10 فبراير 2019
تعرفة مرتفعة في مناطق المعارضة والنظام (Getty)
+ الخط -
يوماً بعد آخر، يزداد حرمان السوريّين من أبسط حقوقهم نتيجة الصراع المسلّح، من بينها حقّ التنقل داخل الأراضي السورية. ويقول الناشط الإعلامي أيهم العمر، النازح من جنوب دمشق إلى مدينة الباب في ريف حلب، لـ"العربي الجديد": "تعرفة بدل النقل ارتفعت بشكل كبير. في حال رغبت في زيارة أقاربي في مدينتي عفرين واعزاز، فإن كلفة السفر إلى اعزاز مثلاً ذهاباً وإياباً هي خمسة آلاف ليرة للشخص الواحد على أقل تقدير، وهذه كلفة مرتفعة جداً بالنسبة لغالبية الناس في المنطقة". يضيف: "هذه الأجور تحرم الكثير من العائلات والأصدقاء الذين شتت شملهم النزوح من اللقاء. أنا أحد الأشخاص الذين لا يستطيعون التنقل إلا في حال الضرورة القصوى. قبل فترة، عانت زوجتي من مشكلة صحية، وكان يتوجب نقلها إلى مدينة اعزاز. إلا أن تكاليف النقل بالنسبة لي كانت أزمة حقيقية".




بدوره، يؤكّد أبو محمد الحمصي، النازح من حي الوعر الحمصي إلى مدينة الباب، لـ"العربي الجديد"، ارتفاع تعرفة النقل بين المدن والبلدات. تعرفة النقل بالباص تقدر بنحو 2500 ليرة سورية (نحو 4.7 دولارات)، (سعر صرف الدولار الأميركي الواحد نحو 530 ليرة سورية). أما تعرفة النقل لسيارات الأجرة فتراوح ما بين 10 آلاف ليرة (نحو 19 دولاراً) و20 ألف ليرة (نحو 38 دولاراً).

ويوضح أن "تعرفة النقل داخل مدينة الباب تراوح في (السرفيس) ما بين 100 و150 ليرة (0.1 و0.3 دولارات)، والتاكسي ما بين 500 وألف ليرة (0.9 و1.9 دولار)، بحسب بعد المكان"، لافتاً إلى أنه "حتى هذه التعرفة تعد مرتفعة بالمقارنة مع أوضاع العائلات المادية، إذ ترتفع نسبة البطالة والغلاء فاحش".

إلى ذلك، يقول الناشط الإعلامي يعرب الدالي، النازح من ريف حمص الشمالي إلى ريف حلب، لـ"العربي الجديد": "في الشمال، المناطق بعيدة بعضها عن بعض، ليس كما كانت في مناطقنا. الوصول إلى أبعد نقطة لم يكن يتجاوز الربع ساعة. أما هنا، فقد يستغرق الأمر ساعتين أو أكثر، كما أن الطرقات غير مجهزة، الأمر الذي يجعل فاتورة الصيانة الدورية مرتفعة. والانتقال من منطقة إلى أخرى يقتضي السير في طرقات محددة بسبب تداخلات السيطرة، ما يزيد المسافات بشكل كبير، إضافة إلى تعرفة سيارة الأجرة". ويلفت إلى أنه من المشاكل الكبرى اليوم، قطع الطرقات بين أرياف حلب وإدلب، ما شل حركة الناس بين المنطقتين، حتى للحالات الإنسانية.

يضيف: "أنا موجود في عفرين وأقربائي يبعدون عني نحو 30 كيلومتراً في دير حسان. لم أستطع زيارتهم حتى اليوم بسبب ارتفاع بدل النقل، إذ أحتاج إلى عشرة آلاف ليرة". ويبين أن "السفر من عفرين إلى إدلب يحتاج نحو 5 ساعات، إضافة إلى الانتقال من عفرين إلى سرمدة بتعرفة 2700 ليرة (نحو خمسة دولارات)، ومن سرمدة إلى المعرة بـ3 آلاف ليرة (نحو 5.6 دولارات)، ومن المعرة إلى إدلب نحو ألفي ليرة، أي ما مجموعه 15400 ليرة (نحو 35 دولاراً).

من جهته، يقول عضو "منسقو الاستجابة" طارق الإدلبي، لـ"العربي الجديد": "إغلاق المعابر مع درع الفرات رفع أسعار المحروقات والبضائع في مناطق هيئة تحرير الشام، ووصل سعر برميل النفط المكرر أو الخام نهاية الأسبوع الماضي إلى ما بين 6 و11 دولاراً. وكان سعر برميل المازوت الذي يأتي من حقل رميلان، ويتم تكريره في محطة رويس في مناطق درع الفرات، قبل إغلاق المعابر، 49 ألف ليرة سورية (نحو 92 دولاراً)، وارتفع السعر إلى 55 ألف ليرة سورية (نحو مائة دولار)، وهو من النوع الممتاز".

يتابع: "أما النفط الخام القادم من المنطقة نفسها، فكان بسعر 35.30 ألفاً للبرميل الواحد، وارتفع السعر إلى 38 ألف ليرة سورية، بمعدل 6 دولارات، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أسعار صرف الدولار الأميركي الذي زاد عن 530 ليرة للدولار الواحد، ما دفع إلى زيادة الطلب على الوقود خوفاً من انقطاعه، من قبل أصحاب الأفران والورش. كما ارتفعت تعرفة النقل".
إلى ذلك، ركز رئيس دائرة الإعلام في مديرية صحة إدلب عماد الزهران، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن المواطن في الشمال السوري سيعاني الكثير بسبب ارتفاع تعرفة النقل، في حال استمرار قرار وقف دعم مديريات الصحة. وسيصبح الانتقال إلى بعض النقاط الطبية المدعومة من منظمات شريكة أمراً مرهقاً ومكلفاً جداً".

من جهته، يقول المصور الصحفي عامر علي، المقيم في إدلب، لـ "العربي الجديد"، إن ارتفاع تعرفة النقل تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، خصوصاً البضائع التي يتم تبادلها بين مناطقنا ومناطق النظام". يضيف: "حتى البضائع المستوردة من تركيا يختلف سعرها بحسب قرب المنطقة من الحدود. أسعار البضائع في سرمدة القريبة من الحدود تختلف عنها في إدلب المدينة، التي تبتعد عنها نحو 50 كيلومتراً، وبفروقات كبيرة".

ويوضح الصحافي مصطفى محمد، المقيم في ريف إدلب، لـ "العربي الجديد"، أنّ "جزءاً من المشكلة يكمن في انخفاض عدد سيارات الأجرة وقلة عدد المسافرين، ما أدى إلى ارتفاع بدلات النقل، وهو ما لا قدرة للأهالي بشكل عام على تحمله، خصوصاً من يجد عملاً خارج منطقة سكنه، في ظل تفشي البطالة". يضيف: "مثلاً، المنطقة التي تربط إدلب بريف حلب، أي مناطق ريف حلب الغربي، هي مناطق المواصلات فيها قليلة جداً. غالبية من يعمل في المنظمات والمؤسسات، يجدون صعوبة كبيرة في الوصول إليها".




يضيف: "اختلف واقع النقل بعد عام 2011 عما قبله". ويقول: "بين بلدة بنش ومدينة إدلب نحو سبعة كيلومترات. سابقاً، كانت تمرّ سيارة أجرة كل خمس دقائق. أما اليوم، فقد ننتظر ساعتين لتتحرك السيارة. وكانت التعرفة خمس ليرات، أما اليوم فهي ألفي ليرة".

ولا يختلف واقع السوريين في المناطق التي يسيطر عليها النظام عن تلك المناطق في شمال سورية. وقد يمر عام كامل أو أكثر دون أن يستطيع الكثيرون من سكان تلك المناطق زيارة عائلاتهم، كحال شذى خ. وهي موظفة في دمشق وأم لثلاثة أطفال، مضى على آخر زيارة لها لعائلتها في اللاذقية أكثر من عام، لأسباب أبرزها الكلفة المالية.

دلالات