سجال في السويد حول عودة المواطنين "الداعشيين" مع أسرهم

سجال في السويد حول عودة المواطنين "الداعشيين" مع أسرهم وأطفالهم

27 فبراير 2019
مصير مجهول (ألكسندر كلوغ/ Getty)
+ الخط -

السويد من تلك البلدان الأوروبية المعنيّة بمواطنين "داعشيين" التحقوا بالقتال في سورية أو العراق قبل أعوام. ويدور سجال في البلاد حول مصير سويديين وعائلاتهم وأطفالهم، مع إصرار البعض على رفض استقبالهم.

يستمرّ السجال في السويد حول قضية المواطنين السويديين الذين انتقلوا إلى مناطق سيطرة "داعش" منذ عام 2013، والموجودين اليوم في مناطق شمال سورية، بعد تأكيد رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين (يسار وسط) الأحد الماضي رفض بلاده "مساعدة أو استقبال المواطنين الذين شاركوا في الحرب إلى جانب (تنظيم) داعش في سورية والعراق". وكان لوفين قد أوضح في تصريحات للقناة الرسمية السويدية "إس في تي"، موقف بلاده من الدعوة الأميركية الجديدة إلى ضرورة استعادة أوروبا مواطنيها الذين سبق والتحقوا بتنظيم "داعش" لمحاسبتهم أمام القضاء، قائلاً إنّ استوكهولم "واضحة في ما يخصّ هذه القضية".

واستعاد لوفين موقفاً سويدياً رسمياً صدر قبل أعوام قائلاً إنّ "وزيرة الخارجية (مارغوت فالستروم) كانت قد نصحت وأوضحت منذ عام 2011 أنّه لا يجب السفر إلى تلك المناطق. والذين فعلوا ذلك لا يجب عليهم توقّع أيّ مساعدة دبلوماسية من السويد". وردّاً على إعلان فرنسا استقبال 150 من مواطنيها وبحث بلجيكا عن مواقف أوروبية مشتركة، قال لوفين إنّ "لكلّ بلد خياره الخاص".

ويثير تردّد رئيس الوزراء السويدي في الاستجابة لمطالب حقوقية وسياسية باستعادة "أطفال السويد" الموجودين في تلك المناطق، بقوله "ما زلنا نبحث خياراتنا"، ردود فعل عدّة، لعلّ أبرزها ما صرّحت به منظمة "أنقذوا الأطفال" مشدّدة على مطلبها بـ"استعادة استوكهولم الأطفال السويديين من مخيّمات الشمال السوري"، وفقاً لما ذكر مدير فرعها السويدي أولا ماتسون. فقد أكد ماتسون للتلفزيون السويدي أنّ "هؤلاء الأطفال هم في الأساس ضحايا لم يختاروا أن يكونوا هناك، وهم يتمتّعون بحقوق فردية. بالتالي، نرى أنّه من واجب السويد، وفقاً لالتزاماتها باتفاقية حقوق الطفل (الدولية) أن تفعل كل شيء لاستعادتهم بأمان إلى بلدهم".




وأوضحت المنظمة المعنيّة بحقوق الطفل أنّه "من الضروري منح الأسر فرصة العودة إلى وطنها بطريقة مشروعة، ما يعني تقديم المساعدة الدبلوماسية لها. كذلك، فإنّ للأطفال الحقّ في أن يكونوا مع أهاليهم. على الرغم من ذلك، نرى أنّه في حال ارتكب أحد الوالدَين جرائم، فإنّه يتوجّب مثوله أمام المحاكم طبقاً لأحكام القانون الدولي". وشدّدت المنظمة على "وجوب أن تطبّق السويد مفهوم دولة العدالة، لما لذلك من أهميّة بالنسبة إلى حقوق الطفل وتطبيقات القانون الدولي، لبحث ما إذا ارتكب الأفراد فعلا جرائم يعاقب عليها القانون أم لا".

وتأتي مطالب المنظمة الدولية بعد يومَين من تصريحات وزير داخلية السويد، ميكال دامبيرغ، الذي حمّل مسؤولية هؤلاء الأطفال لأهاليهم، مؤكّداً أنّ استوكهولم لن تساعد في عودة من سافر لينضمّ إلى تنظيم "داعش". وشدّد دامبيرغ في ردّ على سؤال للقناة السويدية الرسمية حول اشتمال الأطفال في منع العودة، أنّه "في حال وصل أطفال سويديون إلى سفارات السويد فسوف تعالج الأمور بجدية"، لافتاً إلى أنّ بلاده لن تساعدهم دبلوماسياً. وأعاد مرّة أخرى المسؤولية إلى "خيار الأهل. هم الذين فضّلوا ذلك وهم يتحمّلون مسؤولية أطفالهم. إذا كنت قلقاً على أطفالك، فأنت الذي تبحث عن أمان لهم". وكانت القناة السويدية قد عرضت لقطات من مخيّم ضمّ نساء وأطفالا في داخل سورية، وقد تحدّثت القناة مع عدد من هؤلاء النساء. يُذكر أنّ ثمّة نساء منهنّ اعتنقنَ الإسلام وتزوّجنَ وأنجبن منذ عام 2013 أو 2014، وثمّة من فقدنَ أزواجهنّ في معركة الرقة السورية.

تفيد تقديرات الاستخبارات السويدية (سابو) بأنّ 300 مواطن سويدي سافروا إلى سورية للانضمام إلى تنظيم "داعش". وبحسب الجهاز الأمني نفسه، فثمّة من عاد من بين هؤلاء، نحو نصفهم، لذا يُحكى عن 150 مواطناً حتى عام 2017. وبحسب التقديرات نفسها التي تستند إليها وسائل الإعلام المحلية عادة، فقد قُتِل نحو 50 مواطناً سويدياً في سورية، بينما يعيش الباقون مع أطفالهم في مناطق ومخيّمات مختلفة. وتؤكد الاستخبارات السويدية أنّه "سوف يتمّ التواصل مع كلّ من يعود (ذكراً كان أم أنثى)، وفي حال أثيرت شكوك حول ارتكابه جرائم، فسوف تتّخذ إجراءات قانونية بحقّه".



تجدر الإشارة إلى أنّ السجال السويدي الداخلي يتزامن مع انتقادات من يمين الوسط المعارض، حزب "الاعتدال" وحزب "الديمقراطيون المسيحيون"، لما أُطلق عليه "تراخ في الملاحقة القانونية". ويطالب الحزبان إلى جانب حزب "ديمقراطيو السويد" (يمين متشدد) بطردهم وسحب الجنسيّة منهم وبـ"تشديد تطبيق قانون مكافحة الإرهاب" بحقّهم. ويتّهم اليمين حكومة اليسار ويسار الوسط بأنّها "غير حاسمة وبطيئة".