العراق: ربيع ديالى من دون متنزهات

العراق: ربيع ديالى من دون متنزهات

26 فبراير 2019
المتاح قليل جداً ولا يستوعب حجم السكان (فيسبوك)
+ الخط -


يحل موسم الربيع في محافظة ديالى على نحو مختلف هذا العام، فمع هطول الأمطار بغزارة خلال فصل الشتاء اكتست الأرض اليابسة بثوب أخضر، الأمر الذي دفع سكان ديالى المتعطشين للتنزه في الطبيعة لاستغلال هذا الموسم، لكن شح الأماكن الترفيهية خصوصاً بعد خسارة الكثير منهم لمزارعهم وبساتينهم نتيجة حرقها أو جرفها يحول دون تحقيق رغبتهم في إيجاد متنزهات لعائلاتهم.

ويقول أبو عبد الله المهداوي، من سكان مدينة بعقوبة عاصمة محافظة ديالى: "في العام الماضي، اضطررت لاقتراض مبلغ من المال لاصطحاب عائلتي إلى شمال العراق لأن التنزه في محافظة ديالى ليس بالأمر السهل بالرغم من وجود المزارع والبساتين، إلا أن قلة وجود الأمان يعيق العائلات عن الذهاب للأماكن الترفيهية والمتنزهات وهذا يقلل أمامنا الخيارات".

ويتابع المهداوي لـ"العربي الجديد"، وهو موظف حكومي: "بالرغم من وجود مساحات شاسعة وصالحة لإنشاء أكبر المتنزهات في ديالى، إلا أن هذه المحافظة تعاني بالفعل من قلة الأماكن الترفيهية التي من الممكن أن تقضي فيها العائلة بعض الأوقات. ففي مدينة بعقوبة ليس هناك غير متنزه بين الجسرين ونادي الفروسية الّذي لا يشبه اسمه أبداً، وهناك بعض الحدائق والألعاب تعود لمطاعم أو قاعات المناسبات وهذه كلها لا تتناسب مع حجم مدينة بعقوبة. كما أن محدودية عدد المتنزهات تجعل الموجود منها يبعث الملل ولا يمكن زيارتها في كل مناسبة، لذا نتمنى من المستثمرين والجهات المسؤولة الاهتمام بشكل حقيقي بالواقع الترفيهي والخدمي لأننا بحاجة إلى مواقع ترفيهية داخل المحافظة".

وأثّر عدم تنفيذ المشاريع تأثيراً ملحوظاً على الواقع الخدمي، وتقول المواطنة لمياء يونس (39 عامًا): "هناك مشاريع أعلن عن الشروع بالخطوات الأولى لبنائها، لكن ذلك كان عبارة عن وضع حجر أساس أو مجرد صور إعلامية تروج لفكرة أن هناك مشاريع تنفذ في المحافظة، إلا أن الواقع يتحدث عن تلكؤ واضح وعدم تنفيذ أي مشروع منذ 2003 ولغاية الآن".

400 مشروع على الورق مع وقف التنفيذ (فيسبوك) 

وتضيف يونس لـ"العربي الجديد"، والتي تعمل مُدرسة: "إن الزائر لمدينة بعقوبة، يختزل في ذهنه صورا سلبية عن هذه المدينة التي كانت تشتهر بكثرة بساتينها، إلا أن مزارع وبساتين كثيرة فيها تم حرقها أو تجريفها لتحويلها إلى مساحات محترقة أو مبانٍ سكنية، وبالتالي فقدت المدينة هويتها المتمثلة في كثرة البساتين والمساحات المزروعة وأصبحت مجرد بيوت بائسة وشوارع ومشاريع خدمية انتهى عمرها الافتراضي".

وتعتبر أن هذا الواقع "يجعل المواطن في ديالى يبحث عن بدائل في موسم الربيع أو الأعياد ليقضيها مع عائلته، بعد أن أصبحت الأماكن الترفيهية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بل إنّ أغلبيتها يفترض أنها حدائق عامة، لكن تم استغلالها كمرفق حيوي لكسب المال".

ويوضح مدير متنزه المرح العائلي في ديالى، بدر محمود، لـ"العربي الجديد"، أنّ "محافظة ديالى من المدن ذات الطبيعة الجغرافية المتنوعة وفيها بعض التلال والسهول ونهر وبحيرة وسدّ، إضافة إلى الطبيعة المنبسطة الممتدة بين الجنوب والشمال العراقيَين، كما أن هذه الطبيعة انعكست لسنوات عدة إيجاباً على مرافقها السياحية مثل بحيرة السعدية وموقع شيخ بابا، والعديد من المتنزهات التابعة لبلدة خانقين، ومنطقة بساتين، وسد الصدور السياحي في بلدة المقدادية".

تضطر العائلات للبحث عن الترفيه خارج المحافظة (فيسبوك) 

ويلفت إلى أن "تلك المواقع كان يقصدها جميع سكان ديالى بل حتى من العاصمة بغداد وبعض المحافظات خاصة في موسم الربيع وعيد نوروز، وهذا ما جعلنا ننشئ في عام 2013 أول متنزه سياحي للعائلات في منطقة الصدور في مدينة المقدادية، وكان من المشاريع الأهلية الناجحة، لكن بعد أحداث 2014 ودخول داعش، انتهى المتنزه بعد حرق أجزاء كبيرة من البستان التي أقيم المتنزه داخلها، كما سرقت الألعاب ونزح سكان تلك المنطقة، والآن أصبحت محافظة ديالى ما عدا بلدة خانقين التي تحوي بعض المتنزهات والأماكن الطبيعية، بحاجة كبيرة إلى متنزهات وأماكن ترفيهية جديدة تتناسب مع تعداد سكان المحافظة".

ويبيّن محمود أن "لجان التعويض لم تقم لغاية الآن بتعويض أصحاب البساتين أو المتنزهات أو المحلات التي أحرقت أو هدمت، وهذا يشكل عائقاً آخر أمام النهوض بالواقع الخدمي والترفيهي داخل مدينة ديالى؛ ما يستوجب ضرورة العمل على تعويض المتضررين ودعوة المستثمرين وطمأنتهم من الناحية الأمنية لإنشاء مشاريع خدمية وترفيهية في محافظة ديالى".

لا تعويضات للمتضررين كي يحسنوا مساحات وأماكن التنزه (فيسبوك) 

يذكر أنّ رئيس مجلس محافظة ديالى علي الدايني، سبق له أن أعلن في تصريح صحافي، في نوفمبر/ تشرين الثاني  2018، أنه "بسبب الأزمة المالية عام 2014 وحتى اليوم لا توجد مخصصات مالية إلا لقلة قليلة من المشاريع، ويتم تخصيص بعض الأموال للحالات الطارئة عن طريق المخاطبات، وهناك في ديالى أكثر من 400 مشروع كلفتها مئات المليارات، وهذه المشاريع متوقفة وبعضها يشارف على الاندثار بسبب تركه وإهماله، ما يجعلنا نواجه مشاكل مزدوجة".

وبحسب تصريح سابق لقائممقام بلدة بعقوبة عبد الله الحيالي، "إن وجود لعبة واحدة لكل ألف طفل في العيد هو مختصر مؤلم لحقيقة شح الألعاب الترفيهية والمناطق السياحية في مدينة بعقوبة". ودعا إلى فتح قنوات الاستثمار. وتقع محافظة ديالى إلى الشمال الشرقي (57 كم)، من العاصمة بغداد، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 1.5 مليون نسمة، ويجري فيها نهر ديالى والذي تصب مياهه في نهر دجلة.

المساهمون