شعوب أصلية تجدّ في نقل معارفها لأجيالها الجديدة

شعوب أصلية تجدّ في نقل معارفها لأجيالها الجديدة

23 فبراير 2019
تعليم يحفظ حقوقها وثقافتها (فيليب ديسمازيس/ فرانس برس)
+ الخط -
لطالما كانت الشعوب والمجتمعات تعيد إنتاج عاداتها وتقاليدها ومعارفها في الأجيال الجديدة، من خلال عملية التربية بفرعيها الأساسيين؛ التعليم والتنشئة الاجتماعية. وبينما تتمكن مجتمعات كثيرة من ذلك، فإنّ مجتمعات وشعوباً أخرى أقل حظاً في هذا المضمار، وهي الشعوب الأصلية المهددة أحياناً بالانقراض وزوال لغتها وعاداتها وأنماط حياتها لأسباب عديدة، منها الاستعمار، والغزو الثقافي، وتدمير مجالاتها الحيوية. مع ذلك، فإنّ بعض تلك الشعوب ما زال يقاوم. وفي عدد مجلة "رسالة" الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للعلم والثقافة والتربية (يونسكو) الأخير، وهو المخصص لسنة 2019 بصفتها "السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية"، بعض من ملامح هذه المقاومة المستندة إلى نمط الحياة الاقتصادية وتواؤم الشعوب مع الطبيعة.

تشير المجلة إلى أنّ مجتمع الميشتاك في المكسيك على دراية، منذ زمن طويل، بكيفية معاينة العلامات المنذرة بالأحوال الجوية المفاجئة، من خلال سلوك الطيور والنباتات. هم يسمعون، مثلاً، في أول نغمة حزينة لعصافير الشيكوكو، إعلاناً عن نهاية موسم الأمطار. وطالما تواصل الشيكوكو تغاريدها، يعلم الفلاحون أن موسم الجفاف لم ينتهِ، وأنّ وقت زراعة الفاصولياء والقرع لم يحن بعد. ولمعرفة موسم الذرة، يعتمد الفلاحون على شجرة العرعر، فإذا بدأت أوراقها تنتج غباراً، فذلك يعني أنّ فصل الأمطار سيتأخّر، وأنه لا بد من إرجاء موعد زرع البذور إلى منتصف شهر يونيو/ حزيران، وربما أبعد من ذلك.

من جهتهم، يحاول شعب المبورورو، على بحيرة تشاد، أن يحافظ على نمط حياته بالرغم من التحديات الكبيرة، ولذلك، يشدد على التعليم الذي يتلاءم في برامجه وفي توقيته مع طرق عيشهم. فالأطفال الرحّل في حاجة إلى تعلّم إدارة الموارد الطبيعية، والنزاعات، أكثر من معرفة تاريخ الحربين العالميتين مثلاً. وهم يحتاجون إلى معلمين يتفهّمون ثقافتهم ويفهمون لغتهم قبل أن يتعلموا لغة أجنبية.




في المقابل، كان فلاحو شعب الرابانوي، في جزر المحيط الهادئ، متيقظين دائماً إلى مراحل ظهور القمر ليُحدّدوا موعد الزراعة ونوعيتها. لكنّ هذا الفن قد تلاشى اليوم. كذلك، اندثرت عدة ممارسات، مثل تقاسم المواد بين العائلات والجيران، الذي يشكل أحد أعرق أنماط التضامن الاجتماعي. اليوم، يتضاءل الحوار بين الأجيال، ويمضي الشباب أوقاتهم في ممارسة ألعاب الفيديو وفي مواقع التواصل الاجتماعي، كما يهمل الأولياء توفير تربية لأبنائهم وبناتهم، ترتكز على ثقافتهم الأصلية، بسبب انشغالهم بنشاطهم المهني لتحسين أوضاعهم.

المساهمون