نازحو مخيم الركبان يخشون الحصار ولا يثقون بالضمانات الروسية

نازحو مخيم الركبان يخشون الحصار ولا يثقون بالضمانات الروسية

20 فبراير 2019
ظروف مأساوية في المخيم (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
يثير مستقبل مخيم الركبان مخاوف النازحين السوريين المقيمين فيه، عقب افتتاح الروس والنظام السوري معبرين إنسانيين على أطرافه، ودعوة المدنيين للخروج منه. ويسيطر القلق على أكثر من 46 ألف مدني بالمخيم خشية إجبارهم على المغادرة بعد تشديد الحصار الروسي عليهم، وصمت الأمم المتحدة.

وقال أبو يحيى جابر، النازح من ريف حمص والذي يقيم في مخيم الركبان، في حديث مع "العربي الجديد"، "والله لو ذهبنا إلى آخر العالم لن يتركونا بحالنا، هربنا إلى منطقة غير قابلة لوجود حياة عليها، فقط للابتعاد عن المعارك والقصف، وبالرغم من أننا نعيش أوضاعاً إنسانية سيئة جدا، فالمساعدات الإنسانية قليلة جدا، والرعاية الصحية شبه معدومة، ولا يوجد طبيب واحد في المخيم، في حين الدخول إلى النقطة الطبية داخل الأراضي الأردنية أمر ليس بالسهل، والتحويل إلى مشفى أردني أمر أكثر صعوبة".

وأضاف "اليوم نشعر أن الوضع داخل المخيم يتدهور بشكل سريع، فمواد التدفئة والوقود تكاد تكون مفقودة، وإن وجدت تكون أسعارها مرتفعة جدا، في حين نعاني من البرد القارس، وسجلت عدة حالات وفاة للأطفال جراء البرد، ونقص الرعاية الطبية".

ولفت إلى أنه سمع عن المعابر الإنسانية التي افتتحها الروس من الإعلام، الأمر الذي أثار مخاوفه، معيدا إلى ذاكرته قصص المعابر الإنسانية في مناطق أخرى كالغوطة الشرقية ودرعا، والتي ترافقت مع الحصار، و"تعرض العابرون من مناطقهم للاعتقال والعزل في مخيمات في مناطق النظام، إضافة إلى إلحاق الشباب بالخدمة العسكرية ضمن صفوف القوات النظامية"، معتبرا أن المسألة هي "الاختيار ما بين الموت في مخيم الركبان أو في مناطق النظام".

من جانبه، قال الناشط الإعلامي في مخيم الركبان عمر الحمصي، في حديث لـ "العربي الجديد"، "صحيح خبر الإعلان عن إنشاء معبرين لخروج المدنيين من المخيم، لكن لا أحد من المدنيين يعلم إلى أين ستكون وجهته، فهل سيعادون إلى منازلهم التي هجروا منها، أم سيقودهم النظام إلى مخيمات جديدة ويتحكم بهم".

ولفت إلى أن "الحديث عن خروج بضعة أشخاص من المخيم، تحت ضغط الفقر أو الحاجة للعلاج، لا يمكن أن يلحظ من بين عشرات آلاف القاطنين في المخيم".

وأوضح الناشط الإعلامي في مخيم الركبان عماد غالي، لـ "العربي الجديد"، "سمعنا عن تطبيل إعلام النظام والمحتل الروسي بفتح معبرين إنسانيين، ولكن على أرض الواقع لم يتم توضيح أي جهة أو قوى مدنية أو سياسية أو عسكرية لأمر هذه المعابر"، مضيفا "بالرغم من الإعلان الروسي عن افتتاح هذين المعبرين منذ التاسعة من صباح يوم أمس الثلاثاء، لم أشهد أي حركة باتجاههما، بل نحن المدنيين في المخيم لا نعلم كيف يمكن أن نتوجه إليها إذا افترضنا أن هناك أحد يريد التوجه إلى مناطق النظام".

وتابع "أكاد أجزم أن غالبية سكان المخيم لا يرغبون بالعودة إلى مناطق النظام، بعد أن شهدوا ما واجه أهالي درعا والغوطة الشرقية وريف حمص وغيرها من المناطق، لذلك فقدوا الثقة بالضمانات الروسية والنظام السوري".

ولفت إلى أن "الروس يسعون للضغط أكثر من النظام، الذي كان يفرض حصاراً جزئياً على المخيم منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبله كانت المواد الغذائية والإغاثية تصل إلى المخيم عبر شبكات التهريب، وجاء المحتل الروسي وفرض حصاراً أمنياً شديداً من 10 أيام، ومنع دخول أي شيء إلى المخيم حتى حبة الدواء، في حين وصل سعر ليتر المازوت إلى 1200 ليرة سورية (2.3 دولار أميركي) للمرة الأولى منذ إنشاء المخيم، إضافة إلى ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية، الأمر الذي ينذر بتفاقم المجاعة في المخيم ويهدد بحدوث كارثة إنسانية".

وأوضح أن "نسبة قليلة جداً من المدنيين قد تختار الذهاب إلى مناطق النظام، لكن في ظل استمرار الحصار يريد الروس سلب سكان المخيم إمكانية الاختيار، بالرغم من أنني أعلم أن هناك من يفضل الموت في المخيم على الخروج إلى النظام".

وحذر غالي مما يرسمه الروس والنظام السوري للمخيم، لافتا إلى أن "سكوت الأمم المتحدة، وهي التي دخلت إلى المخيم قبل نحو 15 يوماً مع منظمة الهلال الأحمر السوري ورأت المأساة في المخيم، هو طامة كبرى، فأين دورها في نقل ما رأته في المخيم إلى المجتمع الدولي، وخاصة حصار الروس لعشرات آلاف المدنيين وقطع وصول المواد الغذائية، الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة إنسانية، وحتى من سيخرج سيكون مصيره مجهولاً إما بالسجون أو على الجبهات ضمن التجنيد الإجباري في صفوف القوات النظامية".

من جانبها، نفت "الإدارة المدنية في مخيم الركبان"، عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، خروج أي مدني عبر المعابر الإنسانية المعلن عنها، قائلة "بالتزامن مع الحديث عن المعابر الآمنة التي أنشأها النظام وقوات الاحتلال الروسية وعدم توجه أي مدني من مخيم الركبان باتجاه هذه المعابر، بسبب الغموض حول وجهتهم بعد الخروج من هذه المعابر، تزداد معاناة الأهالي بسبب فرض النظام حصاراً خانقاً وقطع جميع الطرق المؤدية إلى المخيم، وانقطاع أغلب المواد من خضر ومحروقات إن وجدت".

ونشر موقع قناة "روسيا اليوم" صورا مساء أمس الثلاثاء، قائلاً إنها لأول عائلة مؤلفة من 23 شخصا، 7 نساء و10 أطفال ورجلين و4 شيوخ تعبر إلى مناطق جنوب شرقي البلاد عبر ممر جليغيم قادمة من منطقة الـ55 كلم. وبدأ تنفيذ إعلان موسكو ودمشق حول فتح معبرين إنسانيين لخروج المواطنين السوريين من مخيم الركبان في منطقة جليغيم وجبل الغراب، وأعلن عن وجود مراكز في هاتين النقطتين لتقديم المساعدة الطبية، ومركز لتدقيق الوثائق وآخر لتقديم الطعام، بالإضافة إلى مركز للهلال الأحمر السوري، وفرق متخصصة روسية وسورية بحماية الشرطة العسكرية الروسية والقوات السورية.