حرية... سلام... عدالة

حرية... سلام... عدالة

03 فبراير 2019
سودانيات وسودانيون جنباً إلى جنب في الشارع (فرانس برس)
+ الخط -

"حرية... سلام... عدالة". هذا هو الشعار الذي رفعه السودانيون والسودانيات في انتفاضتهم ضدّ نظام الرئيس عمر البشير المستمرة منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول من عام 2018، كردّ فعل شعبيّ على تردّي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

نزلت نساء السودان إلى الشارع لأنهنّ يردنَ الحريّة. هنّ يردنَ حريّة الملبس، إذ إنّهنّ قد يُعتقلنَ في حال ارتدَينَ سروالاً أو في حال لم يكن الحجاب يغطّي كلّ شعرهنّ.

نزلت نساء السودان إلى الشارع لأنهنّ يردنَ حريّة اختيار الزوج، وحريّة الجسد وحريّة التنقّل وحريّة اختيار مستقبلهنّ ورسمه. هنّ يردنَ الحريّة التي تكفل لهنّ كرامتهنّ الإنسانيّة.

نزلت نساء السودان إلى الشارع لأنّهنّ يردنَ نظاماً وقوانين أكثر عدالة. حقوق المرأة في السودان منتهكة على المستويات كافة. فختان الإناث والتزويج المبكر والاغتصاب الزوجي والتمييز في المشاركة السياسية والاقتصادية لا سيّما في القطاع الزراعي ومحدودية الوصول إلى الموارد المادية، تمثّل مجتمعة الانتهاكات التي تواجهها النساء السودانيات.

بالنسبة إلى الأعراف والتقاليد في السودان، فإنّ "المكان الطبيعي" للمرأة هو في المنزل، الأمر الذي يجعل نساء ناشطات يتعرّضنَ إلى تمييز واضطهاد كبيرَين على خلفيّة مشاركتهنّ في الحيّز العام.

وقانون الأحوال الشخصية السوداني يُمعِن في تعريض النساء إلى انتهاكات كثيرة. وما زالت قضيّة نورا حسين حماد حاضرة، في هذا السياق. هي حُكمت بالإعدام، قبل أن يؤدّي الطعن في محكمة الاستئناف السودانيّة (يونيو/ حزيران 2018) إلى تخفيف الحكم ليصير السجن لخمسة أعوام، والسبب هو أنّها دافعت عن نفسها وعن كرامتها وجسدها وطعنت الرجل الذي حاول اغتصابها بعدما أُجبرت على الارتباط به حينما كانت تبلغ من العمر 16 عاماً.




لا تنفصل تلك القضايا بأيّ شكل من الأشكال عن المطالب الشعبيّة التي مثّلت شرارة الانتفاضات كالخبز والاعتراض على غلاء المعيشة. في وعيهنّ الفطري ربما للاقتصاد السياسي وبعده النسوي، ربطت المتظاهرات بين الانتهاكات الحقوقية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي تطاولهنّ وتطاول كلّ الفئات الأقل حظوة وبين الأوضاع الاقتصادية العامة في البلاد. وتعي المتظاهرات والمتظاهرون أنّ انعدام المساواة في الوصول إلى الموارد (منها الغذاء) يعود إلى تمركز تلك الموارد والخدمات بيد نخبة محددة، ما يوسّع الهوّة الاقتصادية والاجتماعية بين فئات المجتمع ويعرّض فئات عدّة إلى مزيد من الظلم والتمييز والقهر والتهميش.

*ناشطة نسوية

المساهمون