مضادات حيوية خطرة في تونس

مضادات حيوية خطرة في تونس

17 فبراير 2019
صيدليات عدة تقدم الدواء من دون وصفة (Getty)
+ الخط -
أعلنت دراسة أميركية صدرت مؤخّراً عن احتلال تونس المرتبة الثانية عالمياً ضمن 76 دولة لناحية مستوى استهلاك المضادات الحيوية، والمرتبة الأولى في معدّل استهلاكها خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة.

وارتفاع استهلاك المضادات الحيوية في تونس ليس جديداً، ولم يكن يخفى عن السلطات التونسية، التي كانت قد حذّرت سابقاً من ارتفاع مستوى الاستهلاك التونسي للمضادات الحيوية. وفي مارس/ آذار عام 2017، شدّدت وزيرة الصحة السابقة سميرة مرعي على ضرورة إصدار نصوص قانونية تنظم عملية وصف المضادات الحيوية للمريض، مؤكدة انتشار ظاهرة التداوي الذاتي، واستعمال المضادات الحيوية من دون وصفة طبية. وأكدت على ضرورة إطلاق حملات توعوية حول خطورة استعمال المضادات الحيوية من دون استشارة الأطباء، ووجوب التزام الصيدلي بعدم بيع المضاد الحيوي من دون وصفة طبية.




في المقابل، يؤكد رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة في تونس الشاذلي الفندري، لـ "العربي الجديد": "الهيئة لطالما نبّهت إلى خطورة المسألة على صحة التونسيين منذ عام 2015، خصوصاً أن تونس وقعت على معاهدة في هذا الخصوص. ومنذ 23 يناير/ كانون الثاني عام 2019، بدأت حملة لمقاومة الاستهلاك العشوائي للمضادات الحيوية، لا سيما وقد احتلت تونس المرتبة الأولى في معدّل استهلاك المضادات خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة.

على صعيد آخر، يشير إلى أن "الحملة ستضم تقريباً غالبية الهياكل أو المؤسسات المعنية بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الناس، والتوعية حول أنّ الاستخدام المفرط لها مضر للصحة". يضيف: "سيكون هناك توعية حول أضرار الاستخدام العشوائي لمعظم الأدوية، خصوصاً أنّ التونسي كثيراً ما يشتري أنواعا عدّة من الأدوية ومن دون وصفة طبية، إضافة إلى أهمية توعية أصحاب الصيدليات حول ضرورة عدم بيع الأدوية من دون وصفة طبية".

يذكر أنّ 60 في المائة من التونسيين يقتنون الأدوية من الصيدلية بطريقة مباشرة أي من دون استشارة طبيب متخصص، بحسب دراسة ميدانية أعدّها المعهد الوطني للاستهلاك عام 2014. وأشار المعهد إلى أنّ 80 في المائة ممن شملهم البحث الميداني يشترون الأدوية بناء على نصائح الصيدلي، فيما أنّ مستهلكاً واحداً من بين أربعة مستهلكين ممن شملهم البحث يكتفون بالاتصال بالطبيب هاتفياً، واقتناء الأدوية بناء على تعليماته من دون أي فحص طبي دقيق.

كما دعا وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف في 7 يناير/ كانون الثاني الماضي المرضى إلى تجنّب التسرع في شراء واقتناء الأدوية، وذلك خلال جلسة مساءلة في البرلمان حول مشكلة نقص أدوية في السوق التونسية.

في المقابل، تشير نادية الفنينة المديرة العامة في وزارة الصحة، بحديثها لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ وزارة الصحة تنبّه من الاستغلال المفرط لبعض أنواع الأدوية، بما في ذلك الأدوية الحيوية. كما أطلقت الكثير من حملات التوعية في جهات عدّة. إلّا أن غالبية التونسيين يقتنون الأدوية من دون وصفات طبية، علماً أنّ عدم الامتثال للقواعد المتعلقة باستخدام المضادات الحيوية يؤدي إلى نتائج سلبية، وبروز مضاعفات أكثر خطورة للمرض. كما أنّ بعض الأمراض الجرثومية البسيطة قد تصبح خطرة لعدم قدرة هذه الأدوية على علاجها.

على صعيد آخر، تشير إلى أنّ اعتماد منظومة التأمين على المرض ساهم في ارتفاع ظاهرة استهلاك المضادات الحيوية. كما أنّ تونس تستهلك سنوياً ما لا يقل عن 80 مليون دولار من المضادات الحيوية، على الرغم من أنّ المعدلات المقبولة يجب ألا تتجاوز 40 مليون دولار سنوياً، ما يستدعي تكثيف حملات التوعية نظراً للضرر الكبير الذي قد يسببه الاستهلاك المفرط لتلك الأدوية وتأثيرها على مناعة الجسم. كذلك، تدعو الأطباء إلى وصف أدوية مغايرة وتوجيه المرضى إلى حلول علاجية أخرى تكون أكثر فاعلية وغير خطرة.

من جهتها، تؤكّد الطبيبة إيمان بن عبد الله، أن غالبية الأطباء قد يصفون أدوية بديلة عن المضادات الحيوية بحسب حالة المريض. لكن العديد من المرضى يلجأون إلى التداوي الذاتي من دون استشارة الطبيب. وتشير إلى أن ثقافة التداوي الذاتي متفشية بشكل كبير في المجتمع التونسي، سواء تعلق الأمر بالمسكنات أو المضادات الحيوية.




على صعيد آخر، تشير إلى أنّ الطبيب هو الوحيد المخول وصف نوع المضاد والجرعة الكافية والمدة المحددة بحسب حال المريض، وليس الصيدلي. ولا يمكن أن يكون نوع واحد من تلك المضادات صالحا لعلاج كل الأمراض، التي تتطلب تشخيصاً دقيقاً ومعرفة ما إذا كان المريض يشكو من التهاب بسبب بكتيريا، أم هو مصاب بمرض فيروسي لا يفرض تناول أي مضاد حيوي. تضيف أن بعض المضادات الحيوية لا تكون مفيدة في حال إصابة الشخص بنوع معيّن من البكتيريا.

المساهمون