كهرباء أفغانستان ورقة ضغط بيد المسلحين

كهرباء أفغانستان ورقة ضغط بيد المسلحين

24 ديسمبر 2019
تلك الأسلاك لا تعني أنّ المنطقة مزوّدة بالكهرباء(فرانس برس)
+ الخط -
تعتمد أفغانستان على دول الجوار في مجالات كثيرة، منها الطاقة. التيار الكهربائي الذي يغذّي العاصمة كابول والأقاليم الأفغانية بمعظمها، على سبيل المثال، يُجَرّ من دول آسيا الوسطى، تحديداً طاجكستان وأوزبكستان وتركمانستان، فيما تُزوَّد مناطق محددة بكميات ضئيلة من الكهرباء المنتجة داخلياً. يأتي ذلك على الرغم من أنّ الحكومة تعمل بشكل جدي على سدود المياه. سدّ سلمى في إقليم هرات على سبيل المثال، بدأ يولّد الكهرباء للأحياء الصناعية في مدينة هرات غربي البلاد. كذلك فإنّ العمل على عدد من سدود المياه يوشك على الانتهاء، الأمر سوف يساهم بشكل كبير في استغناء أفغانستان عن استيراد الكهرباء عن دول الجوار.




وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني، قد صرّح في سبتمبر/ أيلول الماضي، أنّ العمل على السدود يأتي في سياق استراتيجيته المستقبلية في حال فوزه في الانتخابات، طامحاً إلى أن تصير أفغانستان من مصدّري الكهرباء إلى دول الجوار بدلاً من أن تكون من المستوردين. وشدّد على أنّ ذلك ليس حلماً، إنّما هو واقع وقد بُذل جهد كبير خلال الأعوام الماضية في هذا الإطار، مؤكداً أنّ العمل على السدود سوف يُعزَّز في خلال الفترة المقبلة والمنفعة سوف تأتي في مجالَين: الأوّل أنّ أفغانستان سوف تقف من جديد على قدمَيها في ما يتعلق بقضية الكهرباء، والثاني أنّ تلك السدود سوف تؤدّي دوراً كبيراً في تنمية القطاع الزراعي في البلاد.

وأزمة التيار الكهربائي في أفغانستان ليست مستجدّة، علماً أنّ حركة طالبان والجماعات المسلحة المختلفة تتحكّم اليوم بما تجرّه البلاد من دول آسيا الوسطى، فتعمد إلى قطع التيار بين الحين والآخر لترتفع على الأثر وتيرة الانتقادات الموجّهة إلى الحكومة. وفي منتصف سبتمبر/ أيلول قُطعت الكهرباء عن العاصمة الأفغانية وعن 11 إقليماً في البلاد لمدّة خمسة أيام، قبل أن يتمّ إصلاح الأضرار نسبياً بعد واسطة من زعماء القبائل. وقد ذكرت الحكومة المحلية في إقليم بغلان (شمال) ووزارة الداخلية، في بيانات لهما، أنّ مسلحي طالبان دمّروا بواسطة قنابل ثلاثة أعمدة للتيار الكهربائي المستورد من طاجكستان وأوزبكستان وقطعوا الكهرباء عن منطقة ميرزاد حسن تال في ذلك الإقليم. وفي السياق، صرّح المتحدث باسم وزارة الطاقة وحيد الله توحيدي بأنّ التفجير أغرق كابول والأقاليم الأحد عشر في الظلام بسبب الانقطاع الكلي للكهرباء، مؤكداً أنّ كلّ شيء تعطّل على الأثر. لكن، بعد وساطة الزعامة القبلية، تمكّنت الفرق الفنية من الوصول إلى المنطقة إذ إنّ المسلحين سمحوا لها بالدخول وتصليح الأعمدة بطريقة مؤقتة. والعمل ما زال جارياً وسط مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي مجدداً في أيّ وقت، لأنّ الأسلاك الكهربائية تمرّ عبر أقاليم مختلفة في شمال أفغانستان، وبعض تلك المناطق تحت سيطرة طالبان. والمخاوف يُعبّر عنها خصوصاً سكان كابول الفقراء غير القادرين على تحمّل تكلفة تشغيل المولّدات، اضف إلى ذلك أنّ انقطاع التيار الكهربائي كما في كل مرّة أثّر بشكل كبير على قطاعَي الصحة والتجارة.




تجدر الإشارة إلى أنّ حركة طالبان لم تصدر أيّ تعليق على الانقطاع الأخير في التيار الكهربائي ولم تتبنَّه، علماً أنّها كانت قد أوضحت أسباب قطعها الكهرباء عن كابول معلنة حزمة من المطالب. يُذكر أنّ الحكومة تعهّدت بتنفيذ بعضها بعد وساطة قبلية، فسمحت طالبان بالتالي بإعادة الكهرباء عبر تصليح الشبكة. وقد أصدرت "طالبان" حينها بياناً مفاده أنّه لا بدّ للحكومة من تلبية مطالب الناس الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحركة، ولا سيّما توفير الكهرباء لهم. أضافت في البيان نفسه أنّ الحكومة تتباطأ في تلبية مطالب هؤلاء، وهو ما يدفع الحركة إلى قطع التيار الكهربائي عن كابول إلى حين حلّ مشاكل هؤلاء. ويبقى أنّ التيار الكهرباء ورقة سهلة في يد المسلحين من أجل الضغط على الحكومة، غير أنّها تؤثّر سلباً على شعبية "طالبان" بحسب ما يشير مطّلعون على الملف.

ظلم في حق الشعب
يشكو التاجر الأفغاني وزير محمد لـ"العربي الجديد"، من انقطاع التيار الكهربائي، ويُعِدّ ذلك "ظلماً في حقّ الشعب، لأنّ الشؤون الحياتية تعطّلت كلياً في كابول". ويشير إلى "حالة المرضى في المستشفيات بالإضافة إلى أوضاع المدارس والمساجد، فتلك الأماكن العامة تأثّرت كلها بانقطاع التيار الكهربائي".