تلوث مياه الشرب يهدد الليبيين

تلوث مياه الشرب يهدد الليبيين

23 نوفمبر 2019
ليست نظيفة (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -
عادت أزمة مياه الشرب لتُهدّد الليبيين، لا سيما مع استمرار الحرب في أحياء جنوب العاصمة التي تنتشر فيها آبار تعدّ مصدراً لمياه الشرب التي يستفيد منها جزء كبير من أهالي العاصمة. وكشفت بلدية طرابلس المركز أخيراً، عن نتائج تحاليل بعض العينات من مياه الشرب المعبأة ومياه الآبار، أجريت في مختبر تحليل المياه في مقر البلدية. وأوضحت عبر مكتبها الإعلامي أن ثلاث عينات من أصل ثماني عشرة من المياه المعبأة غير مطابقة للمواصفات. أما في ما يتعلق بمياه الآبار، فإن ست عينات من أصل عشر غير مطابقة.

وتؤكد بلدية طرابلس المركز أنها أحالت النتائج إلى جهاز الحرس البلدي، لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة.

يقول عبد الفتاح الباشا، المسؤول في جهاز الحرس البلدي، إن "الإجراءات المتاحة لدى الجهاز ليست كثيرة ولا تبدو ذات فاعلية في الظروف الحالية"، مشيراً إلى أن إجراءات إقفال بعض مصانع المياه المعبأة لن تكون مؤثرة بشكل كبير، إذ إن سلطة فرض القانون غائبة في البلاد. ويتساءل: "ماذا يمكن أن يفعل إذا ما أقفل مصنعاً وعاد بعدها بساعات للعمل من مكان آخر؟"، وعن الإجراءات المتعلقة بالآبار، يقول باشا لـ"العربي الجديد"، إنها مصدر رئيسي حالياً لشريحة كبيرة من الأهالي في العاصمة، متسائلاً عن البديل.

في مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت بلدية طرابلس المركز تلوث مياه الآبار المنزلية بمياه الصرف الصحي في مناطق متفرقة في مدينة طرابلس، مؤكدة أن المخاطر التي تهدد صحة المواطنين كبيرة. وأوضحت البلدية، في بيان، أن ذلك يأتي استناداً إلى نتائج وحدة مختبر تحليل المياه في ديوان البلدية، مبينة أنه أثبت وجود مؤشرات للتلوث في مياه الصرف الصحي، ومخالفة المواصفات الرئيسية لمياه الشرب.



وتشير البلدية إلى أن التعامل مع المياه الملوثة بالصرف الصحي سواء للشرب أو الاستحمام، يؤدي إلى الإصابة بالكثير من الأمراض. وتوضح أنها ستبدأ بالكشف عن مياه الشرب المعبأة في كافة الأحجام المتوفرة بالسوق المحلية، ومصادرة أي منتج لا يحمل بطاقة البيانات التوضيحية الخاصة بها، بالتنسيق مع مكتب الإصحاح البيئي والحرس البلدي.

لكن باشا يلفت إلى أن المسح الذي جرى اقتصر على مناطق ومصانع كعينات، علماً أن الخطر أكبر من ذلك، لافتاً إلى تأكد وجود أنواع مثل الإيشريشيا التي أدت إلى التهاب الأمعاء وأنواع أخرى قد تكون أخطر في آبار تستخدمها مصانع المياه لتعبئتها وبيعها في السوق.
وحذرت إدارة الرصد والاستجابة السريعة في المركز الوطني لمكافحة الأمراض في طرابلس، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، مشيرة إلى أنها سجلت في الفترة ما بين 9 سبتمبر وحتى 15
منه، 35 حالة إسهال مدمي و27 حالة يرقان نتيجة المياه الملوثة.

منذ عام 2015، تُواصل إدارة النهر الصناعي التي عادة ما تنقل المياه من آبار جوفية من صحراء الجنوب إلى مدن الشمال الساحلية، إصدار بيانات تؤكد توقف غالبية حقول المياه في الجنوب الليبي بسبب الاعتداءات المتزايدة، ما دفع عائلات ليبية عدة إلى حفر آبار لتعويض نقص المياه. لكنّ هذا الحل لم يعد ممكناً لتعويض النقص. وتعتمد مصانع المياه في البلاد على الآبار الجوفية كمصدر للمياه المعبأة. لكن الهيئة العامة للمياه (حكومية)، حذرت في عدد من بياناتها المتلاحقة، من خطورة تلوث المخزون الجوفي للمياه بسبب تهالك شبكتي المياه والصرف الصحي في أكثر المدن الليبية، لا سيما العاصمة طرابلس.



وتشير تصريحات أحد المسؤولين لوسائل إعلامية ليبية في يونيو/ حزيران الماضي، إلى أن تهالك شبكات الصرف الصحي في المدن أدى إلى انتشار جراثيم في المياه بنسبة تتجاوز الحد المسموح به، ما سيؤدي إلى انتشار أمراض خطيرة، مثل التهابات المعدة والأمعاء والحمى التيفودية والكوليرا، إضافة إلى أمراض جلدية بسبب استخدام هذه المياه في الاستحمام مثلاً.

وفي ظل إصرار الأهالي على حفر الآبار الجوفية للحد من نقص المياه، يؤكد باشا أن غالبية هذه الآبار حفرت من دون وجود تراخيص، ما يزيد من خطر استهلاك المياه الملوثة. وفي وقت يطالب باشا الجهات الحكومية بإيجاد حلول سريعة بدلاً من الإعلان عن المشكلة، ينقل تساؤلات لبعض الأهالي تطالب بالحل. فالمياه شيء أساسي لا يمكن أن يستغني عنه الإنسان ليوم واحد. وعلى الرغم من تعدد الجهات المسؤولة عن المياه في ليبيا، مثل وزارة الموارد المائية وشركة الخدمات المائية والهيئة العامة للمياه، إلا أن مشكلة مياه الشرب ما زالت قائمة منذ أكثر من خمس سنوات.

المساهمون