هلع ونزوح من مخيم قاح بشمال سورية عقب قصفه

هلع ونزوح من مخيم قاح بشمال سورية عقب تعرضه للقصف

21 نوفمبر 2019
الصدمة والهلع يسودان مخيم قاح بعد المجزرة (Getty)
+ الخط -
يعيش أهالي بلدة قاح في ريف إدلب الشمالي، شمال غربي سورية، قرب الحدود مع تركيا، والمخيمات المحيطة بها، حالة من الصدمة والخوف، جراء القصف الذي تعرض له مخيم للنازحين، الليلة الماضية، من قبل قوات النظام، وسبّب مقتل وجرح العشرات.

واستذكر أبو جمال محمود، وهو نازح في مخيم بلدة قاح الذي تعرض للقصف، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، لحظات الرعب بالقول: "كان دويُّ الانفجار رهيباً، وقد أضاءت النيران المخيم، حملت طفلي ورحنا نركض من الخيمة كالمجانين، لا أعلم كم مرة وقعت على الأرض ونهضت لأتابع الجري، حتى أوصلت عائلتي إلى خيمة أحد أقاربي في مخيم مجاور".

وأضاف: "استغرقت بعض الوقت لأفهم ما يحدث، عندما عدت إلى المخيم كان المشهد مؤلماً جداً. قبل الانفجار كان الناس يتحدثون عن البرد والتدفئة، فجأة احترقت الخيام والشهداء والجرحى في كل مكان".

ومساء أمس الأربعاء، قُتل وأصيب عشرات المدنيين، بينهم أطفال ونساء، جراء قصف قوات النظام السوري لمخيم للنازحين في بلدة قاح شمالي إدلب، على الحدود السورية التركية.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن ما لا يقل عن 14 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، قتلوا نتيجة القصف الذي استهدف مخيم قاح، فضلاً عن إصابة عشرات الأشخاص، مشيرة إلى أن القصف مصدره قاعدة تل عزام الإيرانية جنوبي حلب.

وأوضحت المصادر أنّ حالة من الهلع والفوضى تسود المخيم وأوساط النازحين في الشمال السوري جراء هذا القصف العشوائي، مشيرةً إلى نَقل عدد من الجرحى إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج، نظراً لعدم توافر إمكانات العلاج لهذا العدد الكبير من الجرحى في المنطقة المستهدفة.

من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد القتلى وصل إلى 15 شخصاً، بينهم 6 أطفال وسيدتان، فيما أصيب العشرات جراء القنابل العنقودية التي استهدفت مخيم قاح ومحيط مشفى النسائية، مشيراً إلى سقوط صاروخين على الأقل، نوع أرض-أرض، شديدي الانفجار، ما ألحق أضراراً كبيرة بالمخيم وأحرق خيم النازحين، بينما حاولت فرق الإطفاء إخماد الحرائق التي اندلعت.


وقال الإعلامي عبد الله أمين من مخيم القاح، لـ"العربي الجديد": "عدد كبير من الخيام تضررت، والوضع الإنساني سيّئ جداً. هناك حركة نزوح من الأهالي إلى أقاربهم ومعارفهم في المخيمات المجاورة، حتى بات المخيم شبه خالٍ"، مبيّناً أن عدد العائلات في المخيم كان قبل القصف 346 عائلة.

ولفت إلى أنّ "هناك عدة منظمات جاءت إلى المخيم، منذ صباح اليوم الخميس، تُجري استبيانات، ودراسة الاحتياجات، وهناك وعد بالقيام باستجابة طارئة".

وأضاف أمين: "المشكلة أنّ الناس فقدت الأمان من جديد، فهذا المخيم منذ تأسيسه لم يُستهدَف، وها هو اليوم يُقصف، والنازحون لا يعلمون أي الوجهات يتخذون، جزء منهم لجأوا إلى أقاربهم، وقسم في المشفى، وآخرون حُوِّلوا إلى تركيا للعلاج"، موضحاً أنّه "حتى صباح اليوم جرى توثيق 16 شهيداً، و50 جريحاً".


من جانبه، قال إعلامي "مركز الكرامة للدفاع المدني" إبراهيم عربو، الموجود بالقرب من مخيم قاح، الذي زاره عقب قصفه، لـ"العربي الجديد": "كان الناس في المخيم بأمان، ونحو الساعة السابعة تغير كل شيء، سقط صاروخ محمَّل بآلاف القنابل القاتلة".
وأضاف أنّ "حالة من الرعب والخوف والذعر سيطرت على المشهد، كان الحدث جللاً ومفاجئاً، أحد الأشخاص فقد حياته إثر إصابته بنوبة قلبية جراء الصدمة، فيما كانت رائحة الدماء والموت تملأ المكان". وبيّن أنه "لا يوجد مكان تنزح إليه العائلات، خاصة أن المنطقة فيها أكثر من 300 ألف نازح".

بدوره، قال عضو المجلس المحلي لبلدة قاح، عمار الفتح، لـ"العربي الجديد": "ليس هناك أي وجود عسكري في المخيم، والمكان المستهدف هو أبنية وخيم، لأنّ الضربة موزعة بين قاح والمخيم ومشفى للأطفال". وأضاف أنّ "العوائل المستهدفة حالياً لا تملك مواد تدفئة، ولا توجد منظمات فاعلة لتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية الضرورية، والخدمات الصحية الموجودة في بلدة قاح غير كافية لمعالجة ضحايا القصف".

ولفت إلى أنّ هناك "مخاوف لدى الناس في المنطقة من ضربات أخرى، وخاصة في غياب أي ملجأ آمن في المنطقة إذا تكررت عملية القصف".


وأعربت الأمم المتحدة عن القلق إزاء الأوضاع الإنسانية في جميع أنحاء سورية، ووصفتها بـ"المأساوية". وأوضح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحافي بمقر المنظمة الدولية بنيويورك، الأربعاء، أنّ "أكثر من 11 مليون سوري، منهم أكثر من 6 ملايين نازح، بحاجة إلى المساعدة".

وقال المتحدث: "نشعر بقلق خاص بشأن سلامة وحماية نحو 3 ملايين شخص في إدلب والمناطق المحيطة بها شمال غربي البلاد، بما في ذلك نحو 1.6 مليون شخص من النازحين داخلياً". 

دلالات