تونسيون يقهرون البطالة

تونسيون يقهرون البطالة

22 نوفمبر 2019
تتواصل احتجاجات الشباب المطالبة بالتشغيل (الشاذلي بن ابراهيم/ Getty)
+ الخط -
في ظلّ ارتفاع نسبة البطالة في تونس التي بلغت بحسب المعطيات الرسمية للمعهد الوطني للإحصاء (حكومي) نحو 15.3 في المائة، فإنّ العديد من الشباب، اختاروا الاتكال على أنفسهم والتوجه إلى المبادرات الخاصة بدلاً من انتظار وظيفة لن تأتي، آملين تحقيق أحلامهم، متحدّين العديد من الصعاب والعراقيل، هاجسهم الوحيد العمل في أيّ مجال، وإنْ كان بعيداً عن اختصاصهم وعن مجال دراستهم.

الشاب رفيع عباسي (29 عاماً) من منطقة بوزيان في سيدي بوزيد، وسط الجمهورية التونسية، أنهى دراسته الجامعية بالحصول على إجازة في التربية الإسلامية، لكنّه في ظلّ البطالة اختار إنشاء مشروع خاص في مجال الدواجن والبيض وهو مجال يتلاءم ومنطقته الريفية الفلاحية، ولا يتلاءم واختصاصه. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه بالرغم من تقديمه العديد من المطالب في هذا المجال إلى وزارة التكوين المهني والتشغيل والجهات المعنية، فإنّ أغلب مطالبه جوبهت بالرفض بحجة أنّه لا يملك خبرة في هذا المجال أو أن يكون لديه عقار لإطلاق هكذا مشروع، مشيراً إلى أنّ أغلب الوعود التي تتحدث عن تسهيلات للشباب والتمويلات كثيراً ما تكون واهية لأنّ أغلب المبادرات تُرفض وتدفن في المهد. يضيف عباسي أنّ منطقته تعاني من ارتفاع نسبة بطالة أصحاب الشهادات العليا ومن الفقر وغياب التنمية، وأنّه إن بقي ينتظر وظيفة فإنّ المسار سيكون طويلاً ومن دون جدوى لأنّ سوق الشغل مغلقة، ولا توجد أيّ آفاق للتشغيل أو التوظيف، مبيناً أنّه لم يكن أمامه أيّ خيار سوى الاتكال على نفسه، لذلك انطلق في مشروعه واقتنى آلة صغيرة للبدء في المشروع وتربية الدجاج على الطبيعة من دون تدخل صناعي. يتابع أنّه ينتج كميات محدودة يروجها في محافظته، لكنّه يسعى إلى توسيع مشروعه وإنتاج كميات أكبر وبيعها في الأسواق، مؤكداً أنّه مقبل على الحياة ويرفض الاستسلام لواقع البطالة. ويشير إلى أنّه طلب مبلغاً زهيداً كتمويل ذاتي لا يتعدى 10 آلاف دينار تونسي (3 آلاف دولار أميركي) مع ذلك، جرى رفض مطلبه البسيط، وكان بين خيارين إما البقاء في المقهى أو العمل بالإمكانات المتوفرة، وفي غير اختصاصه، والاستماتة في الدفاع عن حلمه البسيط.




بدوره، يقول عزيز الرويسي (28 عاماً) من محافظة قابس، جنوبي تونس، إنّه تخرّج في اختصاص التنشيط الشبابي، وإنّه حلم بالعمل في مجاله، لكن في ظل انسداد الآفاق وغياب أيّ وظيفة في مجاله، بادر إلى إنشاء مشروع ترفيهي في محافظته لصالح العائلات والأطفال. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ كلفة المشروع ليست كبيرة ولا تتعدى 40 ألف دينار (15 ألف دولار) لكن جرى رفض تمويله، بحجة أنّه ليس من أولويات المنطقة. يضيف الرويسي أنّ والدته تعمل ضمن عمال الحضائر (بلا عقد) ووالده عامل يومي، ولا بدّ من العمل ليتمكن من مساعدة الأسرة.

من جهته، يحلم الشاب نعيم حمدي (28 عاماً) من القصرين والذي تخرج مدرساً للرياضة بتحقيق حلمه في العمل في اختصاصه، لكن في ظلّ الرفض المستمر قبل العمل في أعمال هامشية طاولت مجالات عدة كالبناء وحمل البضائع وبيع المرطبات. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه لا يمكن لشاب في مثل سنه أن ينتظر مصروفاً من والده المسن أو من والدته، مؤكداً أنّه اعتاد الذهاب إلى العاصمة تونس والعمل في البناء إذ لا خيار أمامه.




وتراهن وزارة التكوين والتشغيل في تونس على المبادرة الخاصة لامتصاص البطالة وخلق فرص عمل في الجهات الداخلية تشمل العديد من الاختصاصات، مؤكدة أنّها ستعمل على تسهيل الإجراءات الإدارية للشباب وتقليص العراقيل أمامهم ووضع مسار متكامل للمرافقة قبل إنشاء المشاريع وخلالها وبعدها، وتطوير مكونات المرافقة وتسهيل إجراءات الوصول إلى التمويل.
زيادة التمويل
تقول كاتبة الدولة للتكوين المهني والمبادرة الخاصّة، سيدة الونيسي، إنّ صندوق التشغيل سيشهد زيادة في ميزانيته بقيمة 150 مليون دينار (53 مليون دولار أميركي) لتمويل أكبر عدد من المشاريع الخاصة في إطار تفعيل المخطط التنفيذي للاستراتيجية الوطنية للتشغيل، والتي جرى استكمال مرحلة تشخيصها، والانطلاق فيها منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، مع إشراك أصحاب المؤسسات الخاصة والوزارات ذات العلاقة.