إحراق كتب مدرسية أمام وزارة التربية اللبنانية

إحراق كتب مدرسية أمام وزارة التربية اللبنانية

21 نوفمبر 2019
رفض المناهج التربوية القديمة (حسين بيضون)
+ الخط -
أحرقت إحدى أمهات التلاميذ المشاركين في انتفاضة لبنان، اليوم الخميس، كتب التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية أمام وزارة التربية والتعليم العالي في العاصمة بيروت، قبل أن تنضم إليها والدة تلميذ آخر، على وقع معارضة عددٍ من تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات اللبنانية الذين رفضوا مشهد حرق الكتب، مبرّرين ما ورد في دعوتهم من كلمة "حرق" بأنها "استُخدمت مجازياً لحثّ التلاميذ والمواطنين على المشاركة في رمزية هذا الاحتجاج الهادف إلى رفض المناهج القديمة"، وفق قولهم.

وكانت الدعوة التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، قد اندرجت تحت عنوان "لو بدكن (كنتم تريدون أن) نعرف تاريخكن كنتوا علّمتونا ياه بالمدرسة... حتى التاريخ ما يعيد نفسه نازلين نحرق كتب التاريخ والتربية والجغرافيا". وحمل التلاميذ المشاركون لافتات كُتب عليها: "يتميّز لبنان بمناخه المعتدل ومنهجه المتحجّر"، "إنتوا ما بتعرفوا (أنتم لا تعرفون) شو (ماذا) عشنا بالحرب... طيب عرفونا"، وتساؤلات عديدة من بينها: "ليه (لماذا) ما بدكن (لا تريدون أن) نعرف تاريخكن؟"، "كتاب تربية طويل عريض بس (لكن) وين (أين) العلمانية؟ وشو (ماذا) يعني دولة مدنية؟"، وصولاً إلى لافتة اعتبرت "النظام التعليمي اللبناني جزءاً من منظومة الفساد".

"عن أي تربية تتحدّثون؟ وعن أي جغرافيا وأي تاريخ؟"، تتساءل منال سويدان، الأم التي أضرمت نيران غضبها في الكتب المدرسية، وتقول في حديثها لـ"العربي الجديد": "لا يشرفني أن يدرس أبنائي تاريخاً لا نجد منه اليوم سوى تاريخ الفاسدين والسارقين الذين عاثوا في البلاد والعباد، ولا جغرافيا لم نعد نراها ونلمسها. لقد خربوا طبيعة لبنان الجميلة وشوّهوها. لوّثوا الهواء ومياه البحر والأنهار. قضموا الجبال الخضراء وأحرقوها"، مضيفةً: "أين دروس كتب التربية الوطنية ممّا نشهده يومياً من قوانين فاسدة وانتهاكات لحقوقنا؟".

من جهتها، تروي التلميذة في ثانوية كفرشيما الرسمية، جوي سرّوع، أن "كلمة حرق تندرج فقط ضمن فكرة مجازية أردنا من خلالها التشويق والحثّ على المشاركة، من أجل رسالة واضحة، هي رفض المناهج التربوية التي عفا عليها الزمن، ودعوة المسؤولين والسياسيين إلى تطبيق ما تتضمّنه كتب التربية من احترام حقوق المواطنين وبناء دولة القانون والمؤسسات". وتؤكد أنهم ليسوا من دعاة حرق الكتب، و"نريد أن نرى الواقع صورة عمّا ندرسه".

رفض المناهج القديمة (حسين بيضون)

بدوره، يؤكد التلميذ في الثانوية نفسها، أسامة المصري، أنهم ضد فكرة حرق الكتب، والدليل أنهم لم يحملوا معهم أي كتاب، "فلقد أردنا من هذا الاحتجاج الاعتراض فقط على المناهج والمطالبة بكتاب تاريخ موحّد، ولو كان يتحدث عن مرحلة مؤلمة، وهي الحرب الأهلية اللبنانية، لأن في ذلك محاولة للانتقال إلى مرحلة بناء السلم الأهلي الحقيقي". ويرى في مضمون كتاب التربية "ما هو منافٍ ومغاير لأرض الواقع".

الكلام نفسه نقلته طالبة كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، لميا شهاب، التي تعتبر "الانتفاضة والثورة الشعبية اللبنانية فرصة للتغيير، ونحن كطلاب علينا طرح مشاكلنا ومعاناتنا، فنحن ندرس مسائل غريبة عن الممارسات اليومية في وطننا". وإذ تشدّد على أن "ظاهرة حرق الكتب ليست بظاهرة جميلة"، تلفت إلى أنه "كان الأجدى حرق الصفحات التي لا تُطبّق في الحقيقة عوض حرق كل الكتاب، بحيث أصبحت هذه الصفحات بنظرنا بحكم المزيّفة".

عارض عدد من الطلاب فكرة إحراق الكتب (حسين بيضون)

أمّا الوالدة الثانية التي أقدمت على إشعال النيران بالكتب، وهي نوال شحادة، فتختصر ما فعلته بعبارة واحدة "ندفع دم قلبنا لتعليم أبنائنا، ولن نقبل أن يدرسوا سوى الكتب الصحيحة الحقيقية".

"حرقونا، حرقوا أنفاسنا... وِقفِتْ عالكتب"، تردّد طالبة كلية التربية في الجامعة اللبنانية، ريم نجا، في حديثها لـ"العربي الجديد"، وتقول: "نعم، حرق الكتب ليس أسلوباً حضارياً، لكن الناس احترقت من المعاناة".

وتشاركها زميلتها زينب خيّاط الرأي نفسه، لتضيف بدورها: "نشرب الأوساخ، نأكل الأوساخ، نتنفّس الأوساخ، ونشهد سرقات ونهباً وفساداً، عن أي كتب يتحدثون؟"، مؤكدة "أهمية تغيير المناهج وكتابة تاريخ جديد انطلق في17 أكتوبر/ تشرين الأول، تاريخ بدء الانتفاضة الشعبية".

المساهمون