لطيفة موسى... كان علينا البقاء في فلسطين

لطيفة موسى... كان علينا البقاء في فلسطين

14 نوفمبر 2019
عشنا عامين في خيمة (العربي الجديد)
+ الخط -

حاولت لطيفة موسى تربية أولادها الثلاثة عشر في مخيم عين الحلوة بجهد كبير وتأمين التعليم لهم بالقدر المستطاع

"ما زلت أذكر ذاك اليوم الذي خرجنا فيه من فلسطين، ومن بلدتنا دير الأسد في عكا. حينها كنت في العاشرة من عمري، وكنت أعي ما يحصل، وكيف اضطررنا إلى ترك أرضنا وبيوتنا وحياتنا وراءنا". بهذا تستهلّ لطيفة صالح موسى كلامها في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع في مدينة صيدا، جنوبي لبنان. تضيف: "عندما بدأ الصهاينة هجومهم، نام أهالي البلدة تحت أشجار الزيتون، وعندما وصلوا إلينا اعتقلوا ستّة من الشبان قبل أن يطلقوا النار عليهم ويردوهم قتلى. ثمّ راح الناس يهربون من البلدة خوفاً على أرواحهم، وهربنا مع الذين هربوا ووصلنا إلى بلدة كسرى - كفر سميع الواقعة إلى شمال شرقي عكا. هناك، بقينا لبضعة أيام قبل أن نغادرها ونتوجّه نحو جنوب لبنان سيراً على الأقدام. وصلنا إلى بلدة رميش، ثمّ انتقلنا إلى بلدة بنت جبيل وبعدها إلى مدينة صور حيث مكثنا خمسة أشهر".

لم يحتمل والد لطيفة تلك الحياة، "فحاولنا العودة إلى فلسطين إلا أنّ الصهاينة لم يسمحوا لنا بذلك، علماً أنّ أفراد عائلتنا بمعظمهم ما زالوا حتى اللحظة يعيشون في الوطن. بالتالي توجّهنا إلى بنت جبيل سيراً على الأقدام، قبل أن ننتقل بعدها إلى مدينة صيدا ونستقرّ في مخيّم عين الحلوة، وقد علمنا أنّ الأمم المتحدة تقدّم المساعدات للفلسطينيين". وتشير إلى أنّ "الرزق في فلسطين كان وفيراً، وكنّا نعيش من خيرات أرضنا. وعندما خرجنا منها لم نحمل معنا إلا بعضاً من ثمار التين وقليلاً من البرغل. ومذّ صرنا مهجّرين، راحت أونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) تزوّدنا بالتمر والزبدة حتى نأكل". وتتابع لطيفة: "أذكر أنّنا عشنا نحو عامَين في الخيمة التي حصلنا عليها في عين الحلوة، وأذكر كم كانت حياتنا مرّة. ثمّ رحنا نبني بيتاً لنا، في حين أنّ والدي عجز عن العمل على أثر انهياره بعد فقدان الوطن. من جهتها، راحت والدتي تعمل في مجال التنظيف في وكالة أونروا لعلّها تؤمّن لنا لقمة عيش كريمة".




في وقت لاحق، تزوّجت لطيفة وأنجبت عشر بنات وثلاثة أبناء، وحاولت تربيتهم بجهد كبير وتأمين التعليم لهم بالقدر المستطاع. وتعلّل: "أنا لم أتعلّم، لذا رغبت في تعليم أولادي". وإذ تشكو من ظروف الحياة، تعبّر عن رغبتها في مغادرة لبنان، وتقول: "أتمنّى العودة إلى فلسطين حتى لو عشت تحت أشجار الزيتون. فالوطن هناك وطني، ولن أشعر بالقهر والذلّ وعدم الاحترام. كذلك، فإنّ أقربائي كلهم في فلسطين، فوالداي هما الوحيدان اللذان خرجا منها مع أولادهما". ولا تتردّد في لومهما على ذلك، مشدّدة على أنّه "كان يتوجّب عليهما البقاء في الوطن".

المساهمون