موظّفو سيناء يُهجّرون

موظّفو سيناء يُهجّرون

11 نوفمبر 2019
من الحياة اليومية في سيناء (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
بشكل مفاجئ، قرّرت الهيئة العامة للموانئ البرية والجافة في وزارة النقل المصرية، نقل 13 موظفاً من أبناء محافظة شمال سيناء العاملين في المنافذ النشطة إلى منافذ بعيدة مئات الكيلومترات، على غرار منفذ السلوم على الحدود المصرية مع ليبيا، من دون سابق إنذار، أو حتى وقوع خطأ يستدعي "العقاب". ويشار إلى أنّ المنافذ التي يعملون فيها حالياً تحتاج إلى وجودهم، أما نقلهم فيعني رحلة من العذاب نتيجة بعد المكان عن منازلهم وعائلاتهم، وصعوبة التحرّك في تلك المناطق التي يجهلونها. أمر اعتبره البعض جزءاً من الظلم الواقع على سيناء وأهلها، وتهجيرهم من أراضيهم.

وبحسب الصور التي حصلت عليها "العربي الجديد" للقرار الوزاري الذي يحمل رقم 492 عام 2019، ويتضمن ملحقاً بأسماء الموظفين المنقولين من منفذي رفح والعوجة إلى منافذ طابا والسلوم وقسطل وأرقين، فإن 13 موظفاً من سكان محافظة شمال سيناء نقلوا بشكل تعسفي من منفذي رفح والعوجة إلى المنافذ سابقة الذكر، ومن دون تاريخ عودة، مع عدم القبول بأي معارضة من الموظفين باعتباره قراراً وزارياً، على الرغم من عدم توضيح أسباب النقل في القرار الصادر، على أن ينفذ بشكل فوري بعد وصوله إلى الإدارات المعنية في كافة المنافذ خلال الأيام المقبلة.




وفي التفاصيل، كتب الصحافي حاتم البلك على صفحته على فيسبوك: "لا أعرف من هو المسؤول والعبقري صاحب فكرة نقل وتعذيب الموظفين المستقرين وأسرهم من أبناء سيناء. لمصلحة من إبعاد وتشريد وتشتيت الشباب من أبناء سيناء الموظفين والعاملين في منفذي ومعبري رفح والعوجة في شمال سيناء، ونقلهم من عملهم على الحدود الشرقية إلى منافذ ومعابر على الحدود الغربية مع ليبيا في السلوم، وعلى الحدود الجنوبية مع السودان في قسطل، أي نقل من أقصاها إلى أقصاها؟". يضيف البلك: "لا أدري هل هو اضطهاد أم تفنن في التعذيب وزيادة معاناة أبناء سيناء اليومية في العيش والمعاملة اليومية السيئة. وصلتني رسالة من بعض الموظفين والعاملين في منافذ رفح والعوجة، الذين تم نقلهم بشكل تعسفي ومن دون طلب منهم من الحدود الشرقية في سيناء إلى الحدود المصرية في الجنوب مع السودان والحدود الغربية مع ليبيا، وهذه هي رسالتهم أقدمها للمسؤولين في مصر المحروسة من أجل رفع الظلم والاضطهاد عنهم، وإلغاء قرار نقلهم التعسفي غير الإنساني".

وجاء في رسالة الموظفين المنقولين: "نتقدّم نحن أبناء محافظة شمال سيناء، الذين تم نقلهم إلى محافظات الحدود من دون أي طلبات مقدمة منا، والذي نلتمس فيه من سيادتكم سرعة التدخل للعودة إلى شمال سيناء. ويوجد على حدودها منفذا رفح والعوجة، حرصاً منا على عدم ترك سيناء في هذا التوقيت من العملية الشاملة لوقوفنا إلى جانب قواتنا المسلحة".

ووقعت الرسالة بأسماء المنقولين، وهم: نصر محمود حمدان حسانين من رفح إلى قسطل، حسام محمد علي من رفح إلى منفذ السلوم، عمر عبد الرحيم محمود من رفح إلى السلوم، أشرف أحمد مصطفى من رفح إلى السلوم، حاتم صابر محمد من رفح إلى السلوم، هشام إسماعيل عبد الحافظ من العوجة إلي ارقين، إبراهيم عبد الفتاح وهبه من العوجة إلى ارقين، فرج شامخ كامل من العوجة إلى طابا، صلاح الدين إبراهيم من العوجة إلى طابا، عباس كمال الدين من العوجة إلى السلوم، مصطفى عادل العبد من العوجة إلى السلوم، محمد يحيى محمد علي من العوجة إلى قسطل، ناصر محمد إبراهيم معروف من العوجة إلى السلوم.

وتعقيباً على ما حدث، يقول أحد مشايخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "الدولة المصرية ترغب بشكل واضح في إخلاء محافظة شمال سيناء من كل أشكال الحياة، وحرمان أهلها من العمل في الأجهزة الحكومية كافة، وسعت الدولة بكل إمكانياتها خلال السنوات الست الماضية إلى تنفيذ هذه الرغبة على أرض الواقع، إلى أن تم القضاء على مدينة رفح بالكامل، ومن ثم مدينة الشيخ زويد التي اختفت غالبية معالمها، وكذلك الحال في مدينة العريش، إلى أن وصل الدمار إلى مدينة بئر العبد، في حين أن كل المرافق الحيوية، وتشمل المؤسسات التعليمية والصحية والخدماتية، باتت خاوية، في وقت دمرت غالبيتها جراء العمليات العسكرية خلال السنوات الماضية، في محاولة يائسة للقضاء على الحياة الإنسانية في سيناء بلا رجعة".




يضيف الشيخ القبلي: "لولا الاستفادة التي يحققها النظام المصري من وراء تشغيل منفذ رفح البري وكذلك العوجة، لما أبقاهم في حالة نشطة حتى يومنا هذا، لكنه بات يستكثر على أبناء سيناء العمل في هذه المنافذ، على الرغم من أنهم الأحق في العمل في هذين المنفذين، فلماذا بعد الخدمة لعشرات السنوات في منفذي رفح والعوجة يجري نقلهم بشكل تعسفي وبلا مبرر، أو أن هذا القرار يتماشى مع المخطط القائم على تهجير سيناء وأهلها، وإنهاء كل مظاهر الحياة فيها من قبل الدولة المصرية، في إطار تنفيذ صفقة القرن التي تعتمد على سيناء كأرض لحل القضية الفلسطينية. بالتالي، فإن الموقف يجب أن يكون من أهالي سيناء برفض القرار التعسفي، والوقوف إلى جوار الموظفين بكل قوة، من قبل كل قطاعات المجتمع السيناوي، وإيصال رسالة قوية للمسؤولين المصريين بضرورة التراجع عن القرار، وإعادة الموظفين إلى عملهم في منفذي رفح والعوجة".