الأزولا بديل الأعلاف في غزة

الأزولا بديل الأعلاف في غزة

11 نوفمبر 2019
صاحب الفكرة عمر عايش (محمد الحجار)
+ الخط -

تمكّن مزارعون في غزة من استبدال الأعلاف التقليدية المخصصة للدواجن والأسماك والمواشي، بنبات الأزولا الذي أثبت فاعليته، ووفر ربحاً إضافياً لهم.

عانى المزارع وائل مسلم، من بلدة بيت لاهيا، من غلاء الأعلاف الصناعية التي يستوردها من الداخل الفلسطيني، بالإضافة إلى ضعف الإقبال على الطيور والأسماك من مزارعه. لكنّه في بداية هذا العام وجد الحلّ في نبات الأزولا (السراخس المائية)، الذي شكل له بديلاً عن الأعلاف الصناعية، ليحقق بعدها ربحاً جيداً على الرغم من الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

واجه مسلم منذ عام 2011، غلاء الأعلاف، وكنتيجة لذلك، لم يحقق ربحاً في مزارعه، وبالرغم من كلّ المحاولات، فقد فشل في تغطية كلفة مزارعه، لكنّه بعدما تعرّف على المحاضر الجامعي الشاب عمر عايش، تمكن كأول من زرع الأزولا وتجربتها على الأسماك في البداية، ونجح فيها، ثم انتقل إلى البط والدواجن، وأصبحت تتناولها بشكل أكبر من الأعلاف الصناعية، ليكون أول مزارع يجربها ويستبدل بها الأعلاف التقليدية. يقول مسلم لـ"العربي الجديد": "أقبلت الطيور والأسماك على تناول الأزولا بشكل كبير، وتغيرت حالتي المادية منذ زراعة النبات، حتى أنّي خلطتها مع الأعلاف، ونجحت ووفرت كثيراً من المال نتيجة استخدامها، ولاحظت نمو الطيور والأسماك بشكل أكبر من الأعلاف السابقة، وتستخدم أيضاً سماداً للخضار".

هكذا تغير حال مسلم مع النبات الذي جرت زراعته في المرة الأولى، في قطاع غزة، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2018، كما يشير المحاضر الجامعي عمر سهيل عايش، الذي لا يتجاوز عمره 20 عاماً، إذ عمل مباشرة بعد تخرجه قبل عام من الجامعة الإسلامية في غزة، في اختصاص التكنولوجيا الحيوية، معيداً في الجامعة، وبحث في كلّ المراجع والأبحاث عن استثمار مشروع في التكنولوجيا الحيوية لخدمة المزارعين في غزة. وجد عايش أنّ نبات الأزولا يستخدم في أستراليا وفي بعض الولايات الأميركية، وفي مصر ودول أخرى متطورة، وهو نبات سرخسي مائي يعيش في ظروف معتدلة، وينمو على مسطح مائي ذي عمق منخفض ما بين 20 و30 سنتيمتراً، ليتحول مكان زرعه إلى حوض من الأزولا.

المزارع وائل مسلم (محمد الحجار) 

وجد عايش أبحاثاً عدة باللغة الإنكليزية تتحدث عن تكوينات الأزولا واستخدامها كأعلاف للأسماك والدواجن، وراجع التقارير والمقالات العلمية عن النبات، وبدأ يجري أبحاث تطبيقها في غزة في منتصف العام الماضي، وعرف إمكانية زراعتها في غزة واستخدامها كأعلاف وطرق زراعتها بشكل متقن وعبر تجاربه. يقول لـ"العربي الجديد": "فكرت في استخدام الكائنات الحية أو جزء منها لمنفعة الإنسان والبيئة، وجاءتني فكرة تطبيق استخدام نبات الأزولا. كانت هناك مشكلة ملحّة في برك الأسماك في غزة، إذ كانت تحتاج إلى أعلاف كثيرة وسعرها مرتفعا، ومن الصعب نظرياً التوفيق بين كلفة الأعلاف والربح، فبحثت عن أفضل الاستخدامات في الدول الخارجية كأعلاف بديلة أرخص".

هنا تُزرع الأعلاف البديلة (محمد الحجار) 

أجرى عايش تحاليل دقيقة للنبات، ووجد أنّه يحتوي على 18 نوعاً من الأحماض الأمينية، بما فيها فيتامينات وبروتينات طبيعية بنسبة من 25 إلى 35 في المائة، وبعد تجارب عدة نجح في زراعتها، ونمت بشكل كبير داخل أراضٍ زراعية في بلدة بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وذلك، بعدما توافرت ظروف خاصة لزراعتها، كونها لا تنمو إلاّ في بيئة ملائمة.

هذا هو الأزولا (محمد الحجار) 

يشير عايش إلى أنّ نسبة التوفير على المزارعين تختلف من كائن حي إلى آخر، إذ إنّ المزارع يحتاج إلى وعي كبير لاستخدامها في مزرعته. وعلى صعيد تطبيقه على مزارع الأسماك، جرى الاستغناء عن نسبة 80 في المائة من الأعلاف المصنّعة فيها وسدّ النباتات هذه الحاجة، ثم جرى الاستغناء عن نسبة 60 في المائة من الأعلاف الصناعية في مزارع البط، أما الدواجن الأخرى فجرى الاستغناء عن 50 في المائة من أعلافها. يضيف: "يطلق في مصر عليها تسمية العلف المجاني، إذ تتميز أنّها بعد حصدها تعود إلى النمو من المستنقع المائي وهي نباتات مستدامة. وبحسب دراسات عالمية اطلعت عليها خلال بحثي فإنّ 85 في المائة من كلفة الإنتاج الحيواني مخصصة لسدّ كلفة الأعلاف، وهكذا نسدّ حاجة كبيرة لدى المزارعين".




أدخل عايش الأزولا إلى غزة، عن طريق الاستيراد من أستراليا، واستفاد منها ثلاثون مزارعاً غزياً ضمن مشروعه الخاص. وفيه شرح استخدامها للمزارعين وكيفية الحفاظ عليها، سواء من خلال زيارتهم، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي استهدف فيها مربي الدواجن والأسماك والأرانب والخرفان، وتلقى إشادات كبيرة منهم. يوضح أنّ محاولته إدخال الأزولا لم تكن الأولى، لكنّها المحاولة الناجحة الأولى، فقد حاول بعض المزارعين سابقاً إدخال الأزولا من مصر، ولم يتمكنوا من التعامل معها.