جنازة بلا جثمان كل شهر للشهيد الفلسطيني يوسف عنقاوي
إنه حال عائلات الشهداء الذين تواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامينهم في الثلاجات. وتؤكد والدة عنقاوي لـ"العربي الجديد"، وهي تجلس في خيمة الاعتصام أنه "أصبح ليوسف في الثلاجة سبعة أشهر، ولم أستطع رؤية جثمانه حتى الآن. أنا هنا لأوصل رسالة، ليس إلى الحكومة الفلسطينية التي لم تفعل لنا شيئاً، ولا إلى الرئيس الفلسطيني الذي وجهت إليه رسائل عديدة، بل إلى جيش الاحتلال الظالم، ما الذي تستفيدونه من وضع ابني في الثلاجة؟".
ثم تكمل: "هو عقاب للأهل. أريد أن أرى ابني، قدمت ستة طلبات لرؤيته، وفي كل مرة يُرفَض الطلب. أطالب على الأقل بأن يراه المحامي ويعاين جثمانه".
والدة يوسف لم تترك الخيمة منذ استشهاد ابنها في الرابع من مارس/آذار 2019، إذ أعدمه الاحتلال مع زميله أمير دراج، وهي تستقبل ضيوفها خصوصاً في الليل داخل الخيمة التي امتلأت بصور ابنها، لكن الرابع من كل شهر يوم خاص تستذكر فيه الأم ألم فراق ابنها، وكذلك تجدد مطلبها بحق دفنه.
أمام الخيمة، نظّم مجلس قروي وأهالي قرية بيت سيرا اعتصامهم، وهم يؤكدون أن هذا الاعتصام أشبه بجنازة تتكرر كل شهر، لكن دون جثمان. يقول والد رائد عنقاوي لـ"العربي الجديد": "توجهنا إلى العديد من محاكم الاحتلال، ووصلت القضية إلى المحكمة العليا، لكن دون فائدة، نحن هنا نطالب الجهات الرسمية بالتحرك لاستعادة الجثمان وكل جثامين الشهداء".
الوضع القانوني يوضحه مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، عضو اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء عصام العاروري، في حديث لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "في الشهر الماضي، عقدت المحكمة العليا التابعة للاحتلال جلسة بهيئة موسعة، لبحث ملف الجثامين، لتتخذ في النهاية قراراً يسمح لسلطات الاحتلال باحتجاز الجثامين من أجل المساومة في عمليات تبادل مع المقاومة الفلسطينية".
يقول العاروري: "هذا قرار قضائي يسمح لقوات الاحتلال باحتجازهم كرهائن للمساومة عليهم بصفقات تبادل، وهذا أمر غير مسبوق في القضاء في أية دولة، بالسماح باستخدام جثمان الإنسان كبضاعة للمبادلة والمساومة".
ويؤكد العاروري، قائلاً: "سنواصل جهودنا رغم القرار، واستطعنا فعلاً كسره بتسليم عدد من الجثامين، ومن ناحية أخرى هناك توجه للذهاب إلى القضاء الدولي بهذا الملف، بعد أن أغلقت سلطات الاحتلال الحديث فيه، وستُطرَق كل الأبواب الممكنة لكسر هذا القرار غير المنصف، وغير الأخلاقي".
وتواصل قوات الاحتلال احتجاز جثامين 50 شهيداً فلسطينياً في الثلاجات، أقدمهم الشهيد عبد الحميد أبو سرور منذ عام 2016. أما يوسف وأمير، فكانا قد أُعدما في مارس/آذار الماضي، قرب قرية كفر نعمة غرب رام الله، في أثناء عملية اقتحام قوات الاحتلال لقرى غرب رام الله بحملة اعتقالات ليلية، وأصيب زميلهما هيثم علقم داخل مركبة كانوا يستقلونها، فيما تحتجز سلطات الاحتلال جثامين 253 فلسطينياً بعدما دُفنت في مقابر الأرقام، وقد استشهد أصحابها قبل عام 2015.