علي غضبان: من يخسر الوطن يخسر كل شيء

علي غضبان: من يخسر الوطن يخسر كل شيء

27 أكتوبر 2019
الفلسطيني غير قادر على العيش بكرامة (العربي الجديد)
+ الخط -

"كنت فتىً في العاشرة من عمري عندما ضغط الصهاينة على العرب وجعلوا الفلسطينيين يتركون الوطن هرباً من الموت"، يخبر علي غضبان "العربي الجديد". في ذلك العام، عام النكبة، كان والده بحسب ما يقول "موظّفاً في دائرة الزراعة في عكا، وكان بيتنا ملكاً لنا. وكنت أتعلّم في مدرسة عكا، ولم أتوقّع حينها أنّني سأضطر إلى ترك مقعدي في الصف الثالث الأساسي". وغضبان الذي أبصر النور في بلدة كويكات شرقي عكا في فلسطين المحتلة، له ثلاثة إخوة وأخت واحدة، و"كنّا نعيش مع أهلنا حياة رغد وبحبوحة قبل أنّ نُجبَر على ترك بلدتنا بحثاً عن الأمن والأمان". ويوضح: "رحنا ننتقل من بلدة إلى أخرى. في البداية، توجّهنا من كويكات إلى كفرياسيف التي ما لبث أن احتلها الصهاينة. فانتقلنا إلى منطقة يسكنها الدروز، وهي يركا. وعندما أغلقوا طرقات البلدة، شعرنا بالخوف فاتّخذ أهلنا قرار التوجّه إلى لبنان".

رحلتهم إلى لبنان كانت "صعبة جداً"، ويروي غضبان: "تركنا فلسطين سيراً على الأقدام، وكنت كلّما سرت مسافة ما أبكي من الوجع، فأجلس حتى أستريح ثم أتابع سيري. وصلنا أخيراً إلى بلدة رميش الجنوبية، وهي منطقة سكانها بمعظمهم من المسيحيين، فبتنا فيها ليلة بالقرب من بركة مياه، قبل أن نتوجّه في اليوم التالي إلى جويا ثمّ عدلون ونستقرّ في الأخيرة". يضيف: "صرفنا كلّ المال الذي كان في حوزتنا، فاضطررنا جميعاً إلى العمل في الزراعة، أنا وإخوتي وكذلك أبي الذي كان يملك خبرة كبيرة في هذا المجال. في هذه الأثناء، اُلحِقتُ بالمدرسة لمتابعة تعليمي. لكنّ وضعنا الاقتصادي المتدهور اضطرني إلى العمل في الوقت نفسه، فاهتممت بالعمل وأهملت دروسي، وبالتالي رسبت. تركت المدرسة، وكنت حينها في الصف الخامس الأساسي".

يتابع غضبان: "عشنا مدّة طويلة في عدلون، وفي عام 1958 انتقلت إلى مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، جنوبي لبنان للعمل، فسكنت في غرفة صغيرة، بعدما عثرت على عمل أجره أفضل ممّا كنت أتقاضاه في عدلون. واستقررت هنا، ثمّ تزوجت، ورحت أوسّع الغرف حتى صار لديّ منزل و11 ابناً وستّ بنات". في وقت لاحق، سافر غضبان إلى السعودية بحثاً عن فرصة أفضل، لكنّه لم يحتمل درجات الحرارة المرتفعة. وبعد العمل لمدّة فيها، عاد إلى لبنان وعمل في جنوب لبنان في زراعة الحمضيات والموز، قبل أن يعمل في محطة بنزين في عين الحلوة.




اليوم، يعيش غضبان في مدينة صيدا بعدما دُمّر منزله في المخيّم من جرّاء جولة من الاشتباكات التي دارت فيه، فيما يدير دكاناً مستأجراً في عين الحلوة لا يؤمّن له عيشه، لافتاً إلى أنّ ابنه الذي هاجر إلى أوروبا يسانده. لكنّه يؤكّد أنّه لم يشعر يوماً بالاستقرار، مشدداً على أنّ "حالتنا متردية جداً، فالفلسطيني غير قادر على العيش بكرامة هنا. من يخسر الوطن يخسر كل شيء".

المساهمون