شبح أميركا وإسرائيل يلاحق عبد الحليم الأشقر

شبح أميركا وإسرائيل يلاحق عبد الحليم الأشقر

23 أكتوبر 2019
يرغب في مغادرة البلاد (العربي الجديد)
+ الخط -
عاد البروفسور الفلسطيني عبد الحليم الأشقر إلى نقطة الصفر، وذلك بعد نقله في يونيو/ حزيران الماضي من دولة الاحتلال الإسرائيلي التي سُلّم إليها سراً إلى الولايات المتحدة الأميركية. خطوة أعادت قضية الأشقر الذي يتحدّر من قرية صيدا في طولكرم في الضفة الغربية، إلى الواجهة مجدداً، وسلطت الضوء على قضية العالم الفلسطيني الذي اعتقل أحد عشر عاماً في السجون الأميركية، وفرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة ثلاث سنوات في منزله في ولاية فرجينيا بعد الإفراج عنه. لكنه اليوم، يجد نفسه وحيداً بعدما رفضت كل الدول التي طلب اللجوء إليها استقباله.

يقول الأشقر لـ "العربي الجديد": "شبح اعتقالي من قبل السلطات الأميركية أو تسليمي لإسرائيل يلاحقني في ظل انعدام الخيارات الأخرى. خلال وجودي في إسرائيل، علمت أن الأردن وافقت على استقبالي لكنها تراجعت، على الرغم من أن قرار الترحيل الذي أصدرته دائرة الهجرة الأميركية كان إلى الأردن أصلاً". ويشير إلى أنه كان يملك جواز سفر أردنياً، لكن بعد انتهاء صلاحيته، رفضت السلطات الأردنية تجديده، كما هو الحال بخصوص جواز سفره الفلسطيني.

وكان الأشقر قد ترشح لانتخابات الرئاسة الفلسطينية عام 2005. لكن بعد عامين، اعتقلته السلطات الأميركية بتُهم "تعطيل العدالة" و"العصيان الجنائي" بسبب رفضه الإدلاء بشهادة ضد بعض الناشطين ومؤسسات فلسطينية وإسلامية تعمل في المجال الحقوقي والإنساني، وقضى في الاعتقال 135 شهراً. الأشقر تقدّم بطلب لجوء إلى دول مثل تركيا وقطر والجزائر والمغرب وتونس وماليزيا وغيرها، لكنه لم يتلق أي رد.



ظروف صعبة

يعيش الأشقر حاليّاً ظروفاً صعبة، إذ تُقيّده السلطات الأميركية بسوار "GBS" في قدمه لرصد تحركاته، وتلزمه بمراجعة دائرة الهجرة في فرجينيا كل أسبوعين، والحصول على إذن إذا ما أراد الذهاب إلى مناطق أخرى. ويزوره في بيته موظف من دائرة الهجرة كل يوم خميس، وقد منعته السلطات الأميركية من الحصول على رخصة قيادة على الرغم من حاجته إلى استخدام السيارة للذهاب إلى الأطباء، هو الذي يعاني من الروماتيزم، وديسك في الرقبة، والسكري. وأخيراً، أجريت له عملية استبدال للركبة.

رفض الإدلاء بشهادة ضد بعض الناشطين ومؤسسات فلسطينية وإسلامية (العربي الجديد) 


"أريد الخروج إلى أي بلد"

يعلنها الأشقر بكل وضوح: "أريد الخروج من هذا البلد بأي ثمن وفي أسرع وقت. المهم أن أخرج. أرض الله واسعة، لا يوجد لدي مشكلة مع أي بلد، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم امتلاكي حالياً جواز سفر". وما يضاعف من معاناة الأشقر، الإهمال الذي يتعرّض له، كما يقول، من الجالية العربية والإسلامية والجمعيات التابعة لها ومؤسسات حقوق الإنسان.

ويوضح: "وصل الأمر ببعضهم إلى حد لومي لعدم تعاوني مع المحققين الأميركيين، ويقصدون بذلك أن أعترف على أخوة لي، وقد عاهدت الله أن ألقاه ولم يسجل علي أنني ألحقت الضرر بأي إنسان، خصوصاً ممن كنت أعمل معهم". يضيف: "لست نادماً، لكن أين هم الآن؟ تركوني أواجه مصيري من دون أية مساعدة تخفف مما أتعرّض إليه".

سيرة

الأشقر حاصل على درجة دكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة مسيسيبي في الولايات المتحدة الأميركية، وعمل أستاذاً في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة، والعديد من الجامعات الأميركية، كان آخرها جامعة هوارد في واشنطن. وتعرّض الأشقر للاعتقال في الولايات المتحدة بعد رفضه الإدلاء بشهادته ضد ناشطين فلسطينيين وعرب، واتّهم بالانتماء إلى حركة حماس وتمويلها. وبعد سنتين، بقي رهن الإقامة الجبرية إلى أن أودعته السلطات الأميركية السجن.



وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قد كشفت قبل أربعة أشهر، تفاصيل "اختطاف" عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للأشقر وتسليمه إلى إسرائيل من دون إجراءات قانونية أو حتى معرفة محاميه. وبحسب المنظمة العربية، فإنّه "بعد الإفراج عن الأشقر منذ أكثر من عام، وضع تحت الإقامة الجبرية بانتظار ترحيله إلى دولة تسمح باستقباله بعد إجباره على التخلي عن جنسيته الأميركية بشكل تعسفي. وعلى الرغم من توفر هذه الدولة، إلا أن سلطات الهجرة كانت تماطل بمنح الإذن له بالسفر".

واستدعت إدارة الهجرة الأشقر وشقيقته إلى مقر إدارتها. وبعد انتظار دام أربع ساعات، جاء موظف الهجرة وأخبر شقيقته بأن عليها أن تذهب لأنه غادر على طائرة برفقة عملاء فيدراليين إلى إسرائيل. وبحسب المعلومات التي توفرت للمنظمة، فإن الطائرة التي أقلت الأشقر توقفت في فيينا ووصلت إلى فلسطين المحتلة. وأكدت أن هذا "مُخالف لكلّ الأعراف والقوانين الدولية، ويعكس الفوضى القانونية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي عصفت بكافة قواعد القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان". وأشارت إلى أن تسليم الأشقر من دون علم عائلته ومحاميه ليتسنى لهم الاعتراض على هذا القرار هو خرق فاضح للقوانين الأميركية، التي تتيح بشكل قاطع لكل إنسان التظلم من أي قرار يمس سلامته وحريته ويلحق أضراراً به وبعائلته.

لكن عائلته تؤكد لـ "العربي الجديد"، على لسان شقيقه مؤيد (في ذلك الوقت)، أنه نتيجة الضغوط القضائية والقانونية التي أثيرت في الولايات المتحدة الأميركية على خلفية تسليمها العالم الفلسطيني عبد الحليم الأشقر بعد اعتقاله في سجونها 11 عاماً إلى الاحتلال، تراجعت أميركا عن قرارها وأعادت الأشقر إلى أراضيها، ووضع في سجن في ولاية ويست فرجينيا، بعدما رضخت المؤسسات الأمنية الأميركية، على حد وصف شقيقه، للضغوط.

ويخضع العالم الفلسطيني عبد الحليم الأشقر للإقامة الجبرية حالياً في منزله في ولاية فيرجينيا الأميركية، وما زال يبحث عن حلول من أجل ترحيله إلى أية دولة خشية أن تقوم أميركا بترحيله إلى إسرائيل.