الجدران تنطق بمطالب ثوار لبنان

الجدران تنطق بمطالب ثوار لبنان

22 أكتوبر 2019
يطالبون بإسقاط الرئيس (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
في الثورات والانتفاضات وكل أشكال الاحتجاج يصل صوت الناس المعترضين والغاضبين بأكثر من طريقة وأسلوب، بالحشود والشعارات والهتافات والأغاني. وفي الأحداث الكبرى مثل انتفاضة اللبنانيين اليوم، تأخذ الجدران والأسوار حصتها من التعبير، فتنطق بلغتهم وتفسح لهم المجال للتعبير عن آرائهم ومواقفهم بالكلمة والرسوم.

فجدران الشوارع في لبنان عموماً وفي بيروت على وجه التحديد تحولت إلى لوحة منشورات وشعارات، ومعبّر حقيقي عن أفكار الناس ومواقفهم وخطابهم. بالكتابة والرسوم يدعون لرحيل الرئيس ميشال وعون ولإسقاط النظام ولإلغاء الطائفية وصولاً إلى شعارات الحراك الأكثر انتشاراً، ومنها لبنان ينتفض، ولبنان يثور، والشعار الأشهر وهو "كلن يعني كلن"، والوطن للأغنياء والوطنية للفقراء، ويسقط حكم المصرف، والثورة حرية، والسياسيون حرامية (لصوص)، وغيرها الكثير.

لم تسلم واجهات المحال ومداخل المباني وأعمدة الإنارة وحتى السيارات من حالة التعبير التي كست الجدران، كونها انعكاساً لحالة استثنائية لم يعش اللبنانيون مثيلاً لها. ولم يخل الأمر من كتابة بعض الشتائم التي لم يسلم منها حزب أو زعيم أو سياسي، وهو ما يحصل على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً.

ضد الطائفية... وحلم بدولة تحكمها القوانين المدنية (حسين بيضون/العربي الجديد) 


ما يشهده لبنان اليوم يشبه الثورات العربية التي حصلت في مصر وسورية وتونس وأخيراً في السودان، وشكلت الرسوم الجدارية والشعارات جزءاً أساسياً منها، ونقلت رأي الشارع بالرسم إلى خارج الحدود.

قالوا كفى لعدم القدرة على احتمال المزيد من القهر والغبن  (حسين بيضون/العربي الجديد) 


أحد رسّامي الغرافيتي، والذي رفض أن يذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، إنه يستخدم هذه الوسيلة لأن التعبير على الجدران بالكتابة أو الرسم أقوى بكثير من الهتاف والكلام الشفهي خصوصاً خلال الثورات. وأضاف "بعد انتهاء هذه الثورة، سترحل الأصوات وتبقى الجدران وما عليها. لذا، بعد مرور أيام أو سنوات، سيمر الناس في هذه الطرقات والشوارع، ويتذكرون أهمية ما حصل في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019".

ليست الجدران وحدها مكاناً للتعبير (حسين بيضون/العربي الجديد) 



بحسب الخبيرة الاجتماعية فاتن دياب، فإن "لهذه الرسوم دوراً كبيراً في الثورة". وأوضحت لـ"العربي الجديد"، أن "هذا النوع من التعبير هو تعبير عن الرأي بشكل حر"، معتبرة أن "الوسائل البصرية التي يراها الأشخاص تعلق في الأذهان وترسخ في العقول أكثر من الوسائل المسموعة، وتكون أكثر استقطاباً للجماهير".

وأعربت دياب عن اعتقادها بأن الغرافيتي له التأثير الأكبر بسبب وجود الألوان الملفتة للأنظار. ورأت أن رسوم الغرافيتي والشعارات "تحث على القراءة المتأنية وبهذه الطريقة تصل إلى العقول وتؤثّر فيها".

يعلنونها ثورة (حسين بيضون/العربي الجديد) 


ومن باب المقارنة، استخدمت دياب مثال الشركات التي تستخدم الشعارات الجاذبة للنظر، تماماً مثلما الرسوم على الجدران تتركّز في ذهن المواطن.

وعن استخدام اللغة العامية في كتابة الشعارات على الجدران، قالت: "إن استخدام اللغة العامية والقريبة من الناس تجعلها في الذاكرة دائماً".

وجدران المدن اللبنانية والعاصمة لم تفرد مساحاتها للكتابات فقط، بل ألصقت عليها لافتات ومناشير تعدد الأسباب الأساسية للثورة لتبقى هي الهدف ومركز اهتمام الناس، ولتذكيرهم دوماً بأن النزول إلى الشارع خلفه أسباب أدت لانتفاض الشعب على حكامه. كما تركت بعض تلك المساحات المجال للمتظاهرين ليكتبوا عليها مطالبهم بأنفسهم، ويعبروا عن مواصفات الوطن الذي يريدونه.

لبنان ينتفض (حسين بيضون/العربي الجديد) 


والمتظاهرون في ساحة رياض الصلح أو في ساحة الشهداء في وسط بيروت الذين يمرون في شارع العازارية، الواقع بينهما، لا بد لهم من رؤية تلك اللافتة المعلقة على طول الشارع التي يخط عليها الناس مواقفهم ويعبرون بحرية عن أفكارهم وأمانيهم. بالإضافة إلى وجود أكبر علم في لبنان ويحمل توقيع معظم المتظاهرين.

يثورون ضد الفساد (حسين بيضون/العربي الجديد) 


للرسومات على الجدران أهمية كبرى، فهي تدل على أهمية الحراك الشعبي وهدفه التغييري وصلابته واستمراره، إضافة إلى تخليد تلك الانتفاضة في الذاكرة بعد انتهائها، مهما كانت النتائج. إنها وسيلة للتأكيد أن الشعب اللبناني ثار وانتفض هنا يوما ما.

المساهمون