متظاهرو طرابلس يرفضون خطة الحريري: "لو بدها تشتي غيّمت"

متظاهرو طرابلس يرفضون خطة الحريري: "لو بدها تشتي غيّمت"

21 أكتوبر 2019
متظاهرون بساحة النور في طرابلس (عمر العمادي)
+ الخط -

لا يزال مشهد الاحتجاجات على حاله في مدينة طرابلس اللبنانية، بل زاد الزخم والحماسة لدى المتظاهرين بساحة النور في قلب عاصمة الشمال، حيث لم يكن أحد ينتظر انتهاء مهلة الأيام الثلاثة التي أعطاها رئيس الوزراء سعد الحريري للشركاء في حكومته لوضع خطة إنقاذ للبلاد.
وقالت الحاجة ربيحة ألاغة، وهي ربة منزل من الضنية، وأم لعشرة أولاد: "لم أسمع خطاب الحريري، ولا أريد أن أعرف ماذا قال أصلا. أريدهم أن يرحلوا جميعا".

في قلب ساحة النور، التي تستحوذ منذ ليل السبت على أنظار كثيرين في لبنان وغيره، خطب أحد المواطنين من على سطح أحد المباني المطلّة على الساحة، معبّرا عن رفض الطرابلسيين وأهالي الشمال للخطة الحكومية، قائلا: "نرفض خطة الحريري. كنا ننتظر أن يطلّ علينا ليعلن استقالة الحكومة ورئاسة الجمهورية وحلّ البرلمان".
وأضاف: "حتى الخطة التي وضعها تغيب بعض النقاط الأساسية والجوهرية للمواطن اللبناني، مثل العلاج، وضمان الشيخوخة، وفرص العمل، والتعليم الإلزامي المجاني"، محذّرا من السماح للمسؤولين اللبنانيين الحاليين والسابقين بالفرار ليفلتوا من محاسبة الشعب، ومن استعادته للأموال المنهوبة.
وإضافة إلى مطالب الشعب من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، يبرز ملف الموقوفين الإسلاميين في مدينة طرابلس التي لا تنسى "أبناءها" القابعين في السجون من دون محاكمات منذ سنوات طويلة، حتى أنّ أهالي الموقوفين نصبوا خيمة احتجاج على الطريق منذ اليوم الأول للاحتجاجات.

كان ملاحظا أن الأعداد تتزايد في ساحة النور بعد خطاب الحريري، في حين كان كثيرون يتوقعون أن يخفت وهج الاحتجاجات، ودعا الطالب الجامعي عبد الرحمن الزعبي الحريري أن يستفيق، إذ لن يتغير شيء، ولن يتحقق شيء من ورقته هذه.
وعبر حاتم الصمد، الذي يعمل في صب الباطون، عن رأيه مستعينا بالمثل الشعبي: "لو بدها تشتي غيّمت"، مضيفا أنه "لن تتغير أخلاق الطبقة الحاكمة التي عاثت فسادا في لبنان طوال 30 عاما بين ليلة وضحاها. وأكّد الخمسيني الذي ظهرت حول عنقه قلادة تتدلى منها عبارة "كلن يعني كلن" أنه باق في الشارع.


من جهتها، اعتبرت إيبولا فضل الله، ابنة قضاء زغرتا العاطلة من العمل منذ تخرجها، أن "المسألة لا تكمن في مضمون الورقة التي قدمها الحريري، بل في غياب أي ضمانة لتطبيق هذه الإصلاحات، أو لتغيير نهج السلطة".
وأظهرت الانتفاضة للطرابلسيين صورة مدينتهم الحقيقية، وذكرت اللبنانيين بأن طرابلس عاصمة البلاد الثانية. وجه طرابلس الحقيقي بدأ يحفر أثره في النفوس من خلال المبنى الذي اعتلى سطحه "DJ"، وقام أحد فناني الغرافيتي برسم شعار كبير كتب فيه: "من طرابلس شكرا للجيش والقوى الأمنية وبلدية طرابلس، طرابلس مدينة الحرية والعيش المشترك، ثورة الشعب".

ورغم عفوية الحراك، إلا أنّ طرابلس وضعت قواعد خاصة للتظاهر طبعت على لافتة كبيرة، وضمت: "قيم وقواعد السلوك للحراك القائم في ساحة النور في طرابلس"، ومنها سلمية وانعدام طائفية الحراك، وصولا إلى تغيير الطبقة الحاكمة، ورفض مشاركة أي مسؤول حالي أو سابق، ورفض أعمال الشغب، أو التعرض لقوى الأمن.
هكذا نظمت طرابلس نفسها بنفسها، ورفعت عن نفسها السمعة السيئة حول الفوضى في أزقتها، وفي حركة سيرها، وبين سكانها. والهتاف الأبرز كان حول الحرية، وكان موجها لكل الزعماء: "يا سعد اسمع. لن نركع، يا بري اسمع. لن نركع، يا حسن اسمع".