نظام تعليم تمييزي ضد الأطفال ذوي الإعاقة في إيران

تقرير حقوقي: نظام تعليم تمييزي ضد الأطفال ذوي الإعاقة في إيران

02 أكتوبر 2019
تعليم ذوي الإعاقة مع نظرائهم يحسن التعلم(بهروز مهري/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت "هيومن رايتس ووتش" و"مركز حقوق الإنسان في إيران"، في تقرير مشترك، صدر أمس الثلاثاء، مع بدء العام الدراسي، أنّ الأطفال ذوي الإعاقة؛ وعددهم نحو 1.5 مليون طفل، يواجهون تمييزاً وحواجز كبيرة في الحصول على التعليم في إيران.

ووثق التقرير، الصادر في 52 صفحة بعنوان "مثل الأطفال الآخرين": غياب التعليم الجيد الشامل للأطفال ذوي الإعاقة في إيران"، التمييز والحواجز التي تمنع تعليم معظم الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية الإيرانية. ووجدت المنظمتان عقبة رئيسية تتمثل في اختبار طبي حكومي إلزامي يمكن أن يستبعدهم من التعليم تماماً. وتشمل الحواجز الإضافية المباني المدرسية التي يتعذر دخولها والتحرك داخلها، والتصرفات التمييزية لموظفي المدارس، وافتقار المعلمين ومديري المدارس إلى التدريب الكافي على أساليب التعليم الشامل.

وقال المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران هادي قائمي: "منع الأطفال ذوي الإعاقة من الحصول على التعليم في بيئة شاملة يساهم في الوصمة الاجتماعية التي يواجهها ملايين الأشخاص ذوي الإعاقة في إيران يومياً. تعليم الأطفال ذوي الإعاقة في نفس بيئة نظرائهم يحسن التعلم لجميع الأطفال ويفيد المجتمع ككل".


وقابلت "هيومن رايتس ووتش"، و"مركز حقوق الإنسان في إيران"، 37 شخصاً في إيران، بمن فيهم أطفالٌ ذوو إعاقة، وآباء وأمهات لأطفال ذوي إعاقة، وناشطون، ومسؤولون حكوميون. واتبع هذا البحث تقريراً مشتركاً أصدرته المنظمتان في 2018 وثّق التمييز وصعوبة حركة الأشخاص ذوي الإعاقة في إيران، ووصم هؤلاء الأشخاص، والسلوك التعسفي من جانب بعض مسؤولي الدولة وموظفيها، والحواجز بوجه الحصول على خدمات النقل والرعاية الصحية.

وأكد التقرير أنّ من حق الأطفال ذوي الإعاقة، الحصول على تعليم شامل للجميع وذي جودة عالية، بحيث يدرس الأطفال ذوو الإعاقة أو بدونها معاً في مدارس المجتمع المحلي مع توفر الدعم اللازم. وذكرت المنظمتان أنّ التعليم الشامل أساسي للحد من الوصمة وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة طوال حياتهم.


وبيّن التقرير أنّ نظام المدارس الحكومية في إيران، يُخضع جميع الأطفال لتقييم طبي تمييزي يستند إلى اختبار نسبة الذكاء لتحديد ما إذا كانوا "قابلين للتعلم". ويُجبر الأطفال ذوو الدرجات المنخفضة على الالتحاق بمدارس "خاصة" منفصلة، أما الأطفال ذوو الدرجات الأقل فيحرمون من التعليم بالكامل.

ووصف أحد أولياء الأمور، اللحظة التي علم فيها أنّ ابنته البالغة من العمر سبع سنوات، وهي مكفوفة ولديها صعوبة في التواصل، تُعتبر "غير قابلة للتعليم" بعد تقييمها الطبي: وقال "اليوم الذي عرفتُ فيه أنه لا يمكنهم تسجيل ابنتي... كان أحد أسوأ أيام حياتي... أريدها أن تذهب إلى المدرسة مثلما يذهب جميع الأطفال الآخرين. اشتريتُ لها جميع اللوازم المدرسية، لكنها لم تجب على أي أسئلة في جلسة التقييم، وقال الرجل هناك إنها غير قابلة للتعليم. أعدتها إلى المنزل، وكنت أبكي طوال الطريق".

ويواجه الأطفال ذوو الإعاقة الذين يلتحقون بالمدارس حواجز مختلفة. وتشمل كلاً من المباني، وغرف التدريس، والمراحيض التي يتعذر دخولها واستعمالها، أو غياب وسائل المساعدة وغيرها من طرق الدعم. وعلى الحكومة ضمان توفير تسهيلات مناسبة حتى يحصل الأطفال ذوو الإعاقة على الدعم الذي يحتاجون إليه في الغرفة الصفية والمبنى، بحسب التقرير. ويمكن أن تشمل هذه الأجهزة المساعدة مثل أجهزة السمع، أو المواد التعليمية مثل الكتابة النافرة "برايل" أو التسجيلات الصوتية.

ولفت التقرير إلى أنّ الافتقار إلى هذا الدعم يؤدي إلى عبء ثقيل على الأسر. وقال بعض أولياء الأمور إنّه يتعين عليهم مرافقة أطفالهم إلى المدرسة لحملهم صعوداً ونزولاً على الدرج، أو لمنحهم المساعدة التي يحتاجونها في الكتابة أو القراءة.


وعدم إتاحة الحركة وغياب التسهيلات المعقولة في المدارس قد يُجبر الأطفال ذوي الإعاقة على ترك المدرسة أو الالتحاق بمدرسة بعيدة عن المنزل، أو حتى مدرسة "خاصة" داخلية حيث يُفصلون عن أسرهم ومجتمعهم.

واستناداً إلى الأرقام الحكومية، خلال العام الدراسي 2018-2019، تم تسجيل 150 ألف طفل فقط من ذوي الإعاقة في سن الدراسة في المدارس، وأكثر من نصفهم في مدارس "خاصة" تفصلهم عن الطلاب الآخرين. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي عدد الأطفال ذوي الإعاقة في سن الدراسة في إيران يبلغ 1.5 مليون.

في السنوات الأخيرة، اعتمدت الحكومة الإيرانية بعض التدابير لتحسين حصول الأطفال ذوي الإعاقة على التعليم، بما في ذلك زيادة كبيرة في ميزانية تعليمهم ووضع متطلبات لتسهيل استخدام مباني المدارس التي شُيِّدت أو جُدِّدت حديثاً. كما زادت بعض الدعم للأطفال ذوي الإعاقة الملتحقين بمدارس المجتمع المحلي من خلال تقديم مواد بطرق ميسّرة، منها استخدام كتابة برايل أو التسجيلات الصوتية.


ولكن في ظل غياب نهج شامل لضمان التعليم الشامل في النظام المدرسي ككل، فإنّ هذه التدابير غير كافية لضمان حصول الأطفال ذوي الإعاقة على التعليم على قدم المساواة مع الأطفال الآخرين.

وصادقت إيران على "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" و"اتفاقية حقوق الطفل"، اللتين تضمنان الحق في التعليم الجيد لجميع الأطفال دون تمييز. تلزم اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أيضاً الحكومات بتوفير ترتيبات تيسيرية معقولة لدعم التعليم الجيد.

وقالت نائبة مديرة قسم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في "هيومن رايتس ووتش" جين بوكانان: "نهج الحكومة الإيرانية في تعليم الأطفال ذوي الإعاقة يعرّض الكثير منهم لخطر التهميش الاجتماعي. على إيران أن تنهي فوراً اعتمادها على التقييمات الطبية التي تحرم الأطفال من التعليم، وتعمل على إلحاق جميع الأطفال ذوي الإعاقة بمدارس المجتمع المحلي مع أقرانهم".

المساهمون