عام دراسي معلّق بالسودان

عام دراسي معلّق بالسودان

05 يناير 2019
لن يتوجّه الصغير إلى مدرسته حتى إشعار آخر (الأناضول)
+ الخط -


حرصاً على سلامة التلاميذ والتلميذات، هكذا برّرت السلطات السودانية قرارها الخاص بإغلاق المدارس في عدد من الولايات، ومن بينها ولاية الخرطوم الأكثر كثافة سكانية، وذلك منذ 19 ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، تاريخ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عدد من المناطق ضدّ الغلاء وندرة السلع في الأسواق السودانية. لكنّ التبرير الحكومي لم يلقَ القبول الكافي من كثيرين رأوا في القرار محاولة للحدّ من التظاهر، لا سيّما مشاركة تلاميذ المرحلة الثانوية في الاحتجاجات. وفي أغلب الظنّ، فإنّ هؤلاء التلاميذ هم أوّل من خرج عند انطلاق الحراك الشعبي.

ثويبة الأمين، والدة محمد وهو تلميذ في الصف الثالث الثانوي من المفترض أن يخضع إلى امتحان دخول الجامعة في الأوّل من مارس/ آذار المقبل، تقول لـ"العربي الجديد": "نحن كأسرة قلقون جداً من تعطيل الدراسة، خصوصاً أنّه لم يتلقَّ مع زملائها بعد كلّ المقررات الدراسية التي يشتملها امتحان دخول الجامعة". وتناشد الأمين "وزارة التربية والتعليم باتخاذ قرار سريع يقضي باستئناف الدراسة، ولو في الفصول النهائية في المرحلتَين الأساسية والثانوية".



من جهته، يقول المدرّس في المرحلة الثانوية صابر أحمد لـ"العربي الجديد" إنّ "القلق يسيطر على كل الأسر التي باتت تقص مدارس أبنائها يومياً للسؤال والاستفسار عمّا سوف يحدث"، مشيراً إلى أنّهم كمدرّسين لا يملكون إجابات. يضيف أنّ "قرار إغلاق المدارس جاء في وقت حرج وأربك الإدارات والمدرّسين وأولياء الأمور والتلاميذ على حدّ سواء"، مؤكداً أنّ "المناهج لم يكتمل تدريسها". ويتوقع أحمد "حدوث ضغط كبير على المدرّسين عند استئناف الدراسة"، مستبعداً تماماً "فرضية التدخل وتغيير موعد امتحانات شهادة الأساس وشهادة الثانوي لأنّ ذلك لم يحدث من قبل. فذلك مرتبط بظروف معلومة، لا سيّما الظروف المناخية". ويعبّر عن خشيته من "دخول العام الدراسي في المجهول وسط ما يدور في البلاد".

في السياق، يصف الخبير التربوي حسين الخليفة "إغلاق المدارس بالكارثة، وهي أكبر من الكارثة السياسية". ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "التلاميذ وآباءهم وأمهاتهم يدفعون ثمناً غالياً في الوقت الراهن"، مشيراً إلى أنّ "الموسم الدراسي في السودان لم يمرّ بمثل هذه الأزمة قطّ حتى في أيام كارثة السيول والفيضانات التي عرفتها البلاد في عام 1988. حينها لم تغلق المدارس أبوابها إلا لمدّة أسبوع واحد فقط، أمّا الآن فهي مغلقة منذ أكثر من أسبوعَين". وحذّر الخليفة من أنّ "كل ذلك سوف يؤثّر سلباً على التحصيل الأكاديمي وعلى نسب النجاح، خصوصاً في امتحانات شهادتَي الأساس والثانوي". ويلفت إلى أنّه "في حال استئناف العملية التعليمية، فإنّ المدرّسين سوف يستكملون المقررات الدراسية بسرعة كبيرة، الأمر الذي قد يحول دون تركيز التلاميذ أو استيعابهم الدروس"، مضيفاً أنّ "المدرّسين أنفسهم يعملون في أكثر من مدرسة في محاولة للتعويض عن ضعف الراتب الذي يتقاضونه من الدولة". ويقترح الخليفة "عدم إنهاء العام الدراسي في فبراير/ شباط المقبل بحسب ما هو مقرّر"، مطالباً بتمديد حتى مايو/ أيار أو يونيو/ حزيران لتعويض التلاميذ عمّا فاتهم".



تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة التربية والتعليم السودانية أعلنت الأربعاء الماضي عن اجتماع يُعقد غداً الأحد بشأن البحث في الجدول الدراسي، إلى جانب تحديد موعد استئناف الدراسة في جوّ آمن. ويدافع وزير الدولة بوزارة التربية والتعليم إبراهيم آدم إبراهيم عن قرار الحكومة بإغلاق المدراس، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أحداث الأيام الماضية في البلاد فرضت ذلك القرار الهادف إلى حماية التلاميذ من الاستغلال السياسي الذي انتهجته بعض الأحزاب السياسية المعارضة". ويؤكد أنّ "وزارة التربية والتعليم تشارك الأسر حرصها على التحصيل الأكاديمي بإتمام المقررات وسوف تتخذ خلال اجتماع الأحد (غداً) ما يكفل ذلك"، رافضاً التكهن بما يمكن أن يخرج به الاجتماع لا سيّما لجهة تمديد السنة الدراسية، وموضحاً أنّ "قرار الوزارة غداً سوف يتّخذ بعد دراسة الأوضاع الراهنة".

المساهمون