شبح "السنة البيضاء" يهدد معاهد وكليات تونس

شبح "السنة البيضاء" يهدد معاهد وكليات تونس

29 يناير 2019
التلاميذ ضحية استمرار النزاعات (Getty)
+ الخط -


يستمر التوتر والاحتقان في قطاعات التعليم بتونس، وسط مخاوف من "سنة بيضاء"، خصوصا بعد إصرار نقابة التعليم الثانوي واتحاد الأساتذة الجامعيين على عدم إجراء امتحانات المرحلة الثانية من هذا العام.

وبعد فشل جلسة التفاوض التي انتظرها التونسيون، مساء الإثنين، بين وزارة التربية
ونقابة التعليم الثانوي، أكدت الجامعة العامة للتعليم الثانوي، أنّها ماضية في تنفيذ قرارات هياكلها النقابية، ومقاطعة أشكال الامتحانات المتعلقة بالثلاثي الثاني، والاعتصام في مقر وزارة التربية، بالإضافة إلى تنظيم يوم غضب وطني 6 فبراير/شباط المقبل.

واعتبرت الجامعة العامة للتعليم الثانوي في بيان لها إثر فشل جسلة المفاوضات، أنّ سلطة الإشراف "لم يكن همها أبدا التوصل إلى الحلول المنشودة، بل مجرد تمطيط التفاوض ومزيد من تعقيد الوضع القائم".

في المقابل، حمّلت وزارة التربية، الجامعة العامة للتعليم الثانوي "المسؤولية كاملة في تأزيم الوضع وارتهان التلاميذ وعائلاتهم".

وأكدت في بيان لها أنها "لن تبقى مكتوفة الأيدي وستتخذ كل التدابير القانونية والبيداغوجية اللازمة، التي تستوجبها دقة الوضع وحساسيته، حماية لمصلحة التلاميذ والمربيين والعائلات التونسية، ولإبعاد شبح السنة البيضاء الذي تسعى الجامعة لفرضه في تحدّ صارخ ومتهور لجميع الأطراف".

وأكدت الوزارة "تمسكها بالحوار واستعدادها اللامشرط للتفاوض ورفضها للأسلوب غير المسؤول وغير الجدي في التفاوض".

وبخصوص جلسة التفاوض التي دعت إليها الجامعة العامة للتعليم الثانوي، لاحظت وزارة التربية "أن الأمل كان يحدو الجميع للتوصل إلى اتفاقات حول المسائل المطروحة"، مبينة أنها تولت التنسيق مع رئاسة الحكومة، وأبدت استعدادها لتطوير مقترحاتها السابقة، وتقديم 7 مقترحات أخرى، تتمثل في مضاعفة منحة العودة الجامعية ومنح الامتحانات المدرسية، مراقبة وإصلاح وتنظير المديرين في مستوى المنحة الوظيفية، وتمتيع الأساتذة المنتدبين سنة 2015 بترقية استثنائية.

ومن المقترحات أيضاً، تجميع منحة العمل الدوري ومنحة المؤسسات ذات الأولوية في منحة مشتركة وتطويرها، وإحداث الترقية بالبحث، ودعم المؤسسات التربوية التي تعاني صعوبات مالية، ووضع آلية لتكليف المدرسين الذين لا تتوفر فيهم شروط الأقدمية بعمل تربوي أو تكويني أو بيداغوجي.

من جهة أخرى، أوضحت وزارة التربية أنها فوجئت خلال جلسة التفاوض التي أشرف عليها الوزير حاتم بن سالم، "برفض الطرف الاجتماعي الاستماع إلى مقترحات الوزارة، كما فوجئت برفضه الحوار ومناقشة أي مقترح وتمسكه بحصر الجلسة التفاوضية في ثلاث نقاط من اللائحة المهنية من جملة تسع نقاط مطروحة، مع محاولة " فرض إملاءات، بعيدا عن منطق التفاوض الطبيعي ".

وأشارت في بيانها إلى أن الوفد النقابي انسحب من جلسة التفاوض دون مبرر، كما تمت محاولة اقتحام مكتب الوزير عنوة قبل انطلاق الجلسة في "محاولة يائسة ومتعمدة للاستفزاز والمساس بهيبة الدولة ورموزها، والحيلولة دون انطلاق مسار التفاوض".

واعتبر وزير التربية حاتم بن سالم أنه "لا يوجد أي طرف يمكنه أن يتفاوض مع نقابة التعليم الثانوي".

وقال بن سالم في تصريح صحافي، إثر فشل جلسة التفاوض مع وفد نقابة التعليم الثانوي، "اليوم لا أحد يمكنه التفاوض مع نقابة الثانوي، لا الوزير الذي يقف أمامكم ولا رئيس الحكومة ولا الاتحاد العام التونسي للشغل ولا بيل غيتس".

وطالب بن سالم "الأساتذة والتلاميذ بالعودة إلى المؤسسات التربوية والنقابة بالعودة إلى المعقول واحترام مشاعر الشعب التونسي"

إزاء هذه التطورات، قرّرت  تنسيقية "أولياء غاضبون" تنظيم مسيرة احتجاجية في 2 فبراير/شباط المقبل، تنطلق من أمام المسرح البلدي نحو مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، وعبرت "الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ" عن رفضها لتواصل العبث بمعنويات التلاميذ وابتزاز حقوقهم والإضرار بمصالحهم والتضحية بمستقبلهم لغايات مادية بالأساس.

وجددت في بيان، دعوتها إلى الدولة للتعامل مع الملف باعتباره أزمة وطنية ذات أولوية قصوى، واتخاذ ما يتطلبه الوضع من قرارات سياسية استثنائية وإجراءات قانونية وتنظيمية عاجلة عبر إعادة السير العادي للدروس، والتعهد بإبعاد التلاميذ عن كل التجاذبات المستقبلية والانطلاق في إصلاح فعلي ومسؤول للمدرسة التونسية.

من جهته، قرر اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين "إجابة" الامتناع عن تسليم مواضيع الامتحانات للسداسي الثاني بالنسبة لفروض المراقبة وامتحانات نهاية السنة في دورة يونيو/ حزيران 2019.

ودعا الاتحاد في بيان له، إثر انعقاد مجلسه الوطني للإنابات، أول من أمس الأحد، إلى الامتناع عن إدراج أسماء الجامعات التي ينتمون إليها في كل المنشورات العلمية والملتقيات وأشغال البحث، وذلك حتى يتم تثمين مجهودات الجامعيين الباحثين ورد الاعتبار لهم والاعتراف بما يقدمونه لتحسين ترتيب المؤسسات الجامعية التونسية.

كما جدد المطالبة بما سمّاه بـ "العدالة في التأجير" داعيا إلى فتح مناظرات الانتداب للدكاترة المعطّلين عن العمل في كل الاختصاصات، حسب احتياجات المؤسسات الجامعية.


وحذّر الاتحاد، الوزير ورؤساء الجامعات، من اتّخاذ أيّ إجراء تعسّفي تجاه الجامعيين المضربين مهما كان شكله وحمّلهم مسؤولية التبعات الوخيمة التي ستنجرّ عن ذلك، مؤكدا لهم
أنه على أهبة الاستعداد للتصدّي بكلّ قوّة لممارساتهم القمعية، ومذكرا إياهم أنّ المسّ بأجور
المضربين يعني نسيان مواضيع الامتحانات نهائيا وإلى الأبد وما يمكن أن ينجرّ عنه من سنة بيضاء يتحمّلون المسؤولية كاملة فيها.

المساهمون