الحاجّة آمنة... لاجئة فلسطينية سبعينية تسعى وراء لقمة عيشها

الحاجّة آمنة... لاجئة فلسطينية سبعينية تسعى وراء لقمة عيشها

19 يناير 2019
في دكانها المتواضع (العربي الجديد)
+ الخط -

منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والحاجّة آمنة تسترزق من دكّانها المتواضع، في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوب لبنان.

في حيّ الطوارئ يقع الدكان الذي يحتوي على بعض السكاكر ورقائق البطاطا الرخيصة الثمن. جدران الدكان ليست أكثر من مجموعة حجارة مرصوصة بعضها فوق بعض، تغطيها ألواح "الزينكو" المعدنية، التي تآكلت عبر الزمن، وأصابتها رصاصات عديدة في أيام المعارك التي كانت تحصل في المنطقة. المياه لا تفارق الأرض شتاءً، لكنّ الحاجّة آمنة تحاربها بغطاء من القماش تضعه فوق البضاعة.

ليس للحاجّة آمنة معيل. تعيش وحيدة في بيتها المكوّن من غرفتين. لديها ابن وثلاث بنات، لكنّ البنات تزوجن وكلّ واحدة منهن تعيش مع أولادها وزوجها. أما ابنها فلا يتمكن من إعالتها بسبب خسارته عمله في حادث أصابه، إذ كانت إجازته المرضية أسبوعاً واحداً، وبالرغم من ذلك استغنى عنه صاحب الورشة. يعمل الآن سائق سيارة أجرة، وبالكاد يستطيع تحصيل رزق أولاده الخمسة وزوجته.

أصول الحاجّة آمنة محمد صالح علي، تعود إلى بلدة الزيب الساحلية في عكا، شمال فلسطين المحتلة. هجّرت مع أهلها إلى لبنان عام 1948، وكانت ابنة ست سنوات. منذ صغرها تعمل في بيت أهلها أو في بيت زوجها.

بعد وفاة زوجها، بنت الدكان على أرض عمومية، بحجارة استدانت ثمنها من زوج شقيقتها، لإعالة أطفالها بما تيسر. واليوم باتت مسؤولة عن تأمين لقمة عيشها فقط: "دخلي هو ما بين عشرة آلاف ليرة لبنانية (6.67 دولارات أميركية) وخمسة عشر ألفاً (10 دولارات)، أوزعها ما بين ثمن البضاعة وطعامي. الدكان قريب من مدرسة للأونروا، لكنّ التلاميذ ممنوعون من الشراء من الدكان خلال الدوام. عندما يخرجون يشتري بعضهم منّي". ودكان الحاجّة آمنة مميز، ليس فقط لأنّه متواضع، ودخله اليومي ضئيل جداً، بل لأنّ أغلى صنف لديها لا يتجاوز سعره 250 ليرة لبنانية (أصغر قطعة نقدية لبنانية عاملة حالياً، وهي معدنية تعادل سدس دولار).




تحمل الحاجّة آمنة أمنيات عديدة، وليس الأمر مرتبطاً بشؤون شخصية، بل أن يكون النصر حليف المقاومة في فلسطين المحتلة دائماً، وهي التي يئست من "أدعياء المقاومة" من بين الفصائل الفلسطينية في لبنان، بحسب وصفها. العودة إلى فلسطين أمنيتها الكبرى، لكنّ الروح هي التي ستقرر، كما تقول، وإلّا فستموت هنا في بلد اللجوء لبنان، كما سبقها كثيرون، وماتوا بعيداً من فلسطين. وهكذا تترك للقدر أن يتحكم بتلك العودة، كما تترك له أن يقرر رزقها اليومي الضئيل.

المساهمون