إضراب في القطاع الخاص الفلسطيني رفضاً لقانون الضمان الاجتماعي

العمال والموظفون الفلسطينيون يصعّدون ضد قانون الضمان: "لن يمر"

رام الله

محمود السعدي

محمود السعدي
رام الله

نائلة خليل

نائلة خليل
15 يناير 2019
+ الخط -
التزم الموظفون والعمال في القطاع الخاص الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، بدعوة الحراك العمالي الفلسطيني الموحد لإسقاط قانون الضمان الاجتماعي، من خلال الإضراب عن العمل تزامناً مع إعلان الحكومة بدء إنفاذ القانون الذي واكبته احتجاجات عمالية واسعة في مختلف محافظات الضفة الغربية، رفضا له ومطالبة بإسقاطه.

وقبيل احتشاد العمال والموظفين أمام مقر مؤسسة الضمان، أقامت الأجهزة الأمنية الفلسطينية حواجز عسكرية وانتشرت في الطرق المؤدية إليها، تحسبا لمنع وصول المتظاهرين أمام مقر المؤسسة مباشرة، وحددوا مكاناً لهم.

وهتف المتظاهرون ضد قانون الضمان الاجتماعي، وأكدوا رفضهم إياه، وطالبوا بإسقاطه، فيما رفعوا لافتات تطالب بإلغاء القانون ورايات وشارات زرقاء للدلالة على استمرارية الحراك المطالب بإسقاطه.

وأطلق المتظاهرون الأبواق وطرقوا على الأواني، للتعبير عن رفضهم للقانون، وهتفوا "حرامية حرامية"، و"الشعب يريد إسقاط الضمان"، و"يا حمد الله ويا عباس طلو طلو شوفوا الناس".

بدوره أكد الناطق باسم الحراك، خالد دويكات، لـ"العربي الجديد" الالتزام من قبل مئات الشركات والمؤسسات بالإضراب الجزئي والكامل استجابة لدعوة الحراك.

وقال لـ "العربي الجديد": "الأصل أن تضع الحكومة الخطة لإيقاف القانون، لأن الشعب لن يصمت، وحتى لو تم تطبيق القانون، فإن الحراك لن يستكين. وهناك خطط تصعيدية قادمة وسنبقى لآخر نفس من أجل إسقاطه".

العمال والموظفون الذين التزموا بقرار الحراك الإضراب عن العمل، احتشدوا أمام مؤسسة الضمان، تأكيدا لرفضهم القانون، إذ توضح هبة بدران لـ"العربي الجديد"، والتي تعمل مسؤولة أبحاث ودراسات في إحدى الشركات الخاصة، قائلة: "جئنا اليوم، أمام مقر مؤسسة الضمان من أجل إسماع صوتنا ومواصلة تصعيدنا، فالقانون يجب أن لا يمر لأنه غير عادل، وحتى لو قامت الحكومة بتعديله طالما الشعب يرفضه لا يمكن أن ينفذ".

رفض قانون الضمان الاجتماعي (العربي الجديد)

في حين، يؤكد هاني دغمش لـ"العربي الجديد"، وهو موظف في أحد البنوك برام الله، أنه أضرب إضرابا جزئيا رفضا للقانون، وجاء ليشارك الحراك في فعاليته أمام مؤسسة الضمان، من أجل "القضاء على القانون وعدم مروره وإنفاذه".

ويرى المدرس في إحدى المدارس الخاصة وفي شركة خاصة بعد انتهاء دوامه في التدريس، أحمد نافع، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "إذا كانت الحكومة معجبة بالقانون، فلتطبقْه على موظفيها في القطاع الحكومي ولتُلغِ قانون التقاعد، لا نريد أن يمر القانون وينفذ، فقد جاء ليسرق أموالنا وليس لدعمنا، نحن الشعب ونحن من سيطبق عليه القانون، لا نريده ويجب أن يتم إلغاؤه".

بينما تؤكد أسماء عودة المعلمة في إحدى المدارس الخاصة برام الله، لـ"العربي الجديد"، أنها جاءت لتشارك في الاعتصام أمام مؤسسة الضمان، بعد التزامها بالإضراب عن العمل، لأنها من المتضررين من قانون الضمان الاجتماعي الذي تحاول الحكومة الفلسطينية  فرضه، وتقول: "أنا مستمرة بمشاركتي في فعاليات إسقاط قانون الضمان، لا يوجد شيء اسمه تطبيق بالقوة، نحن الشعب والقوة والدستور، ولا نريد تعديلا ولا تأجيلا، بل نريد إلغاءً".

لا مجال لتعديله أو تأجيله (العربي الجديد) 

ويؤكد عزت سمارة وهو محاسب في شركة خاصة برام الله، لـ"العربي الجديد": أنه "جاء ليشارك في فعالية رفض القانون أمام مؤسسة الضمان، من أجل إيصال رسالة للحكومة والرئاسة الفلسطينية بأن لقمة العيش ليست لعبة بيد أي إنسان".

ويشدد سمارة على أن الهدف من مشاركته ليس تعديل القانون أو تأجيله، بل إلغاؤه؛ "لا يمكن أن يطبق القانون في ظل وجود الاحتلال الذي يقتحم مدننا وخاصة رام الله بشكل يومي، علاوة على أنه لا يوجد ضامن من أن تقوم إسرائيل بخصم أموال العمال في حال حدوث أية مشاكل بينها وبين السلطة، وفعلت ذلك حينما كانت تخصم أموال المقاصة".

وكان الناطق الرسمي باسم الحراك العمالي الفلسطيني الموحد لإسقاط قانون الضمان، عامر حمدان، أكد لـ"العربي الجديد"، التزام نحو 400 شركة ومؤسسة تجارية بينها بنوك وشركات تأمين، ومستشفيات خاصة، ومصانع صغيرة، بالإضراب عن العمل، لكن بعض البنوك سيكون إضرابها جزئيا". ولفت إلى أن الإضراب للمحال التجارية هو اختياري، وتمت دعوة أصحاب المحال التجارية لذلك، "ونأمل أن يشاركوا في أي فعاليات أخرى خلال الفترة المقبلة.


وأكد حمدان أن الحراك تمكن من حشد كل هذه الشركات والمؤسسات للمشاركة في الإضراب، رغم محاولة جهات حكومية التشويش على الإضراب، والضغط على بعض الشركات والمؤسسات والمواصلات العامة لعدم المشاركة.

وأشار إلى وجود دعوات أخرى من جهات لم يسمها، هدفها بث الإشاعات بعدم وجود إضراب، عبر بيانات مزورة، مشيرا إلى اعتراض البعض، وقولهم إنه لا يجوز الإعلان عن الإضراب إلا من خلال لجنة التنسيق الفصائلي، رغم أن الإعلان جاء وفقا للقانون الفلسطيني الذي يشرع ذلك.

وأعلن المتحدث عن تنفيذ اعتصام ظهر اليوم أمام مؤسسة الضمان الاجتماعي في رام الله، يشارك فيه عدد كبير من العمال والموظفين في القطاع الخاص، من كافة محافظات الضفة الغربية، حيث تم إشعار الأجهزة الأمنية بذلك وفقا للقانون، فيما شدد على أن فعاليات الحراك سلمية ضمن القانون.

وفي مدينة الخليل، اضطر الحراك إلى إلغاء اعتصام وسط المدينة كان مقررة إقامته ظهر اليوم، رفضا لقانون الضمان، بسبب عدم استكمال الإجراءات القانونية لإقامته، وإبلاغ الأمن الفلسطيني للحراك أن إقامة الاعتصام اليوم، من الممكن أن تسبب مشاكل، وطلبوا منهم تأجيله إلى وقت لاحق، وفق تأكيد الناطق باسم الحراك في جنوب الضفة، صهيب زاهدة لـ"العربي الجديد".

طالبوا بإسقاط قانون الضمان الاجتماعي (العربي الجديد)

وقال زاهدة إن مدينة الخليل التزمت اليوم، بالإضراب الذي أعلن عنه الحراك، بالتزامن مع موعد إنفاذ القانون الذي حددته الحكومة، حيث تشارك في الإضراب شركات ومؤسسات.

خطوات تصعيدية (العربي الجديد)

إلى ذلك، أعلنت نقابة المحامين الفلسطينيين في بيان صادر عنها، أمس الإثنين، عن تعليق العمل طيلة اليوم الثلاثاء، أمام كافة المحاكم النظامية والعسكرية والشرعية وأمام النيابات المدنية والعسكرية، على أن تُستثنى من ذلك طلبات إخلاء السبيل والطلبات المستعجلة والسندات العدلية، وذلك انسجاما مع موقف النقابات المهنية والقطاعية في فلسطين لإتاحة الفرصة أمام المحامين للمشاركة في الفعاليات الاحتجاجية والرافضة لقانون الضمان الاجتماعي.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، قال في تصريحات صحافية، إن "البعض يريد إلغاء القانون نهائيًا، وهذا ليس من حقهم، فحقوق مليون ومائة ألف عامل، يحافظ عليها القانون ولا تقرر عنهم مجموعة، خرجت لأسباب مختلفة". مؤكدا أنه سيكون شخصيا إلى جانب العامل في أي تعديلات سيتم التوافق عليها وبحثها.

وقال الحمد الله: "لا أخفي سرًا عندما أقول نعم كانت هناك بعض المشاكل سواء في مجلس الإدارة أو في الإدارة التنفيذية، فالقانون فكرة تكافلية، وكان يجب أن نشاهد في الأعوام التي مضت تظاهرات، تطالب بإقرار قانون للضمان".

وأضاف: "لن أرتكب جُرم إلغاء القانون، أما تعديل صيغته فأمر حق وواجب، ولدينا أمثلة كثيرة لقوانين قمنا بتعديلها مرة ومرات لنصل إلى صيغة يتوافق عليها الجميع، فالهدف الأساسي من أي قانون هو تنظيم العمل الداخلي من جهة، وضمان حق المواطنين كأساس لأي عمل نقوم به".

وشهدت محافظات الضفة الغربية احتجاجات رافضة لقانون الضمان الاجتماعي والمطالبة بإلغائه، فيما شهد القانون احتجاجات من قبل مؤسسات المجتمع المدني متهمة وزير العمل الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمان مأمون أبو شهلا، بالتفرد بإدارة المؤسسة والخلط بين عمله وزيراً ورئيساً لمؤسسة الضمان، فيما استقال وعلق خمسة من أعضاء المؤسسة عضويتهم في مجلس إدارة المؤسسة، احتجاجا على عدم الأخذ بتعديلاتهم التي يطالبون بها، واحتجاجا على تخوفهم من سيطرة الحكومة الفلسطينية على مؤسسة الضمان.



الاحتجاجات على قانون الضمان دفعت "التجمع الديمقراطي الفلسطيني"، إلى المطالبة في بيان له، بوقف العمل بقانون الضمان الاجتماعي الحالي حتى يتم تشكيل فريق وطني تتمثل فيه الأطراف المعنية كافة، برئاسة شخصية مستقلة تحظى بتوافق الجميع، من أجل تطوير قانون جديد يشمل كل التعديلات الضرورية من حيث مضمون القانون وبنيان المؤسسة التي ستديره، ويستجيب للمطالب المشروعة لمختلف فئات العاملين، ويوفر الضمانات لاستقلالية مؤسسة الضمان وحسن إدارتها، وفق مبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية وتأمين الرقابة الشعبية على عملها.

ذات صلة

الصورة
	 في طوكيو: "أوقفوا العدوان على غزة" (ديفيد موروي/ الأناضول)

منوعات

"وحيدا وبصمت"، هكذا يصف الياباني فوروساوا يوسوكي احتجاجه المتواصل على العدوان الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الصورة
محمود عباس يكلف محمد مصطفى بتشكيل الحكومة

سياسة

كلف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مساء اليوم الخميس، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى بتشكيل الحكومة التاسعة عشرة
الصورة

مجتمع

تلقى النائب العام المصري محمد شوقي عياد، اليوم الأربعاء، نحو 30 بلاغاً من أسر شباب معتقلين يفيد باختفاء أبنائهم قسرياً عقب القبض عليهم بالتظاهرات التي اندلعت الجمعة الماضي دعماً لقضية فلسطين ونصرة قطاع غزة في مواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي الممنهج
الصورة
احتجاجات السويداء 2 (العربي الجديد

سياسة

تبدو احتجاجات السويداء تحدياً غير مسبوق للنظام السوري، ذلك أن معارضة الأقلية الدرزية تمثّل انقلاباً على تكتيكات النظام الذي حمل خطاب "تخويف" موجّه للأقليات مفاده: أن "خطراً وجودياً قد يحدق بها في حال خسر النظام السلطة".