فرنسا تعترف بجزائريين حاربوا في جيشها خلال الاحتلال

فرنسا تعترف بجزائريين حاربوا في جيشها خلال فترة الاحتلال

25 سبتمبر 2018
حارب "الحركيون" إلى جانب الاستعمار الفرنسي(فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت الحكومة الفرنسية، في احتفال بمناسبة اليوم الوطني لتكريم الجزائريين الذين حاربوا في صفوف جيشها ضد الثورة الجزائرية، والذين يعرفون بـ"الحَركيين"، عن إجراءات من شأنها تخفيف إحساسهم بالخذلان والتخلي طيلة السنوات الماضية.

وحددت الحكومة الفرنسية يوم 25 سبتمبر/أيلول من كل سنة، يوما للحركيين، ووعدت سكرتيرة الدولة المنتَدَبة لدى وزارة الجيوش، جينفييف داريوسيك، بتقديم مبلغ 40 مليون يورو خلال أربع سنوات لجبر الضرر الذي لحق بهم، على أن يبدأ ذلك في اليوم الأول من العام المقبل، كما تقرر تقديم مساعدة بقيمة 400 يورو شهريا لمن تبقى من الجيل الأول، ومساعدة مدى الحياة لأراملهم. 


وحصل الحركيون سنة 1974، على بطاقة محارب، ثم حصلوا سنة 1987، على معاش تقاعدي، وصدور قانونين في 1994 و2005، يعترفان بمعاناتهم، ويقران تقديم إعانات ومساعدات.

واختار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تخصيص شهر ديسمبر/كانون الأول القادم، لتكريم جماعي رسمي، يعلن فيه أخيراً، اعترافَ الأمّة الفرنسية بأكملها بمأساة هؤلاء الجزائريين الذين حاربوا في صفوف الجيش الفرنسي ضد الثورة الجزائرية.

وكرّم ماكرون قبل أقلّ من أسبوع 37 شخصا من الجزائريين (الحركيين)، من الجيل الأول ومن أبنائهم، ومنحوا أوسمة، بين جوقة الشرف والميدالية العسكرية وميدالية الاستحقاق.

وليس غريبا أن يتخذ الأمر طابَعاً انتخابياً، إذ سرعان ما يستغله اليمين المتطرف، الذي كان سبّاقا لمد اليد إليهم، ثم اليمين التقليدي، مما جعل هذه الطائفة تمنح أصواتها لهذين التيّارَين.

وقد اختارت هذه المجموعة الجزائرية، أثناء حرب الاستقلال في الجزائر أن تقف إلى جانب المستعمر الفرنسي، ولمّا قررت فرنسا تحت حكم الجنرال ديغول، وضع حدّ للاستعمار وسحبت جنودها، ظلّ كثر من هؤلاء في الجزائر، فتعرض بعضهم لعمليات تصفية على أيدي جبهة التحرير الوطني الجزائرية، بينما الذين وصلوا إلى فرنسا ظلوا لفترات طويلة يعيشون في غيتوهات تحاصرها أسلاك شائكة.

ويُعتبر الجزائريون الحركيون "خونة، وقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، خلال زيارة له إلى فرنسا، إنهم "فرنسيون".

وقُدِّر عدد أفراد هذه المجموعة بـ60 ألف شخص، ولا يزال أفرادها، خاصة كبار السنّ، يتناقلون الموقف المخزي للجيش الفرنسي الذي لم يتدخل أثناء عمليات الانتقام التي جرت ضدهم، فيما لا تزال الأجيال الأولى والثانية والثالثة مُعلَّقة بفكرة المنفى، وكثيرون منهم لا يستطيعون الحديث عن ماضيهم، عدا بعض النصوص القليلة التي تحاول البحثَ عن علاج بالكلمات.

وظلت هذه الطائفة طويلا تنتظر إشارات اعتراف صريحة من السلطات الفرنسية، على الرغم من بعض المواقف الرسمية التي تسير في هذا الاتجاه، ومن بينها حديث الرئيس الأسبق جاك شيراك، في 2001، والذي اعترف بهم وبفضلهم على فرنسا، وأنهم "لا يجب أن يظلوا ضمن التاريخ المطمور"، مطالبا بالاعتراف بـ"الجرائم المرتكَبة (في حقهم) سنة 1962".
وفي سنة 2012، أعلن الرئيس نيكولا ساركوزي، أن "من واجب فرنسا حماية الحركيين من التاريخ. وهو ما لم تفعله. وهي تتحمل من الآن فصاعدا هذه المسؤولية أمام التاريخ. وقد أتيتُ لأعترف بهذه المسؤولية".

ولم يكن للرئيس السابق فرانسوا هولاند أن يشذّ عن القاعدة، فأعلن يوم 25 سبتمبر/أيلول 2016، عن "اعترافه بتخلي الحكومات الفرنسية عن الحركيين، وعن المجازر التي تعرّض لها من بقي منهم في الجزائر، وعن ظروف الاستقبال غير الإنسانية التي عاشتها العائلات التي نُقِلَت إلى معسكرات في فرنسا".