قلق اليوم الأوّل

قلق اليوم الأوّل

18 سبتمبر 2018
ثمّة ما هو غير معلن... (ألكسندرا بيير/ Getty)
+ الخط -


الحقيبة جاهزة، جديدةً كانت أم سبق واستُخدمت في خلال العام الدراسيّ السابق. الأمر كذلك بالنسبة إلى مطرة المياه، تلك التي تأتي متناسقة مع الحقيبة في معظم الأحيان. الزيّ المدرسيّ - في حال توفّر - والكتب - في حال كانت المرحلة تستوجب ذلك - والقرطاسيّة، كلّها صارت مهيّأة للعودة المنتظرة إلى المدرسة أو للدخول الأوّل إلى تلك المساحة التربويّة. وتبدو الحماسة جليّة على التلاميذ - بمعظمهم - قبيل اليوم الأوّل، غير أنّ ثمّة ما هو غير معلن.

الأمر لا يرتبط فقط بالتلاميذ الذين لم يلتحقوا بمدارسهم بعد، إنّما كذلك بأولئك الذين انطلقوا قبل أيّام في عامهم الدراسيّ. قبيل العام الجديد، كثر هم الأطفال الذين يحاولون ستر ذلك الشعور بالقلق. لا مفرّ من القلق، لا سيّما وأنّ ذلك العام يُعَدّ عاملاً مسبّباً للضغط النفسيّ. وهو يُعَدّ حدثاً من شأنه أن يدخل تبديلاً على توازن كلّ واحد، الأمر الذي يحتّم على التلاميذ تكيّفاً معيّناً مع المستجدّ.

ليس التلاميذ وحدهم المعنيّين بذلك "الحدث". قلقهم يعكس قلق أهاليهم. "هل يتمكّن ابننا من التأقلم"؟ "هل نستطيع الوثوق بالهيئة التعليميّة"؟ اثنان من بين تساؤلات عدّة قد ترهق الوالدَين من دون شكّ. بالنسبة إلى فابيين كاتاروسي المتخصّصة الفرنسيّة في علم النفس، لا سيّما العائليّ، فإنّ إدراك ذلك القلق يسمح بإبعاده عن الصغار وبالتالي طمأنتهم. وتشرح كاتاروسي أنّ ذلك يطاول خصوصاً أولئك الذين يدخلون إلى المدرسة للمرّة الأولى في حياتهم، خصوصاً في حال لم يسبق لهم أن التحقوا بحضانة. هم لم يخبروا قطّ محيطاً مشابهاً ولا انفصالاً عن عائلاتهم، بالتالي فإنّ قلق الانفصال حتميّ هنا. تجدر الإشارة إلى أنّه وفي أحيان عدّة، تُسجَّل لديهم اضطرابات مرتبطة بالقلق من قبيل التوتّر والأرق وغيرهما.



ذلك القلق لا يقتصر على الأطفال الذين يعيشون تجربتهم الأولى. الصغار الذين ينتقلون من مرحلة إلى أخرى، يشعرون بقلق مشابه. وتشرح كاتاروسي في دليل وضعته في هذا السياق، أنّ التعلّم هو المصدر الرئيسيّ لقلقهم. هؤلاء التلاميذ بالنسبة إليها، قد يخشون من أن يكونوا دون المستوى المطلوب، خصوصاً في حال تردّدت على مسامعهم عبارات من قبيل: "في هذه المرحلة، تصير الأمور أكثر جديّة". ويبدو أهاليهم صارمين، فتزداد حدّة قلقهم.

في أحيان كثيرة، ينجح الأطفال في ستر قلقهم، أمّا نحن فنقف عاجزين عن ذلك. لا بدّ لنا أن نروّض أنفسنا، ونسلّم بأنّ هذا القلق أمر طبيعيّ ونذكّر أنفسنا بأنّنا سبق وخبرناه في الأعوام السابقة. أولادنا لن يتحرّروا من قلقهم طالما أنّهم يلمسونه في دواخلنا. كلّ فعل نأتي به قد يفضحنا أمامهم.

المساهمون