شغف الحياكة من جيل إلى جيل في أم الفحم

شغف الحياكة من جيل إلى جيل في أم الفحم

أم الفحم

ناهد درباس

ناهد درباس
15 سبتمبر 2018
+ الخط -


في حارة الجبارين بمدينة أم الفحم في فلسطين المحتلة، يوجد متجر للصوف والخيطان، وهو في الوقت نفسه مكان تنظم فيه ورش لتعليم الحياكة بالصنارة والصنارتين وبالنول إضافة إلى الرسم.

تنظم سناء جبارين ابنة أمّ الفحم، وهي معلمة فنون وأم لأربعة أبناء، ورش عمل للنساء تعلمهن الحياكة بشتى أنواعها ومنها النول، وأخرى لجيل اليافعين.

ورثت جبارين البالغة 51 عاماً مهارة الحياكة من والدتها وجدتها. لديها شغف كبير بفنون الحياكة التي تمارسها ساعتين على الأقل يومياً صباحاً أو مساءً، وتملأ أوقات الفراغ.

تقول لـ"العربي الجديد": "كنت صغيرة في الصف الثالث عندما تعلمت الحياكة، وأذكر أن أول قطعة حكتها كانت لفحة (شال) لونها بنفسجي فاتح، وكانت جميلة. في الماضي لم تكن لوازم الحياكة متوفرة باستثناء خيوط الصوف، إذ كان لدينا متجر للصوف في البلد، ولكي أحلّ مشكلة صنانير الحياكة حينها، قصدت متجراً يبيع لوازم البناء واشتريت منه مسمارين كبيرين، واستخدمتهما عوضاً عن الصنارتين".

وتضيف: "تعلمت حياكة الكروشيه بصنارة واحدة من والدتي أيضاً، وما زلت أطور مهاراتي فيها دوماً، وكلما رأيت قطبة (غرزة) جديدة أتعلمها وأنفذها"، مشيرة كذلك إلى أن "الحياكة بالصنارتين (التريكو) تلاقي إقبالاً هذه الأيام، إما لحياكة الكنزات وإما لحياكة قطع مربعة أو مستطيلة لصناعة أغطية أو مفارش، ويمكن أحياناً استخدام الخيطان القديمة لهذا الغرض".

وعن دورات التعليم توضح سناء: "أعلّم حياكة التريكو بالصنارتين، وحياكة الكروشيه بصنارة واحدة، ومن ترغب من الصبايا تعلم الحياكة على النول أعلمها".

وتشير إلى أن "فكرة النول قديمة جدا، وكان العرب البدو والفلسطينيون يحوكون على النول الخيم والسجاد والأغطية، يأخذون الصوف من الخراف، وكانت منسوجاتهم جميلة لكنها للأسف أصبحت شبه منسية اليوم"، مبينةً أن تعليم استخدام النول، يقتصر على قطع من المنسوجات الصغيرة الحجم، تحوي رسوماً لأشكال وشخصيات تُعلق على الجدران، ونستخدم فيها جميع أنواع الخيوط".

إحدى المشاركات في دورة الحياكة، تدعى رغد جبارين (16 عاماً)، تقول: "تعلمت عند المعلمة سناء دورة حياكة ودورة على النول، وأحببت النول أكثر، إنها مهارة سهلة مسلية وتملأ أوقات فراغي، يمكن للكبار تعلمها وكذلك الصغار، وفي وقت قصير يمكن إتقانها". وتضيف: "انشغالي بالحياكة أفضل من تمضية وقتي أتابع هاتفي الجوال".

أما روان جبارين، المشاركة أيضاً في ورشة الحياكة، فتقول: "أنا فنانة تشكيلية ومعلمة فنون، صحيح أن الفن التشكيلي بعيد عن أعمال النسيج والحياكة ولكن الفن لا حدود له، نستعمل مختلف أنواع المواد للتعبير لذلك أنا أحب استعمال القطع المحوكة والمنسوجة".

وتتابع: "شعرت بأن فن الحياكة يمنحنا الراحة، اليوم يبحث الناس عن الراحة عبر تعلم اليوغا وممارستها، لكن قديماً كانت جداتنا تصل إلى التأمل الذاتي عبر الحياكة التي تساعد الإنسان على العودة إلى ذاته والتصالح معها".

وترى أن "الحياكة هي الفن الذي عبرت من خلاله الجدات عن إبداعهن، والذي وفّر لهن الراحة في الوقت نفسه، إذ لم تتوفر لهن مستلزمات أخرى للتعبير مثل اليوم"، معتبرةً أنه "يجب أن يكون هدفنا إنتاجاً جديداً كل يوم".


أما المشاركة إيمان اغبارية، فتروي: "بدأت أولى دوراتي في الحياكة في الشتاء الماضي، استعدت أساسيات الحياكة التي تعلمتها في طفولتي قبل عشرين عاماً، كنت يومها في الصف الخامس الابتدائي وكان لدينا في المنهج حصة للأشغال اليدوية".

وتضيف: "أنجزت وقتها لفحة وكنزة، كنت أبدأها وكانت أمي تكملها حتى النهاية، لأنني كنت أجد صعوبة في حفر الأكمام. وفي الشتاء الماضي علمت بوجود دورة لتعليم الحياكة هنا فشاركت فيها، والآن أنا أحوك كنزة لابني. بصراحة أحببت أن أشارك لأن معظم وقتي أقضيه في العمل وفي البيت مع الأولاد، والحياكة كسرت روتين أيامي". 

دلالات

ذات صلة

الصورة
تلاميذ في مدرسة في تونس (Getty)

مجتمع

طالبت جمعيات تونسية باتّخاذ إجراءات للحدّ من العقوبات السجنية في إطار الحدّ من "العودة إلى الجريمة"، وتوجيه كلفة تنفيذ العقوبات السالبة للحرية نحو الاستثمار الدراسي وتدريب المنقطعين عن التعليم.
الصورة
منتدى المدرسة والتحوّلات من تنظيم المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسة في تونس (العربي الجديد)

مجتمع

في إطار "منتدى المدرسة والتحوّلات" الذي ينظّمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، ناقش باحثون مختصون في المجال التربوي، اليوم الجمعة، تفوّق الفتيات على الفتيان في مجال الدراسة.
الصورة
أستاذ عراقي يتواصل مع تلاميذه في الجزائر بعد 42 عاما (فيسبوك)

مجتمع

غادر أستاذ العلوم الطبيعية وعلم الأحياء، بهجت محمد أمين، مدينة ورقلة جنوبيّ الجزائر عام 1980، وكان قد قضى فيها أربع سنوات مدرساً في الثانوية الوحيدة في ورقلة في تلك الفترة، التي وصل إليها عام 1976، مبتعثاً من قبل الحكومة العراقية.
الصورة
طلاب كانوا جزءاً من البرامج التعليمية (الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي)

مجتمع

واجهت مدينة طرابلس الفقيرة الواقعة شمال لبنان، أزمات تعليمية تعود إلى ما قبل الأزمة الاقتصادية. من هنا، حرصت الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي "ليزر" على سد بعض هذه الثغرات لتُخرّج مئات الطلاب