فيبروميالجيا

فيبروميالجيا

31 اغسطس 2018
تغرق في انطوائها على ذاتها وتخمد (ماورو بيمنتل/فرانس برس)
+ الخط -

فَيبروميالجيا. مصطلح علميّ، لا شكّ في أنّ كثيرين سوف يستغربونه للوهلة الأولى، لا سيّما وأنّ لفظه لن يكون سلساً. كتابته بالأحرف العربيّة قد تربك قارئه بعض الشيء. هذا من جهة. أمّا من الجهة الأخرى، فإنّ هذا المصطلح ليس متداولاً على نطاق واسع في بلداننا العربيّة، على الرغم من إقرار منظّمة الصحة العالميّة بمتلازمة فَيبروميالجيا قبل ستّة وعشرين عاماً.

تُعرَّف فَيبروميالجيا على أنّها متلازمة تتمثّل بآلام تتفشّى في الجسد كلّه وتترافق مع وهن كبير واضطرابات في النوم، من دون سبب واضح. وتؤكّد مراجع علميّة أنّه وعلى الرغم من الآلام المبرحة والحقيقيّة، لا ينجح الأطبّاء في كشف أيّ إصابة عضويّة أو التهاب يسمحان بتفسير أعراض تلك المتلازمة. وتشدّد تلك المراجع على أنّ تلك الآلام ليست متوهَّمة، لافتة إلى أنّ المتلازمة ما زالت غير معروفة وغير مفهومة كفاية. ذلك الإقرار يُسجَّل في البلدان الأوروبيّة، فكيف في بلداننا نحن!

في عدد من المراجع الطبيّة العربيّة، تُعرَّف فَيبروميالجيا على أنّها متلازمة الألم العضلي الليفيّ. ربّما تكون التسمية العربيّة عويصة أكثر من التسمية الأجنبيّة، لا سيّما الإنكليزيّة المعتمدة. تجدر الإشارة إلى أنّ مجتمعاتنا ما زالت لا تقرّ بالأمراض النفسيّة كحالات صحيّة قائمة بحدّ ذاتها تستلزم العلاج، فكيف تعترف بحالة ما زالت الأوساط العلميّة تشكّك فيها. هذا صحيح. المتلازمة أثارت - وما زالت - إشكاليّة بين أهل الاختصاص، وثمّة أطبّاء يستهجنون حتى ذِكرها.

لطالما صنّف كثيرون المتلازمة وسواساً أو توهّماً مرضيّاً، غير أنّ من يعاني منها ليس "مريض وهمٍ". ولعلّ الأعراض غير المرئيّة من قبل المحيط، تدفع في اتجاه الانطواء على الذات والخمود. وبدورهما، ربّما يؤدّيان إلى الاكتئاب. لا تُحصر الأعراض بذلك فحسب، ويُشار إلى اضطرابات إدراكيّة تطاول الذاكرة والتعلّم وغيرهما. في دراسة كنديّة، توصّل الباحثون إلى أنّ هامش الخطأ في تشخيص هذه المتلازمة يصل إلى ستّين في المائة، وهي نسبة مرتفعة جداً. ولعلّ الأمر منطقيّ في ظلّ إقرار المجتمع الطبيّ بعدم معرفة أصل هذه المتلازمة. لكنّ ثمّة معطيات متوفّرة تدفع إلى خلاصة مفادها أنّ متلازمة فَيبروميالجيا ناجمة، ربّما، عن خلل في الجهاز العصبيّ.




ثمّة إهمال واضح لمتلازمة فَيبروميالجيا، على الصعد كلّها، وهو ما يؤثّر على التشخيص وكذلك على مساعدة المصابين بتلك الأعراض التي تعوّقهم في حياتهم اليوميّة، لا سيّما النساء. ثمانون في المائة من الذين يعانون من هذه المتلازمة من النساء، وهي كذلك نسبة مرتفعة جداً. ويُتّهَم الذين يعانون بأنّهم شكّاؤون متذمّرون، فيحاولون طمس كلّ تعبير يفضح آلامهم. ويغرقون أكثر في انطوائهم على ذواتهم ويخمدون.

دلالات

المساهمون