جرائم الخطف في ليبيا... وجه آخر للفوضى

جرائم الخطف في ليبيا... وجه آخر للفوضى

30 اغسطس 2018
مازالت ليبيا تعاني من فراغ أمني (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
تتواصل جريمة الخطف كظاهرة في ليبيا لأسباب ودوافع متباينة، وكتعبير عن الفوضى الأمنية وغياب الدولة العاجزة عن ضبط أو تحديد المختطفين، أو حتى إحصاء الضحايا، أو الخسائر الناجمة عن الظاهرة.

واختطفت مجموعة مسلحة مطلع الشهر الجاري، رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية التابعة لحكومة الوفاق، داخل مطار معيتيقة لعدة أيام، قبل أن يتم إطلاق سراحه دون بيان أسباب الخطف أو الجهة المسؤولة عنه.

وقبلها بأسبوعين، اختطف التوأم "حسن وحسين" من منطقة العجيلات (70 كلم غرب طرابلس)، قبل أن يعثر على جثتيهما من قبل الأهالي، وفي هذه المرة تمكنت قوة الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق من القبض على الخاطفين، وتبين أن سبب الخطف كان طلب فدية مالية لم تتوفر لدى أهل التوأم.

وفي الأسبوع ذاته، أعلنت جهات أمنية في سبها (جنوب)، عن العثور على جثة الصحافي موسى عبد الكريم، والذي اختطفته مجموعة مسلحة، وكانت على جسده علامات تعذيب، وتعرض لإطلاق رصاص.

وطاولت ظاهرة الاختطاف الأجانب أيضا، ففي مطلع يوليو/تموز الماضي، اختطفت مجموعة مسلحة مجهولة عمالا فيليبينيين وعاملا كوريا من أحد مواقع مشروع النهر الصناعي جنوب البلاد، وأشيع وقتها أن المسلحين من أنصار القذافي، وأنهم يطالبون بإطلاق سراح قادتهم المعتقلين في طرابلس، مقابل إطلاق سراح العمال الذين ظهروا في فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يطلبون من سلطات بلادهم التدخل لإطلاق سراحهم، دون أن يظهر خاطفوهم في الفيديو.

وفي منتصف إبريل/نيسان الماضي، تمكنت حكومة الوفاق من تحرير أربعة مهندسين أتراك، كانوا يعملون ضمن مشروع لصيانة وتطوير محطة كهرباء بمنطقة أوباري، قبل أن تخطفهم مليشيات مسلحة.

وفي تقاريرها المتوالية، أشارت منظمة العفو الدولية إلى تنامي ظاهرة الاختطاف في ليبيا، موضحة أن من بين المختطفين نشطاء سياسيين، ومحامين، ونشطاء حقوقيين، وأن مليشيات تابعة للسلطات في البلاد "نفذت عمليات اختطاف بهدف الحصول على فدية من أسر المختطفين، أو استخدامهم في التفاوض على تبادل محتجزين، أو لإسكات الانتقادات".

وأكد جهاز البحث الجنائي التابع لحكومة الوفاق الوطني خطف 676 شخصاً في طرابلس وضواحيها خلال عام 2017، وكشف تقرير الجهاز، المنشور نهاية فبراير/شباط الماضي، أنه جرى تحرير 100 مختطف، وأن 74 قتلوا على أيدي خاطفيهم، ولا يزال مصير باقي المختطفين مجهولاً.

وتقول وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، إن مراكز الشرطة سجلت 1400 بلاغ بجرائم خطف وسطو وقتل بين 15 ديسمبر/كانون الأول 2016، و31 يناير/كانون الثاني 2017، بينها 293 جريمة خطف تعرض لها رجال، و11 جريمة خطف سيدات متزوجات، و21 جريمة خطف فتيات.

وتعتبر عملية اختطاف رئيس الوزراء الليبي، علي زيدان، على يد مسلحين في أكتوبر/تشرين الأول 2013، من أشهر عمليات الخطف في البلاد، لكن الجريمة التي لقيت اهتماما واسعا محليا ودوليا، كانت قضية "أطفال الشرشاري" الثلاثة، الذين اختطفوا على يد مليشيات مسلحة في منطقة صرمان، غرب طرابلس، في ديسمبر/كانون الأول 2015، وطلب خاطفوهم فدية مالية، لكن أخبارهم غيبت تماما، حتى صدور إعلان مفاجئ في السابع من إبريل الماضي من قبل قوة الردع الخاصة، كشفت فيه عن تمكنها من القبض على الخاطف، وعثورها على رفات الأطفال الثلاثة، والذين قام الخاطف بحبسهم في دهليز تحت الأرض وتركهم ليموتوا جوعا وعطشا.


وقال مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة، إن "ظاهرة الخطف في البلاد في تراجع كبير بسبب الضبط النسبي للأمن، خصوصا في المدن الكبرى". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "إحصاء النصف الأول من العام الجاري، بيّن أن حالات الخطف وصلت إلى 70 حالة، أغلبها من البالغين".

وتابع حمزة: "لم ترصد حالات قتل للمختطفين إلا لحالتين فقط، أحدهما مواطن في سرت تم قتله بعد تعذيبه، والصحافي موسى عبد الكريم في سبها".

من جانبها، أكدت البعثة الدائمة للأمم المتحدة في ليبيا، أن جرائم اختطاف المدنيين ترتكب على خلفية الاقتتال المستمر، وتزايد الأزمات السياسية والهجمات الإرهابية، سواء من تنظيم داعش أو غيره.


وأشارت البعثة في بيان سابق، إلى أن "انهيار نظام العدالة الجنائية لم يترك للضحايا والعائلات سبيلاً لجبر الضرر، حيث إن احتجاز الرهائن واختطاف المدنيين وتعذيبهم وقتلهم من جرائم الحرب التي يجب أن تتعقبها العدالة الجنائية". ودعت البعثة الأطراف الليبية إلى ضرورة معالجة قضية المفقودين والمختطفين كأحد تدابير بناء الثقة للوصول إلى تفاهمات سياسية، وصولا إلى سيطرة فعلية على الأرض تمنع تلك الجرائم وتضمن سلامة المواطنين.