أكثر من حفل زفاف في المغرب

أكثر من حفل زفاف في المغرب

03 اغسطس 2018
من حفل زفاف في المغرب (Getty)
+ الخط -
تكثر حفلات الزفاف في المغرب خلال فصل الصيف، خصوصاً الفترة التي تمتد ما بين عيدي الفطر والأضحى، في السنوات الأخيرة، وهي احتفالات تختلف بين منطقة وأخرى

تختلف عادات وتقاليد حفلات الزفاف في منطقة الجنوب في الصحراء المغربية، بالمقارنة مع الشمال المغربي، أو المناطق الأمازيغية، سواء في التحضير للحفل، أو خلال حفل الزفاف نفسه، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى.

وعلى الرغم من اختلاف التفاصيل في حفلات الزفاف المغربية، إلا أنها تتشارك في ثلاثة أيام رئيسية. الأول يسمّى "نهار الحمام". خلاله، تذهب العروس إلى حمام شعبي على مقربة من بيتها، برفقة صديقاتها وعائلتها، وتستحم بماء الورد.

واليوم الثاني يسمى "نهار الحنة" أو يوم الحناء. وتحتفل العائلة بالعروس من خلال وضع الحناء على يديها وقدميها وسط أهازيج. ثم يأتي العريس إلى بيت العروس برفقة أسرته، محملاً بهدايا عدة بحسب اتفاق مسبق بين الطرفين. والثالث هو يوم الحفل الكبير قبل "ليلة الدخلة".




وهناك يوم رابع يسمى "الصْباح"، وما زالت بعض العائلات تتمسّك به كأحد طقوس الزفاف المغربي. تأتي الأم وعدد من أفراد الأسرة إلى منزل العريس في الصباح الذي يلي "ليلة الدخلة"، محملين بما لذ وطاب لوجبة الفطور، ويعد هذا بمثابة تهنئة صباحية للعروس في أول يوم لها في بيت الزوجية.

وعن طقوس المناطق الجنوبية في الصحراء المغربية، تقول مي حدهم الصحراوية، التي تشرف على تنظيم حفلات الزفاف في مدينة الداخلة، لـ"العربي الجديد": "طقوس الزفاف المغربي التقليدي في الصحراء ما زالت تمارس حتى يومنا هذا، على الرغم من التحولات الكثيرة التي جعلت العرس يميل إلى أن يكون حضرياً، ويفكّر في عرس على غرار باقي مدن المملكة". وتوضح أن حفل الزفاف في المجتمع الصحراوي يبدأ بقراءة الفاتحة بين أسرتي الفتاة والشاب، ثم يقدم "الدفوع، وهو عبارة عن إبل وهدايا ثمينة تنم عن محبة الشاب للفتاة وتقديره لها ورغبته في كسب رضاها"، مضيفة أن العريسين يرتديان ملابس صحراوية معروفة، وهي "الدراعية" للرجل و"الملحفة" للمرأة.

تضيف أنّ الزفاف الصحراوي يُقام في أحيان كثيرة داخل الخيام التي تمتلئ بالزوار والأهل. ويأتي أصدقاء العريس لتهنئته، على رأسهم "لوزير"، أقرب أصدقاء العريس. وتردّد الأهازيج باللهجة الحسانية التي تتمنى الطمأنينة والخير للعريس وزوجته.

وفي المناطق الأمازيغية، ما زالت طقوس الاحترام والحشمة تسود حفلات الزفاف. ويختار الشاب الفتاة من خلال وسيط، ثمّ تزور أسرة الشاب عائلة الفتاة محمّلة بهدايا غالباً ما تكون عبارة عن حليب وسكر تفاؤلاً باللون الأبيض، وهو ما يسمى "أس وسيكل". ومن طقوس حفل الزفاف الأمازيغي، أنّ الفتاة تختار أحد أركان البيت وتجلس فيه، ما يسمى "تاغميرت"، تحضيراً للعرس المرتقب. وتضع أسرة العريس منديلاً أبيض اللون فوق سطح البيت إيذاناً بعرس سيقام في المنزل. ويستعد للحفل سكان القبيلة أو الحي.

عروس مراكشية (Getty) 












وفي شمال المملكة طقوس أخرى لحفلات الزفاف، خصوصاً في فصل الصيف، تمتد على مدى أربعة أيام رئيسية. الأول يسمى "حفل النبيتة"، وتضع العروس الحناء على يدها. والثاني يوم "الظهور"، وتحضر نساء العائلتين والجيران فقط من دون الرجال، وتظهر فيه العروس بألبسة تقليدية جديدة من اختيار وإشراف سيدة تسمى "الزيانة"، ويسميها أهل البلاد "النكافة". في اليوم الثالث، يحضر الجميع رجالاً ونساء، فيما يكون اليوم الرابع مخصصاً لإقامة حفل نسائي في بيت أهل العريس.

إلى ذلك، تقول أستاذة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة مراكش، نعيمة المدني، لـ"العربي الجديد": "حفلات الزفاف عبارة عن عادات اجتماعية، تتكون من مجموعة من العناصر التي تحكم اندماج الفرد في المجتمع وانتقاله من الطبيعة الفردية إلى الثقافة الجماعية". تضيف أنّ حفلات الزفاف وسيلة للتعبير عن الانتماء والهوية الجماعية، وهناك اختلاف بين حفلات الزفاف بحسب الانتماء الإثني والقبلي"، موضحة أن "هذه المحددات الاجتماعية تتفوق أحياناً على العوامل الطبيعية والإيكولوجية، حين نجد اختلافاً في طريقة الاحتفال بين قرى تنتمي إلى المجال الجغرافي نفسه (قبائل الخلوط في شمال المغرب مثلاً)، نظراً إلى اختلاف الجذور الاجتماعية لكل قرية".




تضيف: "العديد من الدراسات أظهرت مقاومة بعض طقوس الزفاف للتغيرات، على الرغم من اختفاء السياق الاجتماعي والثقافي الذي رافق ظهورها، ما يفسر احتفاظ المجتمعات بالطابع المحلي لحفلات الزفاف كوسيلة من وسائل المقاومة التي تمارسها المجتمعات، خصوصاً التقليدية". وترى المدني أنّ "طقوس حفلات الزفاف تعدّ إحدى وسائل التمايز الاجتماعي والتعبير عن الطبقة الاجتماعية، وتعيد رسم الحدود بين الوسط القروي والحضري". تضيف: "أثبتت الدراسات أنه على الرغم من اتجاه الحضريين نحو تنميط حفلات الزفاف وسط الطبقات الميسورة، يظل هذا الاحتفال في المغرب حاملاً للطابع الثقافي الذي يميز كل مدينة على حدة".