أصدقاء الطفولة

أصدقاء الطفولة

07 يوليو 2018
صديقات (Getty)
+ الخط -
ثمّة تفاصيل كثيرة تبقى عالقة في زاوية ما من أجسادنا، تعود لأيامٍ طويلة مضت. أيّام كنّا فيها أطفالاً ثمّ مراهقين في المدرسة، قبل أن نصبح رجالاً ونساء اليوم. ما اختبرناه في ذلك الوقت كان كبيراً. هي المرحلة التي إما ننجح فيها في بناء الثقة في أنفسنا أو نفشل إلى فترة طويلة، وقد تكون أبدية. هي المرحلة التي نجمع فيها ذكرياتنا الأولى، سواء في مشاعرنا وأذهاننا أو في صورٍ اعتدنا وضعها في ألبومات...

وفي يومٍ صرنا فيه أمهات وآباء، ونتحمّل المسؤوليّات، وننتمي إلى أكثر من عائلة، تبقى صور أردناها لأنفسنا ولم تتحقّق، وأُخرى تحقّقت ولم نردها. التجارب كثيرة، إلى حين الوصول إلى لحظة نكتشف فيها كمّ الوقت الذي أضعناه في أفكار غير موجودة، أو أقلّه ليست موجودة إلى هذه الدرجة.

والأساس في موقف الآخرين منّا في فترةٍ كنّا نتشكّل فيها كأطفال ومراهقين، استعداداً لمرحلة مختلفة كليّاً. ولم نكن لنفكّر في مراحل مستقبلية. في ذلك الوقت، كنّا مجرّد مراهقين نسعى إلى لفت الانتباه. نريد أن يعترف بنا الآخرون ويدعوننا إلى "مجموعاتهم"، ويضايقنا أن نصنّف ضمن الفئة المهذّبة أو المحافظة، وإن أقنعنا أهلنا بأنّنا سنكون من الفائزين في مرحلة لاحقة.



وكلّ هذا هراء. المنتمون إلى مختلف الفئات تغيّروا. وأيّ لقاء جديد بين هؤلاء، "أصدقاء الطفولة"، يكون محمّلاً بمشاعر جميلة، تختصر عودة إلى حياة بسيطة، خالية من المسؤوليات، باستثناء الرغبة في الانخراط في المجموعات، والقدرة على جذب الجنس الآخر، وغيرها. وتلك كانت ثقيلة في حينها، وقلّ ثقلها مع مرور الوقت، ليبقى منها "حزنٌ" لا عنوان له، لكنّه يبقى موجوداً ويعود مع كلّ أزمات الهوية والانتماء التي نمرّ بها.

لقاءٌ جميل. ملامحنا كما هي، باتت أكثر نضجاً، كما أجسادنا. نُتابع من حيث توقّفنا. نمرّ على ما حقّقناه في حياتنا سريعاً، كأنّ هذا ليس الأهمّ. في دواخلنا، ومن دون أن ننتبه، نقارن بين ما كنّا وما أصبحنا عليه. أفكارنا تغيّرت كثيراً، نحن أيضاً. كأنّ المراهقة مجرّد سقطة، قبل الانتقال إلى مراحل أخرى.

أحاديث سلسة، والذكريات لم تكن حاضرة بقوة. كنّا نحن، بما أصبحناه. والأفكار التي كونّاها صغاراً عن بعضنا بعضاً، ربّما مرّت في أذهاننا سريعاً، لتدعم تلك اللحظات التي استرسلنا فيها في فعل المقارنة، من دون أن نخبر أحدنا الآخر.

لقاء جميل وبسيط، نلتقي فيه أشخاصاً رافقناهم ورافقونا سنوات طويلة، قبل أن ينتقل كلّ منّا إلى حياته الجديدة التي ما زالت قيد البناء. وكم تغيّرنا.

دلالات

المساهمون