استقالة "طبيب الفقراء" تتحول إلى قضية رأي عام بالمغرب

استقالة "طبيب الفقراء" تتحول إلى قضية رأي عام في المغرب

26 يوليو 2018
أثارت قضيته جدلاً واسعاً (تويتر)
+ الخط -

تحوّلت قضية جراح الأطفال، الدكتور المهدي الشفعي، الذي يمارس عمله في مستشفى الحسن الأول بمدينة تزنيت شمال المغرب، ولقبه كثيرون بـ"طبيب الفقراء"، إلى قضية رأي عام، عندما قدم استقالته من وظيفته، بسبب ما اعتبره مضايقات إدارية وشكاوى قضائية ضده من طرف إدارة المشفى.

وفي رسالة وجهها الشفعي، (34 عاماً)، إلى وزير الصحة، أفاد بأنه عمل طبيباً خارجياً في أحد مستشفيات الدار البيضاء بين 2010 و2016، ويمارس مهامه في مشفى تزنيت، مورداً أن استقالته تعزى إلى "مشاكل إدارية وتعسفات غير قانونية واجهها منذ تسلمه مهامه الجراحية، مما انعكس سلباً على عمله وصحته".

ويخوض هذا الطبيب الجراح الذي يجري عمليات جراحية مجانية لفائدة أطفال المدينة الفقراء، ما جعله يكتسب لقب "طبيب الفقراء"، معارك إدارية وقضائية مع مدير المستشفى الذي اتهمه بسبه وشتمه على صفحته في "فيسبوك"، مطالباً بتعويض مالي قدره 80 ألف درهم في الجلسة التي من المقرر أن تُعقد في بداية شهر أغسطس/ آب المقبل.

الطبيب الشفعي قال في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إنّ الدعوى القضائية المرفوعة ضده ليست سوى شخصنة للقضية، وإن الملف أعمق وأكبر من ذلك بكثير، مبرزاً أن الأمر يتعلق بلوبيات في المدينة وفي الجهة التي تنتسب إليها تزنيت لا ترى عمله بعين الرضا، لكونه يجري عمليات جراحية مجاناً للأطفال الفقراء.

وأكد أنه لا يبحث عن الشهرة ولا عن إثارة الجدل، بدليل أنه كان يعمل لفترة طويلة من الزمن في صمت، يجري عملياته للأطفال المحتاجين من دون أن يكشف عن ذلك، لكن القضية بدأت عندما وجد نفسه يواجه جهات ترغب في توقيف تجربته المهنية بهذه المدينة.

كذلك أشار الطبيب إلى أن الأمر يتعلق أساسا بمن يقفون وراء المستشفيات الخاصة، إذ يعتبرون أنفسهم خاسرين من إجرائه عمليات جراحية للأطفال بالمجان، مشدداً على أن مبادئ مهنة الطب ونبلها تحتم عليه العناية بالطبقات المحتاجة، غير أنه تعرض للتعجيز والاستهداف من أجل ثنيه عما يقوم به.

المئات من سكان مدينة تزنيت لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام ما تم الكشف عنه من تعرض "طبيب الفقراء" للضغوطات وقرار استقالته، إذ هبّوا يوم أمس إلى مستشفى الحسن الأول، ونظموا وقفة تضامنية مع الطبيب الجراح الشاب، قبل أن تتحول الوقفة إلى مسيرة نحو مقر العمالة (محافظة المدينة).

وصرّح مشاركون في الوقفة التضامنية أنهم حضروا ليس لوداعه بعد قرار استقالته، ولكن من أجل مساندة هذا الطبيب الذي يصفونه بالنزيه والإنساني في محنته التي يجتازها، فيما أفاد مشاركون بأن الطبيب كان يعاملهم باحترام، وأنه كان حريصاً على علاج أبنائهم وعلى متابعة العمليات الجراحية لهم.

وفي الوقت الذي أكد فيه الشفعي أن الموضوع لا يتعلق بشخصه بقدر ما يتعلق بفساد يوجد في المنظومة الصحية ككل، دخلت أحزاب سياسية على خط هذه القضية، إذ بادر حزب الاستقلال إلى توجيه سؤال كتابي إلى وزير الصحة، جاء فيه أن "استقالة الدكتور المهدي الشفعي من عمله تعدّ مثالاً صارخاً عن المغادرة القسرية للمرفق الصحي العمومي، في الوقت الذي تعاني فيه المستشفيات من نزيف الموارد البشرية الكفؤة الملتزمة، خصوصاً بهذه المناطق النائية".

وبعدما اعتبر الحزب أن الطبيب الشفعي "يتمتع بسمعة قوية وتعاطف شعبي كبير، وبنكران الذات والجدية والتفاني في العمل"، طالب وزير الصحة بالتدخل "لإنصاف الطبيب الشاب، ورد الاعتبار له وإقناعه بمواصلة تقديم خدماته الطبية والتراجع عن تقديم استقالته، التي تفاعل معها الرأي العام على نطاق واسع بالتضامن والاستغراب".

 

دلالات

المساهمون