السلطات الفرنسية تخلي مخيم اللاجئين في مدينة نانت

السلطات الفرنسية تخلي مخيم اللاجئين في مدينة نانت

24 يوليو 2018
أخلت الشرطة المخيم صباح الإثنين (Getty)
+ الخط -
كما كان عليه الشأن في باريس، مرات عديدة، وفي معسكر كاليه وأماكن أخرى، أقدمت السلطات الأمنية الفرنسية، صباح الإثنين، على تفكيك مخيم للمهاجرين في سكوار دافييس، في مدينة نانت غرب فرنسا.

وتم توجيه أكثر من 400 مهاجر إلى قاعة "المساواة"، وهو مركز الاستقبال المؤقت الوحيد في المدينة، حيث ينتظرون أن تقوم السلطات المختصة بدراسة ملفاتهم في أفق تسوية أوضاع من يحق لهم البقاء في فرنسا.

وكان مبرر تفكيك هذه الخيام في نظر السلطات الأمنية هو "وضع حدّ لوضعية تمثل مخاطر عالية على الصحة والسلامة من الأمراض".

ومثلما هو الشأن في مراكز الاستقبال والتوجيه في باريس وغيرها على التراب الفرنسي، ستتم دراسة كل ملف على حدة، من قبل مصالح المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج (OFII)، والمديرية الإقليمية للتماسك الاجتماعي (DDCS) والمصلحة المدمجة للاستقبال والتوجيه (SIAO).

ولا يزال الغموض سيد الموقف، حيث ينتظر هؤلاء جميعاً أن يحصلوا على سكن وعنوان، ولكن هذا الأمل، وحسب الجمعيات التي تقوم بمساعدتهم، فإنه من الصعب تحقيق هذا الهدف بالنسبة لجميع من كان يتواجد تحت الخيام.

ولا أحد يعرف العدد الحقيقي الذي سيستفيد من سرير ينام عليه، وإن كانت السلطات الأمنية أكدت أن الأشخاص الذين يوجدون في حالة صعبة من نساء، خاصة الحوامل، والأطفال والمرضى، سيحصلون على إقامة. وأما طالبو اللجوء، فإنه، وحسب وضعيتهم وأيضاً الأماكن الشاغرة، سيتم تنظيم إيوائهم ثم توجيههم نحو مركز استقبال لطالبي اللجوء.

وبما أن طاقة استقبال طالبي اللجوء وصلت لحدها الأقصى في المنطقة، فإنه سيتم توجيه العديد من هؤلاء المهاجرين إلى مراكز إيواء على مجموع التراب الوطني.

وأما من لا حق لهم في طلب اللجوء ولا الإقامة، أو من وجب عليهم التقدم بطلب اللجوء في بلد أوروبي آخَر، فسيتم الطلب منهم مغادرة الأراضي الفرنسية. وهذا ما عبّرت عنه تصريحات حكومية متعددة، أكّدها الرئيس الفرنسي، الذي عبّر في عز الأزمة الأوروبية الأخيرة حول الهجرة عن رفضه استقبال "لاجئين اقتصاديين".

وكدليل على أن ظروف الاستقبال غير كافية، كما تحذر الجمعيات الطبية وتلك التي تهتم بشؤون المهاجرين واللاجئين، فإن السلطات الأمنية وزّعت، صباح الإثنين، نحو 455 طلب إخلاء من معسكر سكوار دافييس، ولن يتم إيواء أكثر من 220 شخصاً منهم، 80 منهم بصفة استعجالية في مدينة نانت، و140 بصفة نهائية، 80 منهم خارج المنطقة و60 آخرون في المدينة وضواحيها. والباقي سيبيتون في العراء.


وكانت عمدة المدينة، الاشتراكية جُوانا رولاند، وإلى فترة قريبة وحتى تاريخ 14 يوليو/تموز، ترفض قرار ولاية الأمن بإخلاء المخيم، الذي تشكَّل قبل أكثر من شهر، في قلب المدينة، من ساكنيه. وهو موقفٌ مشابهٌ لموقف عمدة باريس، الاشتراكية آني هيدالغو، التي رفضت إلى آخر لحظة السماح لقوات الأمن بإخلاء الخيام المنتشرة في شوارع باريس وعلى ضفاف نهر السين، بسبب غموض موقف الداخلية، وخوفاً من تواجد هؤلاء، مرة أخرى في الشارع.

وصرحت جُوانا رولاند في بيان صادر عن البلدية بأن "مدينة نانت ترفض التقدم بطلب الإخلاء على الرغم من الأمر الذي تلقته من ولاية الأمن". وأعلنت عن استعدادها، بالتعاون مع الصليب الأحمر وجمعيات محلية، لتمويل وإعادة تنظيم المخيم، الذي تسوء أحواله يوماً بعد آخر.

وتعتبر الظروف الصحية في المخيم مثيرة للقلق، بسبب تضخمه واستقباله لوافدين جدد، فقد ازداد عدد المقيمين، في فترة قصيرة، من 170 شخصاً إلى أكثر من 400 شخص.

ودقّت جمعية "أطباء العالَم" ناقوس الخطر من وضعية مئات من المهاجرين بصدد التحول إلى أزمة إنسانية. وأكدت أنها قررت، في مواجهة جمود السلطات العمومية، إطلاق عملية استعجالية، تتمثل في "وضع مصحات متنقلة من أجل تقديم استشارات وعلاج".

ويعود سبب تكدّس "سكوار دافييس" إلى إفراغ السلطات، قبل فترة قصيرة، بنايَتَين كان يحتلهما مهاجرون، إضافة إلى وصول مهاجرين جدد من إيطاليا وإسبانيا، معظمهم سودانيون وإريتريون. وهو ما جعل طلبات اللجوء ترتفع بنسبة 28 في المائة في الوقت الذي شهدت فيه مدن ومناطق فرنسية أخرى انخفاضاً في طلبات اللجوء.

ويبدو أن موقف السلطات الأمنية من إفراغ الخيام، هو الاستجابة لشكاوى العديد من قاطني المدينة وأيضاً توجيهُ رسالة إلى كل من يحاول القدوم، مفادها أنّ المنطقة لا تستطيع بذل أي مجهود إضافي.

وكانت لفتة إيجابيةً ما صرحت به عمدة البلدية من قيام أعوان البلدية بتجميع الخيام وأغراض المهاجرين، الذين غادروا خيامهم، صباح اليوم، على عجل، وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين.